الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 18:02

لك المجد يا رفيقنا أبا العطا- بقلم: خالد منصور

كل العرب
نُشر: 27/11/09 15:27,  حُتلن: 07:43

* أبو العطا كان كالنجم المتقد، يعرفه الجميع ويبادروا بالسلام عليه والاطمئنان على صحته التي كانت في ذلك الوقت معتلة

* عاش ومات رفيقنا الراحل وهو عفيف النفس.. وطني صادق.. وأممي مخلص للأفكار والمبادئ التي ترعرع عليها وناضل من اجلها

 انطوت صفحة أخرى من سفر المجد والخلود.. وغاب عنا فارس لطالما افتخرنا بأنه أستاذنا ومعلمنا.. وركن أساسي من بنيان حزبنا.. التقيت به مرات قليلة.. وكنت اشعر بحضرته بالهيبة والجلال.. وكان العشرات بل والمئات ممن عرفوه يقولون لنا.. يحق لكم أن تفاخروا الدنيا بان أبو العطا واحدا منكم وعضوا في قيادتكم.. وخصوصا أولئك المعتقلين الذين زاملوه في الزنازين الصهيونية.. وكان كل من عرفه يقول عنه انه أسطورة في الصمود تحت التعذيب وفي الزنازين الانفرادية-- التي أمضى بها ثلاث سنوات ضمن أربعة عاشر عاما من الأسر..
هذا هو قائدنا الراحل عبد الله أبو العطا ابن غزة هاشم.. ابن حي الشجاعية.. ابن الأحياء الشعبية.. الذي كان يأسرك بتواضعه وبحبه للناس.. وبصلابته وعزيمته التي قل نظيرها.. كان وجهه ورغم تجاعيد الزمن يعطيك انطباعا بالرهبة في حضرته.. لكن سرعان ما تجد فيه إنسان طيب القلب محب للعطاء.. وهي الصفات التي قادته منذ خمسينيات القرن الماضي ليلتحق بحزب الشيوعيين.. ليخدم الوطن ويدافع عنه بسلاحه ورأيه، وبتأثيره الآسر على أبناء حيه ومدينته الباسلة.. ولأنه كان مقداما جريئا مؤثرا في الناس.. كان طبيعيا أن يرتقي في صفوف حزبه وليصل إلى عضوية أعلى هيئاته.. ودفع هذا الرفيق ثمن نضاله-- السياسي والعسكري-- سنوات طوال في السجن.. فقد هابه المحتلون وأدركوا خطورته على احتلالهم، وغيبوه مرارا عن ساحة الجماهير، وعاقبوه عقابا شديدا لامتشاقه السلاح بسجنه وبهدم منزله.. لقد هدموا منزله لكنهم لم يهدموا إصراره الفولاذي على مواصلة درب النضال.. لتعاني معه زوجته وأبناءه وبناته وعموم عائلته.. لكنهم صمدوا جميعا وشكلوا الداعم القوي لروحه الكفاحية..
قال لي يوما احد قادة حزبنا عندما زار غزة، وتجول برفقة أبو العطا في شوارع مدينة غزة وطرقات حي الشجاعية، قال-- كان أبو العطا كالنجم المتقد، يعرفه الجميع ويبادروا بالسلام عليه والاطمئنان على صحته التي كانت في ذلك الوقت معتلة.. وأضاف-- لقد أجبرنا على التأخر كثيرا عن موعد اجتماعنا المقرر-- من كثرة ما توقف أبو العطا ليحيي المعارف والأصدقاء.. هؤلاء الناس البسطاء.. هذه الجماهير كانت ترى بابو العطا قائدا لها.. أمينا على مصالحها.. زعيما شعبيا جريئا لم تتلوث سيرته.. ولم يستطع أي خصم أو كاره له أن يتحدث عنه بسوء-- لان أبو العطا عاش ومات وهو يقول : مثلنا لا يملك في هذه الحياة إلا سمعته الطيبة، ونظافة أياديه من كل فساد أو إجرام، وما تربى عليه من إخلاص لوطنه وقضيته ..
عاش ومات رفيقنا الراحل وهو عفيف النفس.. وطني صادق.. وأممي مخلص للأفكار والمبادئ التي ترعرع عليها وناضل من اجلها.. دافع دوما باستماتة عن العمال والفلاحين.. وقاد عشرات المسيرات وأعمال الاحتجاج ضد الظلم والقهر والاستبداد والاستغلال.. كان صادق مع نفسه مؤمن دوما بما يفعل.. كان يكره النفاق والدجل.. ويكره المبالغة بالمظاهر والتعالي على الجماهير .. كان يكره تقديم الوعود التي لا أمل بتحقيقها.. وكانت الجماهير تصدقه.. لأنها ببساطة تعرف أن أبا العطا إن قال فعل وان وعد أوفى..
من المؤكد أن مثلنا الألوف حزنت لفقدان هذا الفارس المغوار، والقائد الشعبي الحكيم العظيم.. وحزننا ازداد بعدم قدرتنا على حضور جنازته والوقوف في بيت عزائه لتلقي التعازي بفراقه.. فلعن الله الاحتلال ولعن الله الانقسام.. لأنهما السببان في حرماننا من القيام بواجب أبو العطا.. لكننا واثقون من قدوم الفجر الآتي لا محالة.. وزوال الاحتلال واندحاره عن عموم أرضنا.. وواثقون كذلك من أن غزة ستعود كما كانت جزء من الوطن الواحد-- الذي يتوق لعودتها وانقشاع ظلمة الليل الذي أبعدها وأطال عمر الانقسام.
 

مقالات متعلقة