الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 02:01

هروب من عزلة- بقلم : كميل خاطر (أسير محرر، الجولان السوري المحتل)

كل العرب
نُشر: 06/01/10 22:45,  حُتلن: 07:53

* قُدر لنا أن لا نلتقي إلا على عتبات حلم.. لا نلتقي ما فتئ ذلك الجهل حاضراً

* مات ذات الكهل حين اغتيلت المفاجأة.. حين بقي على ضفاف النهر دون حلم

* قم يا صديقي... ألا ترى نفسك ميتا إن انزلقت يدك المعلقة على ذلك الغصن الرخو الممدود نحو الوادي

- لن يأتِ ذلك الفجر... لن أرَ ذلك الحلم بعد.... مختبئ حيث الضباب يغشي ذاكرة القلوب. أغمضت عينيّ مراراً لأوقظ البذار الراقدة فيها وحين أحتضن إحداها صدفة لا أجد ماء, فالماء جف وما بقي غير أوهام.
- سئمت وجهي السابق, سئمته كونه جميل.. الغيم حل مكان قبس عينيّ, ولم يبق غير فسحة صغيرة.
- دلفتُ نحو ضوء عينيّ شغوفاً, فلم أرَ سوى بؤسي وما يراه من ينظر في مرآة حاضره, وهوامش من خلفية مشهد به ألم, به حلم وبه أحمل وجوه أصدقاء.
- كم من منتظر في برزخ الحياة قبل بلوغه حلم الجنة, ولربنا وهمها..
وكم أنتظر في برزخي – الواقع ما بين الأسر والحرية - قبل بلوغ حلم..
كم أود أن أكون حبيب الحرية المُنتظّر وليس جسداً هارباً واهما..
كم أبغض الانتظار..
-قُدر لنا أن لا نلتقي إلا على عتبات حلم.. لا نلتقي ما فتئ ذلك الجهل حاضراً.
رصاص وقيود هناك.. رصاص وقيود ما بعد عتبات الحلم.. متْ قالا .. لن أموت يا سيدا الحدود.. لن أمتْ همساً قد قلتها لزهور الوادي, حيث انتزعت أحاسيسي من أعماقي, همساً تألمت حينها, أنيت وأصدرت صيحات خافتة كما وأني في ذروة ممنوعة.
-امتثلت أمام بابين لا يحوّكهما ناظري.. لوهلة احدهم وطن لي, والثاني وطن ليس لي.
بابان لم يفتحهما ولم يغلقهما أحد, تنبجس وراءهما شمس غريبة لا صفاء فيها ولا وردة في كتاب حيث جلست مره.. مرتين أو أكثر ولم يكن حولي سوى عراء بارد.
-رابية كانت تحمل جسد كهل ومزمار... صوته لم يأتِ... كان يصغي لألم قديم.. كان يصغي لألم حديث ولألم لا متسع له قد يحل غداً
مضى جدي دون أن يذرف دموع بعد أن انتظر طويلاً سعادة أبت أن تأتي من كهوف الكآبة.
-عبثي سيد الدولة كجلجامش .. عبثي سيد الدولة كجلجامش, تتساقط وريقات غصنيه عند الخريف, لا ربيع لدينا وخريفنا طويل.. لا شمس فيه ونجومنا تتلألأ ..
تنتحر هالة الفيء لشجرته عند كل فجر, وأغصانه لا تحمل سوى قبعات الغرباء وشال للكاهنة شمخات.
-ركبت مقود حلم جدي.. غفوت برهة, غفوت دهراً فلم أصل إلا إلى بلاد لا تبصرني. صليت كصلاة خائف, كسنبلة برية قُلعت جذورها ودست عنوة في حقل حنطة لا يزوره اله.. كمسافر محفوفة طريقه بالوحشة لا يملك سوى أوهامه.
-مات ذات الكهل حين اغتيلت المفاجأة.. حين بقي على ضفاف النهر دون حلم..
مات حين تبخرت شفاه المنّداه بالسؤال.. حين ركن جسده للحائط.. حين محا وجهه سقطت قطرات من عيني حفيده... ومن قلبي انسل خوف من سيف سيد منتصر.
-مطر يغسل الطريق... مطر غائب يغسل مدينه.. رائحة مطر تعانق قبراً فتضيء سراج أسرارها.
-حائرة نظراتي كما غمام الغيوم.. مبعثرة تنهيداتي كما زهرات وطن.. يدي مبتورة وبئر عودتي مطمور لا يلوح في أفقه غير مطر.. أسود غيم المطر في بلادي.. وينابيعه لا تسقي سوى أشواك حقل وذباب
ارحلي أيتها الليالي أيتها الأشواك والذباب أو سنلتحق بخبز وطننا الراحل.
-ليس لدينا ما ننتظره حينها غير رماد العينين وجراحها.
لا غابة سنبصرها ولا وردة.
بندقية لربما ترافق دربنا.. هكذا لربما نكون.
-قم يا صديقي.. قم من غفوة الماضي.
حتى الحجارة ملت الركود.. ملت الصمت
قم يا صديقي. ألا ترى نفسك ميتا إن انزلقت يدك المعلقة على ذلك الغصن الرخو الممدود نحو الوادي.

مقالات متعلقة