الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 16:02

جدلية الهدم والبناء بقلم المحامي: علي حيدر

كل العرب
نُشر: 13/01/10 19:33,  حُتلن: 08:11

- علي حيدر :

* البيوت تقتل كما يقتل سكانها  ، (محمود درويش)

* الوضع الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع العربي آخذ بالتردي
 
* محاولة التضييق والخنق والتحكم والسيطرة، والمدفوعة بما يسمى "التهديد الديموغرافي"

* الحكومة تعمل على اختراع واستحداث معيقات ومعايير من أجل تكريس السياسة الإسرائيلية

إن المتابع لتطورات الأحداث في المجتمع الفلسطيني في الداخل، يلحظ، مؤخرا، تصعيدا في عمليات هدم المنازل والبيوت العربية، وفي المقابل، يلحظ عملية تخطيط وعمل على بناء أحياء ومستوطنات وتجمعات سكنية ومدن يهودية. وقد أظهرت دراسة أعدها المركز العربي للتخطيط البديل، مؤخرا، أن 165 مبنى عربيّ الملكية هُدموا خلال عام 2009 في مختلف أنحاء البلاد. إن هذه الظاهرة، والتي هي ليست بالجديدة، بل ترافق الدولة منذ نشأتها هي ظاهرة آخذة بالتفاقم والإزدياد بتسارع كبير، مما دفع بسكرتارية لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، والتي التأمت في نهاية الأسبوع الماضي، إلى مناقشة التصعيد السلطوي في سياسة هدم البيوت العربية، وخصوصا في النقب والمثلث ومدن الساحل، وقررت إجراء زيارات ميدانية إلى أصحاب البيوت المهددة بالهدم في مدينة اللّد وفي وادي عارة. بالإضافة إلى ذلك، ستوجه لجنة المتابعة رسائل إلى كبار المسؤولين في الدولة، لعرض مبادرة لتجميد هدم المنازل العربية، مقابل عدم البناء "غير المرخص"، خلال فترة زمنية محددة، وإعداد ورقة مفصلة في هذا الخصوص، لعرضها في اجتماع خاص مع المسؤولين الحكوميين.

  أرض أكثر وعرب أقل
وقبل أن نخوض في محاولة فهم أسباب تصعيد ظاهرة الهدم، وتبعاتها وأبعادها وكيفية مواجهة هذه السياسة المنهجية والعنصرية المستمرة، يترتب علينا التأكيد بأن الدول الديمقراطية الحقيقية تضمن الحق بالمسكن لجميع مواطنيها، وتسهّل لهم الأمور والإجراءات، وتزيل المعيقات والشروط أمام تجسيد هذا الحق، أما الوضع في البلاد فهو معاكس تماما، حيث ان الحكومة تعمل على اختراع واستحداث معيقات ومعايير من أجل تكريس السياسة الإسرائيلية والتي تقول"أرض أكثر وعرب أقل" أو محاولة تهويد الحيز العام وتأكيد يهودية الدولة. باعتقادي، هنالك أسباب عديدة تقف في صلب ظاهرة هدم المنازل، من بينها عدم السماح للسلطات المحلية العربية بتوسيع مناطق النفوذ، أو بتوسيع الخرائط الهيكلية أو طول الفترة المطلوبة لاستصدار رخص البناء، أو المبالغ المطلوبة للدفع مسبقا، وخصوصا أن الوضع الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع العربي آخذ بالتردي، بالإضافة إلى محاولة التضييق والخنق والتحكم والسيطرة، والمدفوعة بما يسمى "التهديد الديموغرافي". كما تسعى المؤسسة إلى محاولة ابتزاز أو استدراج المهددين بالهدم وإسقاطهم في خدمتها وخدمة توجهاتها.

 قضية الأرض والمسكن تقف في صلب الهوية الوطنية
هنالك تبعات وأبعاد نفسية، اقتصادية، اجتماعية وسياسية، لعمليات الهدم. ولكن، يترتب علينا في هذه المرحلة إجراء مراجعة لوسائل النضال التي انتهجناها حتى الآن، لمواجهة هذه الظاهرة، ومن ثم وضع إستراتيجية مواجهه تستند إلى ركيزتين أساسيتين، وهما: منع الهدم وإعادة البناء. ويتطلب هذا عملا جماعيا وحدويا مدروسا ومنظما، يحقق نتائج عملية ومحسوسة على أرض الواقع، مع العلم بأن أي عمل نضالي في مثل هذه الحالات يحتاج إلى الصبر والمثابرة والشجاعة والإبداع، وخصوصا أن قضية الأرض والمسكن تقف في صلب الهوية الوطنية إلى جانب قضية التعليم والوجود. إضافة إلى هذه الخطوات العملية التي سنقترحها لاحقا لمواجهة سياسة هدم المنازل، يمكن للسياسة العامة أن تساهم في تدعيم المساكن والتطوير في البلدات العربية، وذلك من خلال ما يلي:
1. وضع قضية لاجئي الداخل وعودتهم على جدول الأعمال.
2. توسيع عمليات التخويل، وتطوير الأراضي المعدة للسكن.
3. تشجيع إنشاء المساكن العامة للمحتاجين إليها، وخصوصا في المدن.
4. منح الراغبين في امتلاك الشقق دعما، بواسطة تقديم مساعدات في تكلفة "ابنِ بيتك"، واتّباع أسلوب البناء التقليدي "المقاولة".
5. تطوير المباني العامة والبنى التحتية ذات الجودة العالية في الأحياء السكنية الجديدة، التي يجري تخطيطها على أراضٍ عامةٍ.
6. تنظيم وتوجيه أسعار الأراضي، لغرض عرض شقق بأسعار معقولة، وذلك من خلال تخفيض الضرائب المفروضة على الأرض، وزيادة عرض الأراضي المعدة للسكن.
7. اعتراف حكومي بالبلدات العربية غير المعترف بها من قبل الحكومة، وخصوصا في النقب، بالإضافة إلى المصادقة على بناء بلدات عربية جديدة، سيما وأنه منذ عام 1948 حتى الآن، لم تبنَ أية بلدة عربية، بينما بنيت أكثر من 740 بلدة يهودية.
8. إنشاء آليات وأدوات تمكن من الاعتراف بالأحياء العربية في المدن المختلطة، وتوسيع وترميم البيوت "بالمفتاحية"، واقتناء البيوت من قبل القاطنين فيها، بأسعار متدنية.
9. إلغاء قوانين المصادرة وجميع الإجراءات التي تميز ضد العرب في مسائل الأرض، توسيع مناطق نفوذ البلدات العربية وضم أراضٍ عامة إليها، بغية تحصيصها لبناء أحياء سكنية جديدة، والقيام بتخطيط يُراعي احتياجات السكان.

 يترتب علينا توجيه احتجاجنا أيضا إلى سفراء الدول الأجنبية
- ان النضال لمنع سياسة هدم المنازل يتطلب عملا جماهيريا شعبيا، كما ويتطلب الاعتماد على الذات وتأسيس لجنة شعبية في كل بلدة وبلدة، وتشكيل تنظيمات لوائية، تعمل جميعا في إطار لجنة فرعية للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وبذلك نضمن التواصل بين القواعد الشعبية والقيادات السياسية.
- بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل بوسائل قانونية، سواء أمام المحاكم الإسرائيلية أو المحاكم الدولية. كما يترتب علينا توجيه احتجاجنا أيضا إلى سفراء الدول الأجنبية، والى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، من خلال إرسال رسائل، أو ترتيب لقاءات معهم، أو دعوتهم لزيارة مواقع هدم المنازل، والوقوف عن كثب على وضع أصحابها.
- يجب تعميق التكافل والتضامن القومي والاجتماعي والعمل بشكل جماعي لدعم العائلات المنكوبة، ومساندتها مهنيا وماديا، وخصوصا بواسطة توفير الدعم القانوني، أو التخطيطي قبل عملية الهدم أو بعدها من قبل الاتحادات المهنية والمؤسسات الأهلية العربية.
- كما يجب علينا العمل، بشكل تكاملي، بأدوات إضافية مثل تعضيد ومرافعة مقابل الحكومة، وزيادة الوعي لدى المسؤولين والمجتمع اليهودي، وعدم السماح للخطاب الذي يضللهم، بأن العرب "يبنون بشكل غير قانوني قصدا" والشرح حول المعيقات التي تحول دون ذلك، والتأثير على وعيهم، وذلك من خلال وضع استراتيجية إعلامية واضحة ومستمرة، كما ويجب العمل مقابل البرلمان، لتحقيق نتائج ملموسة.

مقالات متعلقة