الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 20 / مايو 18:02

هذا هو اليمن وهؤلاء هم العرب- بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 03/11/09 20:25,  حُتلن: 14:50

* المغزى من هذه الأسطورة ان اليمن السعيد لم يبق سعيداً ، فقد بقي متخلفاً ، الحضارة لم تدق ابوابه كما دقت ابواب دول العالم

اسطورة الملاك جبريل فيها كل الصدق والشهادة على هذه الأمة ، ولا تزال رائحة التاريخ بحكمه وعبره تفوح من معانيها ، وهي تناسب كل زمان ومكان ، موجز الأسطورة يعترف بأن الملاك المذكور لم يعرف سوى اليمن من بين دول العالم بعد ان فارقها الآف السنين ، وعندما مر من فوقها قال : هذا هو اليمن !!
المغزى من هذه الأسطورة ان اليمن السعيد لم يبق سعيداً ، فقد بقي متخلفاً ، الحضارة لم تدق ابوابه كما دقت ابواب دول العالم وتغلغلت داخل مسامات شعوبه ، اليوم فأن غالبية الأنظمة العربية كاليمن ، لم تتغير رغم التقلبات والتغيرات والتطور والتعددية والنهضة العلمية والفكرية وغيرها ، فقد غمرت هذه الأحداث مئات الدول بأستثناء معظم الدول العربية التي لازالت تدور حول نفسها ، غارقة بالركود والكساد الأقتصادي والصمت والتحجر الفكري والفساد والقهر والقمع والفقر والتخلف الأجتماعي والتبعية السياسية .
منذ رحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر وانحراف السادات التاريخي ، لفظ الأجماع القومي العربي أنفاسه ، اطمأن قادة هذه الأنظمة انه لايوجد حسيب او رقيب يحدد لهم طريقهم ويوقظ ضمائرهم ويمنعهم من الأنفلات والأنحراف ، فقاموا بتعليب ضمائرهم وحسهم الوطني وانتمائهم العربي ، واودعوها في البيت الأبيض في واشنطن ، و(الهكيريا) في تل ابيب ، وقصر بكنغهام في لندن .
الشعوب وحدها من تحاسب وتراقب ، وغالبية الأنظمة العربية في حالة من العزلة والقطيعة عن شعوبها ، لاتعتبرها ولاتعمل لها أي حساب ، كل شيء قد تغير وتبدل في هذا العالم خلال العقود الماضية ، جاء رؤساء دول وخدموا شعوبهم التي اختارتهم ، ثم غابوا ، في حين لا زال العديد من رموز انظمة الفساد العربية متكلسين فوق مقاعد عروشهم .
كم رئيس امريكي ومثله بريطاني وايطالي وفرنسي عاصرهم الرئيس مبارك ومعه القذافي وزين العابدين والملك السعودي ؟ لقد سئمهم التاريخ واصبحوا عاراً على شعوبهم ودخلاء على السياسة وعلى هذا العصر .
نعم اليمن لم يتغير ، وسياسة الأنظمة العربية منذ رحيل عبد الناصر لم تتغير في جوهرها ، غالبيتها مبنية على المدارة والتودد والنفاق والتنازل والكذب حتى هذه الساعة ، انها في تراجع دائم من حالة الأذعان والتفريط بالثوابت الوطنية .
آخر فواتير هذا الأذعان قدمها وزراء خارجية عرب الى ( هيلاري كلنتون ) التي لا تختلف عن سابقتها ( رايس ) الا بوجهها الأبيض.
جاءت (كلنتون ) من اسرائيل مباشرة الى مراكش في المغرب للقاء وزراء خارجية العرب ، هي لم تأت للأستماع الى مطالبهم او اخذ رأيهم بشيء ، لأنها تعرفهم جيداً ، تعرف درجة حرارة طاعتهم وانبطاحهم لسياسة الدولة التي تمثلها ، تعرف أنهم لايقولون ( لا) للسياسة الأمريكية مهما كانت اجرامية ومنحازة ، لم يقولوا (لا ) عندما دمر العراق وعندما دعمت وباركت وساندت العدوان الأسرائيلي على لبنان وعلى قطاع غزة .
جاءت (كلنتون ) من اسرائيل قوية متحمسة غير مترددة في مواقفها من الأستيطان الأسرائيلي ـ جاءت الى مركش بعد ان ادار لها (ليبرمان) ظهره وعاملها بصلف وجفاء ، في حين باركت هي رئيس وزراء اسرائيل على مواقفه واعتبرتها غير مسبوقة الخاصة بالأستيطان ، واثناء وقوفها بين يدي (ليبرمان) صرخت بوجه الفلسطينين كأنهم موجودون امامها وطالبتهم بالعودة الى طاولة المفاوضات دون شروط .
اذن يصبح هدف لقائها مع الوزراء العرب ليس لأقناعهم بتبني السياسة الأمريكية لأن هذا مسلماً به ، انما جاء هذا اللقاء لقياس درجة حرارة ولائهم من جديد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، المعادية منها للمقاومة والدول العربية الداعمة لهذه المقاومة ولأيران ، لقد اعتادت الولايات المتحدة قياس درجة حرارة هذا الولاء بين الحين ولآخر ، وهذا ما ارادته ( كلنتون ) للتأكيد ، وهذا يذكرنا بناجي العلي واحدى رسوماته المشهورة التي تبين كيف تريد الولايات المتحدة الأطمئنان على حرارة هذا الولاء ، عن طريق ادخال ميزان الحرارة في مؤخرة كل زعيم عربي وامعاناً في السخرية كان قياس الحرارة بالجملة .
من حق كل عربي ان يستنكر ويخجل من طريقة الا ستقبال التي حظيت بها (كلنتون ) في مطار مراكش رغم تصريحاتها المعادية المتنكرة لحقوق الشعب الفلسطيني ، طرقة الأستقبال المتلهفة ، تدل على الأذعان والولاء المجاني الرخيص ، لأن من استقبلها من الوزراء العرب انحنى بين يديها ، وقد حاول البعض تقبيل يدها ، وسارع وزير خارجية المغرب الأعلان امامها بأسم زملائه ووزراء الخارجية العرب تقديم الشكر والولاء للولايات المتحدة عرفاناً لسياستها الحكيمة والعادلة في الشرق الأوسط .
بما اننا نعيش في سوق جوائز نوبل للسلام والتي غالباً ما تعطى لمن لايستحقها ، لانستغرب اذن قيام الوزراء الخارجية العرب بمنح جائزة نوبل العربية في التخاذل لكلنتون خاصة ان لقاءها بهم كان في يوم ذكرى وعد بلفور المشئوم الذي وصفه جمال عبد الناصر ( لقد اعطى من لايملك من لا يستحق )

مقالات متعلقة