* محكمة الجنايات الدولية أصبحت تشكل الآن وبشكل مفاجئ لإسرائيل خطراً محتملاً

* إذا ما اتخذت هذه المحكمة قرارها بالنظر في الشكوى التي تقدمها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل فإن ما جاء في تقرير غولدستون من إدانة لإسرائيل سيصبح لائحة الاتهام في هذه المحكمة وفي أي محكمة وطنية محلية

اعترف دانيال رايزنير رئيس الدائرة الدولية السابق في قيادة الجيش الإسرائيلي قبل أيام أنه لم يكن يخشى في الماضي من ملاحقة محكمة الجنايات الدولية الخاصة بجرائم الحرب لإسرائيل لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة ولا تمثل دولة لكن المدعي العام في هذه المحكمة لويس مورنيو أوكامبو لم يستبعد أن تتمتع السلطة الفلسطينية بصلاحية تقديم شكوى ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.. وأشار رايزنير إلى أن اوكامبو نفسه قام بمراجعة لصلاحيات هذه المحكمة وطبيعة استلامها للشكاوى ووجد أن النظر بشكوى من السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل أمر ممكن ولذلك أقر رايزنير أن محكمة الجنايات الدولية أصبحت تشكل الآن وبشكل مفاجئ لإسرائيل خطراً محتملاً، كما أقر بخطئه حين وافق على قرار اتخذته قيادة الجيش الإسرائيلي بمنع إجراء تحقيقات مع قادة وجنود إسرائيليين ارتكبوا مخالفات في أنظمة الحرب أثناء عملياتهم العسكرية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أثناء الانتفاضة عام 2000 وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن رايزنير حذر من خطر هذا التطور في عمل محكمة الجنايات الدولية وقال: «إذا نفذ هذا الأمر فسوف يحمل معه نقطة تحول سلبية في مكانة إسرائيل في المجتمع الدولي» ويبدو أن خوف إسرائيل من محكمة الجنايات الدولية واحتمال إقرارها النظر بجرائم الحرب الإسرائيلية كان من بين أهم الأسباب التي دفعت أفيجاي ما نديلبليت العميد في الجيش الإسرائيلي والمحامي العام في الجيش إلى إجراء تحقيق صوري شكلي مع ضباط وجنود إسرائيليين شاركوا في الحرب على قطاع غزة. وبهذا الصدد قال مانديلبليت أمام اجتماع المحامين في الجيش إنه لا يرى وجود أي خطر لمحاكمة إسرائيل من قبل الأمم المتحدة ولا من قبل جمعيتها العامة التي تقرر أن تستمع إلى تقرير الدفاع الإسرائيلي عن الاتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد البشرية خلال الأسابيع الخمسة المقبلة بما في ذلك رد إسرائيل على تقرير غولدستون.

وتوقع مانديلبليت أن تنخفض ضغوط الأمم المتحدة على إسرائيل في هذه القضية بفضل التدخل الأميركي رغم أن تقرير غولدستون يرفض قيام الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق مع جنوده بل يدعو إلى إجراء التحقيق من قبل هيئات قضائية غير عسكرية إسرائيلية. ويبدو أن إسرائيل أعدت تحقيقاً صورياً قام به ضباط الجيش ووضعوا من خلاله الاستنتاجات التي تبرئ الجنود والضباط من تهم ارتكاب جرائم أو مخالفات لأنظمة الحرب وقوانين جنيف المعتمدة دولياً لعرضها على الأمم المتحدة التي تخضع لهيمنة الفيتو الأميركي. ولذلك جاء تحذير رايزنير من محكمة الجنايات الدولية التي تستند في إجراءاتها للنظر بالشكاوى والمحاكمة على ميثاق روما وليس على الفيتو الأميركي ودوره في تعطيل عمل الأمم المتحدة وإذا ما اتخذت هذه المحكمة قرارها بالنظر في الشكوى التي تقدمها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل فإن ما جاء في تقرير غولدستون من إدانة لإسرائيل سيصبح لائحة الاتهام في هذه المحكمة وفي أي محكمة وطنية محلية تقر صلاحياتها النظر بمثل هذه الشكاوى من أي طرف كان على غرار ما قام به بعض المحاكم الملحية البريطانية والإسبانية في الآونة الأخيرة. فقد أصبحت إسرائيل محاصرة بشبكة من الإجراءات القضائية الرسمية في عدد من الدول ولن يستطيع قادة تل أبيب في النهاية من تغير دساتير وقوانين جميع دول العالم بما يخدم ويغطي جرائم حربهم وهذا ما يشكل عامل قوة إضافية بأيدي الفلسطينيين، وهو عامل قوة لا ينبغي التنازل عنه بل أصبح من الملح تطويره وتعزيز قدرته.