الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 00:02

القدس عاصمة الصمت والموت- بقلم: نضال ابو الرب

كل العرب
نُشر: 20/11/09 08:01,  حُتلن: 14:43

* القدس بقدسيتها وطهارتها وجمالها مدينة الأحزان والسلام ، هي القدس رمز العروبة كما أسماها واعتبرها الشرفاء وكما يدعي المستعربون

* يكفي القدس حزنا وأنينا أنها صرخت واستغاثت بمن كانت تظن أنه عون وسند لها فلم يسمعها ولم يلب نداءها ، ويكفيها فخرا وشرفا أنها باقية وصامدة رغم كل المحاولات لطمس هويتها وتغيير معالمها

هذا هو حال مدينة القدس ، اقتحامات يومية للمسجد الأقصى من قبل شرطة الاحتلال وقطعان المستوطنين وتدنيس لباحاته ، وتهويد واستيطان ، وحفريات تحت المسجد الأقصى بحثا عن الهيكل المزعوم ، وهدم للمنازل واقامة أحياء سكنية يهودية على حساب الأحياء العربية الفلسطينية وصولا لافراغها من سكانها العرب عبر طردهم وتهجيرهم من مدينتهم الأم المقدسة . ها هي القدس تئن ، تستصرخ وتستغيث ، فهل من مغيث او مجيب ؟ !!! ها هي القدس مسرى الرسول محمد ، ومهد السيد المسيح ، وأرض الديانات السماوية ، ورمز العروبة وقبلة المسلمين ، تواجه أضخم مشروع احتلالي استيطاني كولونيالي معصوبة العينين مكبلة اليدين ، تواجه وتتصدى وحيدة حزينة على حالها ومصيرها بعد أن تخلى عنها اخوتها وأحبتها القريب منهم والبعيد .

 اذن هي القدس بقدسيتها وطهارتها وجمالها مدينة الأحزان والسلام ، هي القدس رمز العروبة كما أسماها واعتبرها الشرفاء وكما يدعي المستعربون ، اذن هي القدس مدينة العبادة والصلاة كما ورد في الكتب السماوية وكما يدعي المستسلمون والمستسمحون ، اذن هي مدينة العرب والمسلمين والفلسطينيين والمقدسيين . لا هي ليست كذلك وان كانت كذلك في الماضي ، لا هي مدينة الفلسطينيين والمقدسيين وحدهم ، فلو كانت مدينة العرب كما يسوقون ويدعون لاستيقظوا من غفوتهم وفاقوا من سباتهم وهبوا لنجدتها ، لو كانت مدينتهم لما تركوها تحتل وتنهب وتهود ، لو كانت مدينتهم لاتخذوا موقفا مشرفا تجاه الاعتداءات المتكررة والمتواصلة بحقها وبحق أقصاها ، ولو كانت مدينة المسلمين الذين يعدون أكثر من مليار ونصف مليار نسمة ولديهم جيوش تعدادها أكثر من تعداد اليهود في العالم لحركوا جزءا من جيوشهم وطائراتهم ودباباتهم ضد دولة الاحتلال بدلا من استخدام تلك الجيوش لقمع شعوبهم ، لو كانت القدس مدينة المسلمين لأبادوا دولة الاحتلال التي تنتهك قدسية المدينة المقدسة ، وتصادر أراضيها وتقيم المستوطنات عليها وتهجر ابناءها .

عذرا على ما سبق لقد شرد ذهني ، وها أنا تذكرت أن مدينة القدس هي مدينة العرب والمسلمين قبل أن تكون مدينة الفلسطينيين والمقدسيين ، ولأنها وحيدة تستغيث وليس هناك من يسمع صوتها وصرخاتها ويلبي نداءها ويغيثها أدركت وتيقنت من فناء العرب والمسلمين ، فلو كان في هذه الدنيا عرب ومسلمون لخجلوا من سكوتهم وسمعنا كلامهم وشاهدنا أفعالهم دفاعا عن القدس التي تمثل عنوان كرامتهم وشريانهم النابض . لأن الحقائق الثابتة تؤكد أن جوهر الصراع العربي الاسلامي مع دولة الاحتلال يتمثل باغتصاب فلسطين ، وجوهر القضية الفلسطينية هي مدينة القدس ، وجوهر القدس هو المسجد الأقصى الذي يدنسه المحتلون وينتهكون حرماته يوميا . وحينما نرى أن العرب والمسلمين يتجاهلون هذه القضية ويلقون بها في أحضان أصحابها الذين عانوا وما زالوا يعانون ويستشهدون ويعتقلون ويحاصرون ويجوعون حينها نجزم بموت العرب والمسلمين وانتهائهم ووجوب قراءة الفاتحة على أرواحهم ، لا بل لعنهم وشتمهم لأن ارواحهم طلبت اللعنة والشتيمة.

لقد تخلى العرب والمسلمون عن القضية الفلسطينية والقدس وألقوا بهما في الملعب الفلسطيني ، وها هم الفلسطينيون الذين اندلعت ثورتهم قبل أربعة عقود ونيف ، وخاضوا انتفاضتين من أجل انهاء الاحتلال واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين انغمسوا في صراعاتهم الداخلية على السلطة المحكومة والكعكة المسمومة والكرسي المأزومة وتركوا القدس وشأنها ، تركوها لأبنائها ولبعض فلسطينيي ال 48 كي يدافعوا عنها ويتصدوا لمؤامرات الاحتلال ومخططاته ، وكأن لسان حال القيادة الفلسطينية يقول كما المثل الشعبي الفلسطيني المعروف : (كل واحد يقلع شوكه بايده) ، وهكذا يكون موقف القيادة الفلسطينية في جناحي الوطن المكسورين يسير على خطى بقية العرب والمسلمين الذين انتهوا واحتضروا للتابين فلم يجدوا من يؤبنهم . 

ولكن يكفي القدس حزنا وأنينا أنها صرخت واستغاثت بمن كانت تظن أنه عون وسند لها فلم يسمعها ولم يلب نداءها ، ويكفيها فخرا وشرفا أنها باقية وصامدة رغم كل المحاولات لطمس هويتها وتغيير معالمها ورغم رهان الكثيرين على ذلك ، ويكفيها حسرة ومرارة أنها ترى العرب والمسلمين صامتين عاجزين نحو حتفهم سائرين .

مقالات متعلقة