الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 10:01

عناوين في الميزان/ أسرى الداخل وشاليط وثقافة الاشاعة - بقلم: محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 10/12/09 15:03,  حُتلن: 08:35

* ليس من الأخلاقي ولا من الوطني الخروج بتصريح صحفي يتحدث عن تنازل حماس عن هؤلاء، واللعب بأحاسيس ومشاعر وعواطف الأمهات

* نستذكر طلب محمود عباس – أبو مازن من إسرائيل عدم الافراج عن البرغوثي وأحمد سعدات في اطار صفقة شاليط حتى لا ترتفع أسهُم حماس في الشارع الفلسطيني

من عادة الناس تناول الاشاعات وحملها من ديوان إلى آخر، ومن مجلس إلى آخر بهدف نقل الخبر، وتبدأ رحلة التهويل والتضخيم حتى يصبح الخبر الصغير قصة ورواية، والكذبة تصبح حقيقة، ومن تراثنا نستلهم هذا المخزون من ثقافة الديوان، هذه الثقافة التي كانت، وما زالت على ما يبدو، زادًا حيويًا لملأ الفراغ الذي كان يلف الفلاحين لعدة أشهر من السنة، خاصة الخريف والشتاء بعيدًا عن الحقل وعن أي وسيلة أخرى لتمضية هذا الوقت.
ثقافة الإشاعة كان لها دور سلبي في معارك عام 48 ونكبة الشعب الفلسطيني، حيث كانت العصابات الصهيونية تبث خبرًا كاذبًا عن مجزرة هنا وسقوط بلد هناك ليدب الفزع والرعب في قرى مجاورة أو في مناطق أخرى. وحدث ما حدث من حالات تسليم أو خروج إلى اللجوء بسبب مثل هذه الإشاعات، هذا عدا إتهام فلان بالعمالة وعلان بالجاسوسية دون وجه حق. وهذا ما تسبّبَ بتجاوزات خطيرة في مراحل حساسة من تاريخ شعبنا الفلسطيني.
وحيث التطور لا يكاد يتوقف في هذه الحقبة من تاريخ البشرية، وخاصة في مجال الاتصالات، لم يعُد هناك حاجز أمام المعلومة من الوصول إلى كل الناس في كبسة زر على جهاز الحاسوب، وأصبحت الإشاعة مكونًا أساسيًا في حياة القرية الكونية الصغيرة جدًا. وأصبح ديوان الانترنيت أقوى وأكبر حجمًا وعدوًا من ديوان الحي والعائلة. وأصبح أصحاب مثل هذه الدواوين نجومًا في عالم الشبكة العنكبوتية. وفي ظل هذا الانفتاح المعلوماتي بالصوت والصورة لم يعد بالامكان ضبط مضمون الخبر أو الاشاعة. وأصبح الرادع الأخلاقي في خبر كان، المهم نشر الأخبار والحصول على سبق صحفي وإن كان غير دقيق أو حتى كذب.
ما دعاني لهذا الحديث في هذا الوقت بالذات، غضبي شخصيًا وغضب الكثير من المناضلين في القضايا الوطنية وخاصة قضية الأسرى، على خبر تناولته وسائل الإعلام العربية والصهيونية، يتحدث عن تنازل حركة حماس في مفاوضات صفقة شاليط عن تحرير أسرى الداخل الفلسطيني. إنّ مثل هذه الإشاعة لا تقف عند حدود تفاصيل الخبر، صحيحًا كان أم غير صحيح، وإنما هذا يضرب في الصميم الأمل الذي يحمله أسرى الداخل والقدس والجولان وعائلاتهم، هؤلاء الذين يحملون هذا الأمل والهم منذ عشرات السنين. إذ ليس من الأخلاقي ولا من الوطني الخروج بتصريح صحفي يتحدث عن تنازل حماس عن هؤلاء، واللعب بأحاسيس ومشاعر وعواطف الأمهات وكل من لهُ صلة بالأسير من قريب أو بعيد مقابل مكسب إعلامي ممّا يبعث على الغضب، والخطر هنا أنّ مثل هذه الاشاعة تناولها الاعلام العربي كحقيقة واقعة، دون فحص، وهذا أمر غير معقول، إذ لا يمكن التبين والتحقق من هذا الخبر لأنّ هناك تعتيم وسرية في التفاصيل.
قد يكون هذا الخبر صحيحًا!! وهو برأيي بعيدٌ جدًا عن الحقيقة بناءًا على تصريحات قادة المقاومة التي تُجري عملية التفاوض بشأن صفقة التبادل، ولكن إلى حين أن تتم هذه الصفقة علينا أن نرفع صوت وصرخة الأسرى السياسيين الفلسطينيين من الداخل والقدس والجولان، كل الأسرى وليس فقط القدامى فهؤلاء لهم الأفضلية وهم على رأس سُلم الأوليات، ولكن هناك أسرى "جُدد" وهم من ذوي الأحكام العالية جدًا، علينا أن نرفع صرختهم أيضًا حتى لا يتحولونَ إلى أسرى قدامى بعد عشر سنوات.
هذه مُهمتنا الآن، أن نرفع هذا الصوت، ونطالب بإدراج أسرى ال 48 في الصفقة القادمة، وأن لا تتخلى المقاومة عن أي من الأسرى القدامى وذوي الأحكام العالية، لأن هذه الصفقة هي أمل هؤلاء في الحرية والتحرّر من الأسر.
وندعو إلى عدم التساوق مع اشاعات مصدرها مجهول أو غير مجهول، لا تهدف إلاّ إلى تنفيذ مشروع التشويه على المقاومة وخاصة حركة حماس. وفي هذا السياق نستذكر طلب محمود عباس – أبو مازن من إسرائيل عدم الافراج عن البرغوثي وأحمد سعدات في اطار صفقة شاليط حتى لا ترتفع أسهُم حماس في الشارع الفلسطيني، والاشاعة الأخيرة حول أسرى الداخل تأتي في سياق تشويه موقف حركة حماس. وهكذا لا يمكن خدمة الأسرى يا أصدقاء الأسرى.

مقالات متعلقة