الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 14:01

جذور الألم تداعب أغصان التمني


نُشر: 30/09/07 08:18

جالست احد معارفي ذات يوم , وكان ظاهرا على وجنتيه الحمراوين التعب وشدة العناء , وحين أهم لمحادثته يأبى الإجابة , وفي حيرة من أمره , وكأن هنالك قضية هامة تؤرقه وتشغله , وبمسيرتها الطويلة عبر سنوات خلت , تم طرحها ... ولكن تنفيذها بقي قيد ملفات البحث في جوار ير الحكام التي لا يأتي اليوم وتنفذ وفق المعايير الحياتية الإنسانية المتعارف عليها بشريا وعرقيا.

وبعد إصرار مستمر مني في السؤال عليه بطرح الموضوع وما يؤلمه , تنهد بعمق وقال: بربك هل يمكن الاستمرار في هذه الحياة من القهر الحاصل وحياكته في سبيل العهر السياسي وتأليبه لنا على ارض الواقع بصور ناصعة البياض ولكنها في الصميم , مظلمة تؤذي وتجرح كل ذي شأن وضمير يتمتع به إنسان عاقل يحترم البساطة والشعب الفقير الذي ينتمي لتلك الشريحة المسحوقة والمقهورة في الذل والهوان تجاه حكامها , وهي فعلا غير قادرة إلا العيش بقوة جارحة , لا تجني منها إلا القليل من القوت اليومي , والحفاظ على الكرامة الشخصية , المندثرة لدى شعوبنا العربية , ولا سائل عنها أبدا.

فقلت له بالله عليك وضح ماهي مشكلتك فأنا صديق عمرك ولا تخبأ عني مشكلة أو سرا؟!.فقال اسمع يا أخي: البارحة جلست مع مجموعة غير متجانسة من طبقات الشعب الفقيرة , والتي بدأت تشرح حالها المزري من النواحي المعيشية وكيفية استمرارها الحياتي المعيشي في ظل الفقر المدقع وقلة العمل , وتفشي سوق البطالة ,وما من احد هناك يتجاوب مع مطالب هؤلاء من الزعماء والقادة الحكام , وهذا نمط واحد في دولة عربية ولكنه ينطبق على العديد منها.

فقد آلمني احد الجلساء شيخ جليل قارب من العمر السبعينات , وله عائلة كثيرة الأولاد , ويتحدث عن لوعة الحياة واللامبالاة من حكومته تجاه الطبقة التي تشمله من القطاعات الفقيرة والشرائح المنكوبة والتي بالكاد توفر لقمة عيشها ؟! فقال وبحزن عميق اتكلت على الله وبعد تربية الأولاد إن أؤدي فريضة الحج ولكن بالتعب والشقاء من الأولاد حاولت إن أوفر ذلك وعلى حساب الكثير من المهمات اليومية الناقصة لي ولعائلتي؟!.

ومن ثم انضم إلى حديثنا الفياض المسترسل احد الأصدقاء ومن خلال ما سمع , اتسع النقاش ووقف قائلا وسائلا:أليس من الممكن,  بدلا من أداء فريضة الحج والتي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة أن يتم إرسال هذه المساعدة من فقراء السودان مثلا إلى المشردين في فلسطين على المعاناة من القتل والتشريد والهدم الحاصل بحقهم المتواصل وعلى مدار سنوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي؟! وليس من الحق أن تذهب هذه المساعدة لنساء وأطفال وشيوخ العراق ؟! ولكل شعب مقهور ومحتل في بقاع العالم ؟! أليس يوازي تبرع هؤلاء بالنقود تلك (أداء فريضة الحج)؟! ولماذا لم يقم أي مشرع في هذا العالم العربي الإسلامي بالفتوى الزمنية الحالية لتكون سارية المفعول وتحديدا على الأغنياء الذين يؤدون دورهم سنويا بالطائرات ذهابا وآيابا , وما هدفي من الفكرة إن الدين الإسلامي واسع ومتسامح... فكيف نسمح لأنفسنا بدفع أموالنا لتذهب إلى (الملوك والأمراء) وتصب في خزائنهم , وبالتالي هم يوزعون تلك الأموال لتكون مرتعا لهم في أوروبا وأمريكا.!!.

وانتفض صديقي الأول : نعم يا صديقي والانكى من ذلك إن هذه الأموال هي قواعد عسكرية أمريكية من المحيط إلى الخليج تصب وفق أهوائهم وأهوائها, أذا لماذا الحج إلى دول كهذه تنفذ سياسة أمريكا التي تقتل إخوة لنا في العرق والعرض والدين , وهل من الضروري فعل ذلك ؟!لا... لا.. لا قال الآخر .

فبدل إن تصب تلك النقود الداخلة لخزينة الدولة في مساعدة الفقراء والمحتاجين والغير قادرين على أداء فريضة الحج , تذهب إلى ألد الأعداء لتنفيذ مشاريع عسكرية واقتصادية تصب أولا واخرا في نهج سياستها المرسومة استراتيجيا.
وأجاب الثالث : لم تفكر لا السعودية ولا دول الإمارات ولا الكويت (الدول النفطية) برصد ميزانية خاصة للمحتاجين في العالم العربي ,وإعطاء حق أداء فريضة الحج والعمرة على حسابهم ولو لمرة واحدة؟!
إما من اجل سباق التسلح وحماية أنظمتهم, وإقامة القواعد الأمريكية فيدفعون وبسخاء.. بسخاء.. وكرم لا يصدق .. ولا يغتفر!!. وبالطبع هذا ينطبق على شعوبهم في تلك الدول ومستوى المعيشة فيها على الرغم من الثروات والإمكانيات لديهم , فهناك طبقات فقيرة مسحوقة وأمية لا تعرف القراءة والكتابة , فأين هي أموالكم يا حكام الثروات ؟!.

ولخصنا جميعا في النهاية إن الوضع القائم اليوم (مزري ومدقع في عالمنا العربي) في ظل وجود حكامنا المأمورين والمنفذين لسياسة أمريكا معبود تهم , فإلى حين يتم فك القيود والسلاسل عن أوزارهم , ولا اعرف الطريقة التي سوف يرتئيها الشعب والطبقات المسحوقة , والتي هي تنال القسط الوافر في تقوقعها لا بد وان تقمع تلك الأنظمة بثورة نضالية فكرية ثقافية , ليسود بها العدل والمساواة , وإحياء الحق وزهق الباطل. وعليه قررنا نحن الثلاثة من ألان فصاعدا التبرع بتلك الأموال لأطفال الشعبين العراقي والفلسطيني ولكل شعب مقهور في جميع أنحاء بقاع العالم , وتنازلنا عن أداء فريضة الحج للسعودية .

فقال احد الأصدقاء غدا سيتهموننا بعض الحكام إن ما نتقول به غير دقيق من منطلق الدعم الحاصل من هذه الدول إلى حكومة الشعب الفلسطيني... نعم نحن نعي ذلك الدعم الذي لا يعرف له عنوان دقيق , والحري بها إن تصل إلى طبقات الشعب المحتاج الذي لا يرى رغيف الخبز ... إذن أين تذهب ؟!! فهم صديقي الأخر وقبل خروجه مودعا .. أنها تذهب إلى نفس الحكومات التي هي امتداد لموديل حكوماتنا العربية (تختفي هذه النقود , وربما تختلس والصحف تغنت وكتبت الكثير عنها) ؟! إذا ما الحل يا أخي أريد إن اذهب لأودع جاري الفقير الذي ينوي السفر لأداء فريضة الحج ؟!

فرد عليه : الحل إن تجبى النقود من هيئات شعبية وجمعيات شعبيه من الدول وتسليم هذه الأموال إلى هيئات وجمعيات شعبية تعرف عناوين الألم والمعاناة , على الأقل تصل إلى قسم لا بأس به من حق التوزيع وللصواب طريق يعرف ونهتدي به , وقبل إن نهم بالخروج جميعنا اتفقنا تشييع الخبر بين المعارف بإلغاء فرائض الحج والعمرة هذه السنة , ودعم النقود إلى الشعب الفلسطيني والعراقي المحتاج, وعلى أمل اللقاء بكم في الموسم القادم يكون لكم ولنا الحل الأمثل إن شاء الله.
وقبل إن هممنا بأخلاء مسرح الحوار داهمنا صديقنا الخامس الذي كان مجهولا وأصر علينا عرض ما طرح من حديث, وكان له ذلك , ولكنه قال: جذور التمني تحتضر وما عليكم إلا الصبر وقطار الأمل من أغصان الربيع القادم لتكتمل أمنياتكم وتتحقق طموحاتكم.
وان كنت على خطأ صححوني وأعينوني...
فتعقيباتكم هي... ألهامي ... من فضلكم دونوها وبدون تردد...
وعلى قول شاعرنا عمر أبو ريشه:

أين العهود البيض ترقب فجرها  بتلهف صبابة أبرار
ولت وفي حلق العروبة بحة وعلى مرا شفها العطاش غبار
إن الضعيف على عريق فخاره حمل يشد بعنقه جزار

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
3.99
EUR
4.65
GBP
235448.35
BTC
0.51
CNY