الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 04:01

العلمانية حقيقة الدوافع وكشف الروافع: بين معسول الكلام ومحاربة الإسلام - بقلم: عمر رزوق

كل العرب
نُشر: 07/11/09 08:50,  حُتلن: 08:49

* مذهب العلمانية هو من المذاهب الكفّرية التي تهدف لعزل الدين عن التأثير في أمور الدنيا ومن جميع النواحي, السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية, الأخلاقية, القانونية وغيرها

-  ابن باز:

* نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين , أو أنه كان سببا في تخلّف , أو أنه يحصر علاقة المرء بربه , دون شؤون الحياة الأخرى

استهلال .....
من غير ملل ولا كلل , تبدأ الأحاسيس والمشاعر مشوارها الطويل المبلل بدموع التماسيح , فتنطوي تحت لواء المصداقية , تعبّر عن حقيقة صدق زيفها وتفاهة وركاكة عقول المتلقين المتلقنين , وربما قلة الاستيعاب والفهم لأساليب الخيال الواقعي وطرحه , أو قل قلة أو حتى ندرة دوران الذهن حول محوره , تماما كما الأرض التي تدور خول محورها , فتكشف لنا جمال وروعة الطبيعة , وبالوقت نفسه تجعلنا نكتشف ونعي سوء استخدامنا لها . معادلة صعبة بالرغم من سهولة استنتاجها , فلسفة سرياليّة ومفهوم بوهيمي , قمة السطحية في المصطلحات , زندقة بلا خجل وتغرير دون حدود , قوانين معطّلة وقواعد مبطَلة , إفرازات التجرد من العبودية والإحساس بالنقص.
أبطال التغرير التزوير .....
يجادلك يناقشك يحاورك , ليرفع شأن قِيَم مفاهيم الصحة الحديثة المتطورة لديه , في محاولة ليُبرِز ويُظهِر – وِفق منظوره – مفاهيمك وقِيَمِك الهزيلة المهزوزة المريضة . يبدأ كلامه بأعذب وأرق كلمات المجاملة التي عادة ما يكون لها تأثير المُسكر أو السحر , يسحرك بأسلوبه ليعجبك , يجعلك تعلم بأنه كثير الإطلاع والدراسة والمطالعة في كتب تاريخ الأمم وحضاراتها , فلقد قرأ تراث الصينيين وأدب اليابانيين , حتى أنه قرأ قصاصات أوراق الصحف الصفراء في مكرونيزيا , يطرح أسئلة و وأنت تحسبها لحسن طويتك من الوهلة الأولى أنها استفسار , وذلك لكي يجعلك تحسّ وتشعر وتعلم مقار العلم والعلوم الذي تملّكه , فيُشعرك بقيمة ذاته كي تستطرق أنت بالنرجسية . يستفسر عن رأيك في مواضيع شتى مختلفة , يحدثك عن اضطهاد الأمة , عن تحريرها وحريتها وديمقراطيتها , ذلك ليستطيع أن يغرس بقلبك ونفسك طمأنينة لا متناهية . يحبذ الحوار والنقاش في الحديث الشريف والسنّة النبوية محاولا اجتناب الحديث في آيات القرآن الكريم . كلما ختم جملة أو فكرة , استشهد برأي عالم متقدم أو متأخر , محاولاته دائمة مستديمة بالاستشهاد بآراء لم تطلع أنت عليها , يحبب إليك من المذاهب , العقلانية وأصحاب " الفلسفة الإسلامية " يحلو له ويجذبك للحوار بالأمور الخلافية ليقوده هذا الخيط لغايته المنشودة , إثارة الشبهات حول ثوابت الشرع و رغم خلوه أي الشرع مما يشوبه ولو بمقدار أنملة . هكذا هم العلمانيون ومفكريهم , إحذر وخاطب عقلك الناضج , قبل هواك المارج و فدين الخالق لا يخالف عقلا سليما صحيحا ولا قلبا أمينا صادقا.
حقائق .....
وما هي العلمانية ؟ سؤال قصير ولكنه يحتاج لجواب خبير وشرح كثير , ومن المهم الملّح والضروري أن يعرف الناس عامة والمسلمون خاصة جوابا صريحا وقولا واضحا لهذا السؤال .
لقد كفتنا قواميس اللغة المؤلفة في بلاد الغرب, التي نشأت فيها العلمانية وتفتقت العقول عن مبادئها , مؤونة البحث والتنقيب أو التفكير والتعقيب , فكلمة secularism , laicism حسب القواميس الإنجليزية تعني : دنيوي أو مادي , ليس ديني , ليس بمترهّب , ليس برهباني .
حسب العلمانية , أن الأخلاق والتعليم يجب أن لا يكونا مبنيين على أساس ديني , والعلمانية هي حركة اجتماعية , تهدف مبادئها نقل الناس واهتمامهم من العناية بالدنيا والآخرة (وابتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا ) إلى العناية بالدار الدنيا فقط .
استخلاص .....
أن مذهب العلمانية هو من المذاهب الكفّرية , التي تهدف لعزل الدين عن التأثير في أمور الدنيا ومن جميع النواحي , السياسية , الاقتصادية , الاجتماعية , الأخلاقية , القانونية وغيرها , بعيدا عن أوامر الدين إيجابها وسلبها ( إفعل ولا تفعل ) .
أنه لا علاقة للعلمانية بالعلم , كما يحاول بعض المراوغين المغرضين أن يلبسوا على الناس , بأن المراد بالعلمانية , هو الحرص على العلم التجريبي والاهتمام به , فقد تبيّن بهتان هذا الزعم وتلبيسه , بما ذُكر من معاني هذه الكلمة في البيئة التي نشأت فيها .
إذا , العلمانية باختصار , هي اللادينية , وهو وصف أدقّ تعبيرا وأصدق تصويرا , وفي الوقت نفسه أبعد عن التلبيس وأنأى عن التدليس وأوضح في المدلول وأقرب للمعقول . ما نخلص إليه , أن العلمانية بصورتيها السابقتين , كفرٌ بواح وانقلاب , لا شك فيه ولا ارتياب , ومن آمن بأي صورة منها أو أي مبدأ من مبادئها , فقد خرج من دين الإسلام , حتى وإن استنصر بكل بلاغة الكلام , ذلك أن دين الإسلام دين كامل , لكل جوانب حياة الإنسان شامل , الروحية , السياسية , الاقتصادية , الأخلاقية والاجتماعية إلخ... , منهج واضح كامل , لا يقبل ولا يجيز أن يشاركه منهج آخر . قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة " وقال تعالى فيمن أخذ بعضا من منهج الإسلام ونكر ورفض البعض الآخر " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منك إلا خزيّ في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافل عما تعملون " , والأدلة الشرعية معلومة في بيان كفر وضلال من رفض شيئا محققا معلوما بأنه من منهج الإسلام , ولو كان هذا الشيء يسير جدا , فكيف بمن رفض الأخذ بالأحكام الشرعية والأوامر الربانية والفرائض السماوية المتعلقة بسياسة وأمور الدنيا – مثل العلمانيين – فإن من يفعل ذلك فلا شك في كفره .
لقد أرتكب العلمانيون ناقضا من نواقض الإسلام واعتقدوا ما هو كفر محقق , يوم اعتقدوا أن هديّ غير هديّ النبي صلى الله عليه وسلّم أكمل من هديه وأن حُكم غيره أصلح وأفضل من حكمه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ويدخل في القسم الرابع ( أي نواقض الإسلام ) من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنّها الناس أفضل من شريعة الإسلام وأن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين , أو أنه كان سببا في تخلّف , أو أنه يحصر علاقة المرء بربه , دون شؤون الحياة الأخرى" .
عندما تنظر للتطبيقات العلمانية بعين فاحصة جاصة ترى الكفر والانحلال والخبث يفيض من جنباتهم :
رفض الحكم بما أنزل الله تعالى .
تحريف وتزييف التاريخ الإسلامي .
إفساد التعليم ومناهجه .
إذابة الفوارق بين حَمَلة الرسالة الصحيحة وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد .
نشر الإباحية والفوضى .
مطاردة الدعاة إلى الله تعالى .
محاربة الدعوة الإسلامية .
التخلص من المسلمين الذين لا يهادنون العلمانية .
إنكار فرائض الله تعالى ومهاجمتها ومحاربتها .( أنظر المقالات التي كتبها علمانيون في صوم رمضان والجلباب ).
الدعوة إلى القومية والوطنية .
بعض وسائل العلمانية في تحريف الدين وتزييفه وزرع الشك في نفوس المسلمين :
إغراء بعض ذوي النفوس الضعيفة والإيمان المزعزع المتقلب بمغريات الدنيا من المال والنساء والمناصب العليا , لكي يرددوا دعاوي العلمانية وادعاءاتها على مسامع الناس بعد أن يكونوا قد بثوا الدعايات المكثّفة لهؤلاء الأشخاص بوسائل الإعلام , التي يسيطر عليها العلمانيون , لكي يظهروا بثياب العلماء المفكرين وأصحاب الخبرات الواسعة .
القيام بتربية بعض الناس في حاضنات العلمانية في البلاد الغربية .
تجزيء الدين والإكثار من الكلام والكتابة عن بعض القضايا الفرعية , وإشغال الناس بذلك, والدخول في معارك وهمية حول هذه القضايا مع العلماء والدعاة لإشغالهم وصرفهم عن القيام بدور التوجيه , والتصدي لما هو أهم وأخطر من ذلك بكثير .
تصوير العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله في وسائل الإعلام بكل أشكالها على أنهم طبقة منحرفة خلقيا متخلّفة عقليا , وأنهم طلاب دنيا ومناصب ومال ونساء , حتى لا يستمع الناس إليهم ولا يثقوا بكلامهم , وبذلك تخلو الساحة للعلمانيين في بث دعواهم .
إكثار الحديث عن المسائل الخلافية , واختلاف أهل العلم وتضخيم ذلك الأمر , حتى يخيّل للناس أن الدين كله اختلافات وخلافات وأنه لا اتفاق على شيء فيه يقيني مجزوم به , وإلا لما وقع هذا الخلاف , والعلمانيون كثيرا ما يركّزون على هذا الجانب ويضخمونه , لإحداث ذلك الأثر في نفوس المسلمين , مما يعني انصراف الناس عن الدين .
إنشاء مدارس وجامعات ومراكز ثقافية أجنبية , والتي تكون في حقيقة الأمر خاضعة لإشراف دول علمانية .
الاتكاء على بعض القواعد الشرعية والمنضبطة بقواعد وضوابط الشريعة , الاتكاء عليها بقوة في غير محلها وبغير مراعاة هذه الضوابط , ومن خلال هذا الاتكاء الضال يحاولون ترويج كل قضايا الفكر العلماني أو أكثرها , فمن ذلك مثلا قاعدة المصالح المرسلة , يفهمونها على غير حقيقتها ويطبقوها في غير موضعها , ويجعلونها حجة في رفض كل ما لا يحبون من شرائع الإسلام , وإثبات كل ما يرغبون من الأمور التي تقوي العلمانية وترسّخ دعائمها في بلاد المسلمين . وقواعد أخرى عدّة , مثل : ارتكاب أخف الضررين , احتمال أدنى المفسدتين , الضرورات تبيح المحظورات ودرء المفاسد مقدّم على جلب المصالح , اختلاف الفتوى باختلاف الأحوال .
يتخذون من هذه القواعد وأشباهها تُكأة في تذويب الإسلام في الملل والنحل, وتمييعه في نفوس كثير من المسلمين , وأحب أن أنوه بأن هذه القواعد التي انبثقت من هذا الدين إنما تدل على شموليته وكماله , وهي عندهم , أي هذه القواعد , مجرّد أداة يتوصلون بها وعن طريقها إلى تحقيق غايتهم الضالة المنحرفة .

راجع مقالنا الديمقراطية والحرية في موقع العرب
ومقالنا حصرم العلمانية والرقص على المصطبة العوجاء

المراجع :

العلمانية وآثارها الخبيثة , للدكتور محمد شاكر.
نشأة العلمانية , للدكتور محمد زين الهادي .
العقيد الصحيحة , للشيخ عبد العزيز بن باز .

مقالات متعلقة