اكد مفتي الديار المقدسة فضيلة الشيخ عكرمة صبري معلومات "العرب" ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد احاله على التقاعد في مرسوم رسمي بشكل مفاجىء، معتبرا ذلك عقابا له على مواقفه وتصريحاته الاسبوع الماضي، والتي قال فيها ان اسرائيل لا تريد السلام، والسعي وراء التفاوض معها "مضيعة للوقت". وافاد مصدر فلسطيني رفيع المستوى ان الرئيس الفلسطيني وقيادة السلطة الوطنية غير راضين من تصريحات المفتي ومن علاقاته مع الحركة الاسلامية الشمالية، ومن مشاركته في المظاهرة التي نظمتها في كفركنا الاسبوع المنصرم. وكانت المسيرة المذكورة قد توجت بمهرجان خطابي دعا فيه الشيخ عكرمة صبري القادم من مؤتمر " الاقصى" في ام الفحم الى الوحدة الوطنية فيما هاجم خطباء آخرون السلطة الفلسطينية في قضية الاستفتاء.وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد اصدر مرسومين يوم الاثنين احال فيهما مفتي القدس د. عكرمة صبري الى التقاعد، جاء فيهما ان الرئيس قد عين الشيخ محمد احمد حسين مفتيا للقدس اضافة لمهمته الحالية خلفا للشيخ عكرمة صبري الذي احيل على التقاعد لبلوغه السن القانوني. واضاف المرسوم: بعد الاطلاع على القانون الاساسي المعدل وتعديلاته وبناء على الصلاحيات المخولة لنا وتحقيقا للمصلحة العامة قررنا ما يلي: يكلف الشيخ محمد احمد حسين للقيام بمهام المفتي العام ومفتي القدس، اضافة الى مهامه الحالية، وعلى الجهات المختصة كافة كل فيما يخصه تنفيذ احكام القرار ويعمل به من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية".

وجاء في المرسوم الثاني:"بعد الاطلاع على القانون الاساسي المعدل وتعديلاته وبناء على الصلاحيات المخولة لنا وتحقيق المصلحة العامة قررنا ما يلي: يحال الدكتور الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس على التقاعد لبلوغه السن القانونية وعلى الجهات المختصة كافة كل فيما يخصه تنفيذ احكام القرار ويعمل به من تاريخ صدوره ويعلن في الجريدة الرسمية".وكشف المفتي صبري في تصريح لـ" كل العرب" غداة صدور المرسوم انه متواجد في مؤتمر فقهي في العاصمة الاردنية، وان موظفي مكتبه قد ابلغوه بوصول المرسوم عبر الفاكس، لافتا الى ان الرئيس او احد من ديوانه لم يتحدث معه بهذا الخصوص.واكد المفتي ان المرسوم باحالته قد فاجأه مفاجأة تامة، لافتا الى وجود رابط مباشر بين تصريحه لـ"كل العرب" حول السلام وتحفظه من الاستفتاء وانتقاداته له وبين احالته على التقاعد. "قلت وسأبقى اقول ان اسرائيل لا تريد السلام، واننا في سعينا للتفاوض معها نضيع الوقت فعلا، فقد قالوا ان الراحل ابو عمار ليس شريكا ، لكن احوال الامة ظلت على ما هي في عهد خليفته الرئيس عباس رغم تمسكه بالسلام كخيار استراتيجي".يشار الى ان المفتي هو مقدسي المولد والنشأة ولد عام 1939 وحائز على الدكتوراة في موضوع الوقف الاسلامي بين النظرية والتطبيق من الازهر في القاهرة. وافاد فضيلة المفتي ان هناك خللا قانونيا في مرسوم الاحالة على التقاعد باعتبار المفتي برتبة وزير ويرتبط مباشرة بالرئاسة الفلسطينية، لا بوزارة الاوقاف، لافتا الى انه لا يخضع لنظام الخدمة المدنية ولا يحال الى التقاعد. واستهجن المفتي تبليغه بالاحالة عبر الفاكس وهو خارج البلاد واضاف:" الاعراف المتبعة في العالم الاسلامي تقر بشكل قاطع ان المفتي لا يخضع لنظام الخدمات المدنية وانه لا يحال للتقاعد".واعرب عن شكه بان هناك من نقل صورة مغرضة عنه للرئيس واضاف:"كنت التقيت والرئيس مرتين عشية المرسوم وتبادلنا حديث المجاملة ولم يبلغني لا بالتصريح ولا بالتلميح حول التقاعد". ورجح المفتي ان ضغوطا عليا ومتشابكة تقف خلف احالته على التقاعد على خلفية سياسية ونتيجة تصريحات متراكمة صدرت عنه اعرب فيها عن قناعاته حول موضوع السلام الذي تتهرب اسرئيل منه. واضاف:"انا لا اميز بين فتح وحماس او سلطة وطنية ولا اتحيز لاحد، انما اسعى للتوفيق بين الاطراف وواجبي ان اقول ما اراه مفيدا للشعب والامة.اعتبر نفسي مرابطا في بيت المقدس وخادما للمسجد الاقصى المبارك".يشار الى ان المفتي عكرمة صبري كان عين عام 1994 من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، خلفا للشيخ سليمان الجعبري، الذي كان عين مفتيا بعد وفاة سابقه سعد الدين العلمي، وكلاهما ظلا في منصبيهما رغم تجاوزهما السبعين، بل ان الاخير عين بعد بلوغه هذه السن. وقد توجهنا امس لمكتب الناطق بلسان السلطة الفلسطينية نبيل ابو ردينة في غزة وحتى اغلاق هذا العدد لم نتلق تعقيب السلطة الوطنية حيال هذه المسالة.