الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 22:02

الحرية انشودة الانسان عبر الأزمنة بقلم: جريس بولس كفرياسيف

كل العرب
نُشر: 15/01/10 14:30,  حُتلن: 14:47

* من الناس من يقاتل لحريَّة جسده

* إن من علامة الشعب الناضج الا يكون حراً وكفى

* الحرية بدون نظام ما هي إلا ابنة التشويش والفوضى

*  فإذا أردنا النقد أردناه شتماً وهدماً، كأن ليس في الوجود سوانا

* الزلزال لا تعتبره الطبيعة من مظاهر الحرية في الطبيعة، لانه مهدم للعمران

* الحياة بدون الحريَّة كجسم بدون روح، والحريَّة بدون نظام ما هي إلا ابنة الفوضى

*  إن خرجت عن مداها المعقول لم تتعدَّ ان تكون الفوضى المشوشة التي لا تنتج ألا الفوضى

* الحرية أُغنية اليوم، كما كانت أُغنية الأمس، وستكون أُغنية الغد، لانها أُغنية الانسان الخالدة

قد تختلف الحرية التي يناضل من اجلها الانسان، ولكنها تبقى دائماً " الحريَّة"، فمن الناس من يقاتل لحريَّة جسده كالعبد الذي يستعبده القوي، ومن الناس من يناضل لحريَّة نفسه وحرية عقله، ومن الناس من يكافح لحريَّة الآخرين. مثل هذه الحرية لا تزال موضوع النضال الدائم، لأن الأنظمة الإجتماعية التي انفقت على منح هذه الحرية للإنسان لم تستطع ان تؤمنها له، كما يريد، في كل زمان ومكان.
ولكنها تقدمت وتحققت في كثير من المواطن، برغم القوانين الشاذة والأنظمة المضروبة حول هذه الحرية لأنها إرث طبيعي للإنسان، وما وهبته الطبيعة لا يقدر الإنسان على خنقه! ولكن إلى اي مدى تنطلق هذه الحرية؟ إنها، إن خرجت عن مداها المعقول لم تتعدَّ ان تكون الفوضى المشوشة التي لا تنتج ألا الفوضى. والطبيعة – وهي ام الحريَّة لا تتباهى بحريتها إلا إذا كانت ضمن حدودها الطبيعية وقوانينها الموضوعة.

 كُلُّه يجب ان تنتهي حدوده
فهذا الزلزال، في جزء من الأرض، لا تعتبره الطبيعة من مظاهر الحرية في الطبيعة، لانه مهدم للعمران، وهذا طغيان النهر على جزء من اليابسة المعمورة لا يمكننا إعتباره من مظاهر الحرية، بل هو فوضى مخربة، لا بد ان تهدأ سريعاً كما فارت سريعاً، لانها ليست من قوانين الحرية والطبيعة!
كذلك الذي يريد ان يفهم حريته ان يطغى على غيره باسم الحرية ليس بِحُرٍّ، والذي يريد ان يهضم حق غيره وحريته ليس بِحُرٍّ، فقد يكون من حقك ان تعتقد بينك وبين نفسك ما تشاء، وان تقول ما تشاء، ولكن هذا كُلُّه يجب ان تنتهي حدوده، حين تصل إلى حدود غيرك!
إن الداء القاتل للحرية هو ان نستخدم الحرية استخداماً متطرفاً يبعثنا عليه نقص في التسامح الاجتماعي، والحياة الاجتماعية، وغُلُوْ في التعصب البغيض .... فإذا أردنا النقد أردناه شتماً وهدماً، كأن ليس في الوجود سوانا، وأذا آمنا بفكرة بخسنا حق كل فكرة اخرى، كأنَّ لم يوهب العقل غيرنا. وأذا اعتنقنا مذهباً عادينا كل من يخالف مذهبنا عداءً عنيفاً، كانما آفاق الحريّة الرحبة لا تتسع إلا لأنفسنا وافكارنا!

التحامُل الدنيء والاتهام الرخيص
فأين حدود العقل الواعي السمح الذي يقولنا: "أذا أردت ان تحترم رأيك وتعالجه بحريه فاحترم رأي غيرك ودعه يعالجه بحريه!" الحريّة، في الحقيقة، يَجْمل بها ان تبقى منطلقة طليقة ما لَمْ تتعدَّ على حرية الغير واذا فهم صاحبها منها الإعتداء والأنانية والتعصب للهوى لم تبق حرية، بل انقلبت إلى عداوه لا تزرع إلا الحقد، ولا تجني إلا الاضغان.
إنني اومن بان الانسان من حقه ان يفكر بحريه، ويعبر عما يريده بحريه، وان يدافع عن فكرته، ويحاول ان ينشرها بعزيمته، ولكني لا أومن بأن يحاول عمل ذلك بالجدل السفيه، والتحامُل الدنيء والاتهام الرخيص ... ثم لا يفهم فكرته إلا فهماً ضيقاً محدوداً ناسياً ان العلاقة الوطنية بينه وبين اخوانه هي فوق كل شيء، لان الوطن وحده يبقى، بينما الأفكار تتحول وتتبدل، وما نجده اليوم صحيحاً يتجاوب مع هوى نفسك قد لا يكون غداً إلا سراباً خادعاً.

الافكار ترث الافكار
ولنا في التاريخ والحياة، بل في انفسنا امثلة كثيرة على الافكار ترث الافكار، والمبادىء تلقف المبادىء، والأجيال تبتلع الأجيال والعصور تنسف العصور. إن من علامة الشعب الناضج الا يكون حراً وكفى! ولكن علامة النضج فيه ان يفهم الحريه فهماً شاملاً، واسعاً، يؤهله لأن يضع الامور في مواضعها بدون رقيب، وان يحسن التدليل على حريته باحترام حرية غيره، على غير تجاوز واعتداء، لان الحياة – عنده – بدون الحرية كجسم بلا روح، والحرية بدون نظام ما هي إلا ابنة التشويش والفوضى.

مقالات متعلقة