الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 14:01

رحلة الخلاص نحو السعادة


نُشر: 28/08/07 17:25

كلنا يبحث عن السعادة، لكن السعادة كلمة لا يعرف الكثيرون معناها، فهل انت احد هؤلاء؟ هل وقفت لحظة وسألت نفسك: هل انا سعيد؟ ان لم تفعل، لقد آن الأوان كي تفعل.
هل تشعر دائما ان شيئا ما ينقصك؟ وان هناك هاجسا ما يلاحقك، تطرده، فيعود؟ هل تشعر، وبعد زمن من العراك مع الحياة، انك لم تقم بما كان عليك القيام به؟ اذا لقد حانت لحظة الحقيقة، تذكر انك انسان يحق لك ان تسعد. واليك هذا السؤال: ماذا كنت ستفعل لو ادرنا عجلة الزمن الى الخلف؟
لما كل هذا الكم من التعاسة؟ اكاد اجزم ان الحسرة تتملك جميع الناس، والتعاسة تعشش في قلوبهم، وطالما كانت التعاسة، على الاقل في نظري، مصدر الشرور والكره في العالم، لماذا تعيش لحظتك فقط لان عليك ان تعيشها وكأنها واجب بينما هناك اشياء جميلة كثيرة يمكن فعلها؟ اكاد اجزم احيانا ايضا، انه وحتى في اللحظات التي يعيش بها الانسان سعيدا هي فقط لحظات عابرة، وليست حالة حقيقية من السعادة، يعودون بعدها الى دائرة الفراغ.
هل بحثت مرة عن سبب تعاستك؟ وهل بحثت عن سبب يمكن ان يجعلك سعيدا؟ اذا كان جوابك نعم، فلماذا تعيش في حالة انكار؟ لماذا تنكر نفسك؟ فانت حقا بحاجة لساعات طويلة من الحقيقة. حتى لو كذبت على من حولك وتظاهرت بالسعادة، لن تنجح في الكذب على نفسك مرارا، ففي كل منا هناك بقعة خفية في القلب لم يصلها الضوء بعد، لماذا لا تنرها؟
هل ترغب في ضم احبابك الى صدرك؟ هل تشعر بحاجة الى الصراخ؟ هل تحتاج الى الحب؟ هل تحب الغناء؟ الرقص؟ الطبيعة؟ مشاهدة العصافير تطير او غروب الشمس؟ لماذا تتجاهل هذه الرغبات وتسخر منها؟ انها المصدر الاساسي للراحة، فعلى قدر بساطتها وهدوئها، تبعث السلام والطمأنينة الى النفس، وهذه اول الخطوات نحو السعادة. تخلص من همومك، من مخاوفك، ولا تحاول ان تصرع الزمن، ابحث عن لحظات خالية من القلق، من العمل، ومن ضجيج الشوارع وصراخ الناس، العمر ينتهي والهموم لا تنتهي.
والسعادة، في نظري، شعور سماوي، يكتمل لدى كل واحد منا عن طريق الشغف. يولد الانسان من رحم امه مع طبيعة خلاقة، ويولد مع شغف يلازمه كالشبح طوال حياته، فاما ان ننميه ونسخره من اجل خدمة البشرية، وهذه رسالة الله على الارض، يبعثها عن طريق الانسان لتكوين عالم صالح، واما ان ندفنها وهي حيّة، فتبقى روحها تسكن جسدنا، تماما كما تسكن الارواح بيتا، فتعيث به دمارا، ويهجره اصحابه. قد يقول معظكم ان لا علاقة للشغف والحلم بالسعادة، وان كل الحديث انما هو هذي وتخريف، وان السعادة او التعاسة هما من احكام القضاء والقدر، لكني ارفع صوتي واقول، انما هذه حجج وتهرب نابع عن عجز عن تحقيق الذات، والحجج هي امر تشتهر به المجتمعات الخاملة، التي تلقي بمصائبها كلها، وعجزها المعيب على غياهب الامور، بدلا من ان تجد حلولا وتستحضر طرقا لقلب حياتها رأسا على عقب.  وهنا لا يمكنني ان انتقل الى نقطة اخرى دون ان اورد ولو جزءًا من "خبز وحشيش وقمر" للشاعر نزار قباني:
"في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ …
..
وينادونَ الهلالْ:
" يا هلالْ..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشاً.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعلّقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس"
والشغف هو شعور يولد سعادة واكتفاء ذاتي، والشغف كلمة لها دلائل ايجابية جمة، فهي توحي بالمرح، في زمن نسي الناس كيف يكون المرح، توحي بالتجدد، في زمن يعيش فيه سبات أليم، وبالأمل في زمن يعيش فيه الناس برتابة الايام، كما انها توحي، على الأقل لي شخصيا، بالولادة، فبالولادة يأتي مخلوق جديد الى الكون، يحمل معه اسرارا كثيرة، وطموحا كبيرة، ومتى ركزنا اهتمامنا بموضوع شغفنا شعرنا بالسعادة، وباكتمال ذاتي، ومهما اختلفت مواضيع الشغف، الا انها جميعها تؤدي الى نشوة في الروح، وتبعد الملل والتعب، والنشوة هي حالة من الغياب عن الواقع، وولوج عالم الروح، فهناك يتحقق التواصل مع الذات، وتفتح الابواب نحو طريق اسرار السعادة، وفيها يكون الانسان راضيا ومقتنعا، وبذلك يكون قد فتح احد قفول السعادة دون ان يدري، والقناعة نعمة يفقدها معظم الناس خلال سعيهم لتحقيق اوهام مادية مستحيل لها ان تحقق السعادة، فكم من ثري يعاني من احباط وتعاسة شديدين، رغم الثراء المترف الذي حصل عليه؟ ومن منا لا يدري ما سبب تعاستهم؟  فهم فقدوا احساسهم بالشغف بسرعة، واوهموا انفسهم بأنهم حصلوا على كل ما في الدنيا، لكن سرعان ما اكتشفوا انهم على خطأ، وعاشوا في حسرة ولوعة العدم، بعد ان انشغلوا وكدوا بعملهم، دون ان ينتبهوا للاشياء البسيطة والجميلة من حولهم، فيخسرون اللحظات التي كان لها ان تكون الأمتع والأكثر سعادة، وفي هذا الصدد تكمن المصيبة الكبرى، حيث يقوم معظم الناس بادوار اجتماعية لا يرغبون بها، انما "اجبروا" عليها بطريقة او بأخرى، فكم من معلم مثلا كان حلمه ان يصبح رساما؟ وكم من معلمة كان حلمها ان تصبح طبيبة؟ وكم من سائق حافلة اراد ان يكون صاحب متجر؟ وكم من موظفة بنك حلمت بأن تصبح محررة جريدة مثلا؟ الخ... وبهذا يفقتد افراد المجتمع حس الاخلاص لادوارهم، مما يؤدي الى تخاذلهم اثناء قيامهم بها، مثل المعلم الذي يدخل الى الصف متثاقلا، وكان اطنانا من الحديد على ظهره، فلا يحسن التصرف مع الطلاب، ولن يتمكن من اداء الحصة بشكل ناجع، الامر الذي يعود بالسلب على اجيال كاملة تشكل عماد المستقبل، وهنا يكمن الخلل في تركيبة المجتمع.
واكاد اجزم ان هذه الاحاسيس، بالعجز والخمول تراود جميع الناس، فهلا من استراحة للاستشفاء؟ اخشى كثيرا ان يكون ذلك داء ينتقل بالعدوى او بالوراثة، وداء مستعصٍ يزداد وحشية في ظل اجواء صراع البقاء التي يعيشها البشر. فهل منكم واحدا سيستجيب الى الصوت الالهي الذي في داخله ويبدأ رحلة الخلاص نحو السعادة؟

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
3.99
EUR
4.65
GBP
235448.35
BTC
0.51
CNY