الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 14 / مايو 09:02

غياب التسامح في اليوم العالمي للتسامح بقلم: الشيخ ابراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 01/01/10 13:59,  حُتلن: 15:15

الشيخ ابراهيم :

مرت الأيام الأخيرة ثقيلة على النفس بسبب ما سجلته من أحداث عنف حَطَّتْ على صدر مجتمعنا العربي بثقلها حتى ما عاد قادرا على التقاط أنفاسه، وأصبح الواحد منا ينظر إلى الآخر ( نظر المغْشِيِّ عليه من الموت..) ... كثر العنف واستشرى في كل زاوية في مجتمعنا العربي ، حتى لكأن مفاهيم التراحم والتعايش والتسامح والمحبة ، وإشاعة العفو، والسلام، والعدل، والإحسان، والحوار، والحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، والصبر، والمداراة، والعيش المشترك ، والصفح الجميل، والهجر الجميل ، والتي هي أزهى ما في حياتنا من قيم وفضائل ، وأجمل ما منحنا الله الخالق ، ليست منا ولسنا منها ، غريبة عنا كما نحن عنها ، حينما استبدلناها بآلات الجاهلية الأولى ، فأصبحت صناعة الموت التي أشعلت النار في كل مكان ودخلت كل بيت ، وهددت أمن كل مَنْ وما يَدُبُّ على أرض ، تماما كما كان حالنا قبل الإسلام ، حرفتنا التي لا نحسن غيرها ، ومهنتنا التي ما برعنا إلا فيها ...
كان من أخص خصائص الجاهلية الأولى التي عاشها العرب قبل أن يُبْعّثَ فيه سيد الخلق أجمعين بالنور من الله للعالمين ، أيامٌ عرفت في التاريخ ( بأيام العرب ) ... قد يظن غير الخبير بوقائع الزمان وبالذات زمان العرب ، أن تلك أيام كانت ألأعظم إنجازا ، ولن الحقيقة المؤلمة إن تلك الأيام كانت الأشد حلكة وظلاما ، لأنها كانت شاهدة على مدى الانحطاط الذي عاشه مجتمع العرب ، حيث كان ( العنف ) لأتفه الأسباب المحرك لحروب طاحنة هَدَّتْ كيانهم وشتتت شملهم ومزقت وحدتهم وطحنت أجيالهم وأضعفت قوتهم ، وجعلت وجودهم في مهب الريح وعلى كفة عفريت ...
جاء الإسلام فأبدلهم بذلك العنف وتلك القسوة أسمى ما في الوجود من معاني الحب والرحمة في غير ضعف ، فكانوا كما قال فيهم ربنا سبحانه : " ... هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم.”، وكما قال أيضا: " محمد رسول الله والذين معه أعزاء على الكفار رحماء بينهم..." ...
ما الذي دهى مجتمعنا حتى بدأ يحث الخطى نحو الوراء ... نحو تلك الجاهلية المهلكة التي كانت كالسوس الذي ينخر في عظام امة العرب ، حتى بتنا نعيش أوضاعا هي أسوأ مما كانوا عليه وأفظع عنفا وإجراما وانحلالا وانحطاطا ... إذا كان التسامح هو الضابط لعلاقات المسلمين مع غيرهم من الأمم والشعوب ، فكيف لا يكون صمام الأمان في العلاقة البينية في مجتمع المسلمين أنفسهم ؟!!...
ليس أمامنا من بديل عن أخذ زمام المبادرة ، فلن يبعث الله فينا نبيا جديدا يخلصنا من أرجاس جاهليتنا المعاصرة ، وقد عَلِمْنَا عقيدةً أن الرسول الأكرم كان آخر الأنبياء والرسل ... وعليه فلا بد أن يقوم كل الخيرين في مجتمعنا بما عليهم دون إبطاء ، وأن يتوحد كل المخلصين من وراء مشروع إنقاذ يضع حدا لهذا التدهور الخطير الذي بدأ يهدد بحرق الأخضر واليابس ... نحن في الحركة الإسلامية على أتم الاستعداد للقيام بدورنا في هذا الشأن، ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )... صدق الله العظيم ... 

مقالات متعلقة