الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 23:02

ماذا بعد .. يا حضرة أمناء مصالح الشعب الفلسطيني؟ بقلم: المحامي سامي أبويونس

كل العرب
نُشر: 08/10/09 15:40,  حُتلن: 07:23


* جهات عديدة منها الدولية والغير دولية أكدت لو تم التصويت على التقرير في موعده لحظي على دعم جارف

* مهما تعددت الأسباب, العدالة يجب أن تتحقق من أجل ضحايا الحرب في غزة ومن أجل شهداء الشعب الفلسطيني ومن أجل الجرحى والمتضررين!

ماذا بعد .. يا حضرة أمناء مصالح الشعب الفلسطيني؟
السلطة الوطنية الفلسطينية تتلعثم بسبب قرار تأجيل التصويت على تقرير ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم ألمتحدة. السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا بعد يا حماة المصالح الفلسطينية؟
مندوب فلسطين السيد إبراهيم خريشة في مجلس حقوق الإنسان طلب تأجيل التصويت على تقرير غولدستون في يوم 2.10.2009 . أن نتائج التصويت كانت قد تؤدي إلى حالتين. الحالة الأولى التصويت بغالبيه بسيطة للدول الموجودة في الجلسة مع التقرير الذي سوف يؤدي إلى إحالة التقرير لمجلس الأمن. وهذا بدوره يعين المحكمة الجنائية الدولية في هاغ- هولندا لتتولى البحث في التقرير. المدعي العام يقوم بدوره ملاحقة المتهمين بجرائم حرب في غزة. وإحضارهم ليمثلوا أمام القضاء. أما في الحالة الثانية التصويت ضد التقرير أي عدم إحالته إلى مجلس الأمن وهذا مما قد يؤدي إلى دفن التقرير قبل وصوله إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية.
جهات عديدة منها الدولية والغير دولية أكدت لو تم التصويت على التقرير في موعده لحظي على دعم جارف. هذا يعني 33 صوت من 47 صوت. وهذه النتيجة كانت قد تؤدي إلى إدانة إسرائيل. وبذلك أفلتت إسرائيل من إدانة دولية, ومن قام بهذا العمل ليس إلا الفلسطينيون بأنفسهم.
تتضارب الأقوال حول طلب ألتأجيل. هل هم ألدول العربية؟ أم هي السلطة الوطنية الفلسطينية؟ أم كان طرف ثالث؟ ألدول العربية أجمعت أنها لم تطلب ألتأجيل وتدعى أن الحق الوحيد لطلب التأجيل هو السلطة الوطنية ألفلسطينية. لذلك تسقط إمكانية الطرف الثالث وتبقى الإمكانية الوحيدة ألا وهي السلطة الوطنية الفلسطينية. حتى أن الدول العربية أجزمت وأكدت على أن السلطة الوطنية الفلسطينية والتي يمثلها المندوب إبراهيم خريشة هي الوحيدة التي طلبت تأجيل التصويت إلى مارس 2010. ألفصائل الفلسطينية تدعي بأن لا أحد سألها عن تأجيل التصويت في التقرير. أما السلطة الوطنية الفلسطينية تطلب تشكيل لجنة تحقيق عن المسئول الذي أعطى أوامره لتأجيل التصويت. لأول وهلة تبدو أن الحقيقة ضائعة وكأنها "طاسه وضايعه " . الأمر واضح من الناحية القانونية مثل "نور الشمس " أن الطرف المخول بتأجيل التصويت هو السلطة الفلسطينية لا غير. والطلب يجري عن طريق مندوبها في مجلس حقوق الإنسان. وكما تناقلت وسائل الإعلام أن المندوب الفلسطيني إبراهيم خريشة تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, والأخير طلب منه تأجل التصويت. السيد إبراهيم خريشة لم يكتف في الأوامر الهاتفية وطلب من محمود عباس أن يرسل له رسالة خطية عن طريق الفاكس, وبعد تسلم الفاكس تم التأجيل. هذه هي القنوات الرسمية التي يجب أن تسير فيها قرارات من هذا النوع. وهكذا تناقلت معظم وسائل الإعلام مجرى الأمور.
إذا لماذا يحاول السيد محمود عباس أن يبيعنا صفقه تالفة؟ هل ضغط الولايات المتحدة الأمريكية هو السبب؟ وهل إسرائيل تملك إثباتات على السيد عباس أو مسئولين في السلطة بدعم الحكومة الإسرائيلية على استمرار الحرب على غزة؟ وهل إسرائيل تبتز السلطة الوطنية الفلسطينية اقتصاديا؟
مهما تعددت الأسباب, العدالة يجب أن تتحقق من أجل ضحايا الحرب في غزة ومن أجل شهداء الشعب الفلسطيني ومن أجل الجرحى والمتضررين! هذا ما يقوله العقل المنطقي. وهذا ما نادت به الجمعيات الدولية والغير دولية العديدة والمنظمات العالمية لحقوق الإنسان. وهل يعقل أن هذه الجمعيات والمنظمات الدولية تسعى لإدانة إسرائيل والسلطة الفلسطينية تنقذ فاعلي جرائم الحرب من ملاحقة العدالة لهم؟
وإن كان محمود عباس يريد مصلحة شعبه فعلا, إذا عليه اتخاذ خطوات تسير في نفس اتجاه مصلحة الشعب الفلسطيني فقط. لنفرض أن الضغط الأمريكي هو السبب, لذلك وجب على محمود عباس كرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية أن ينتفض ولو لمرة واحده, ووجب عليه أن يوضح للبيت الأبيض أن المس في مصلحة الشعب الفلسطيني هي خط أحمر. وأن الشعب الفلسطيني سوف يحاسب ويحاكم قيادته التي تمس بالمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني. وإذا كان لإسرائيل إثباتات على تورطه مع حكومة إسرائيل في الحرب على غزة, ليدعهم إظهارها, ويتحمل المسئولية ويستقيل من منصبه. أما الإمكانية الأخيرة التي سمعناها ما قبل التأجيل من وزراء إسرائيليين هو ألتهديد الإسرائيلي للسلطة الوطنية الفلسطينية, مثل تهديدات الوزير المتطرف ليبرمان بعدم سماح لشركات اتصالات فلسطينية بالعمل أو بإعطائها الترددات أللازمة, إذا ما لم تسحب السلطة الفلسطينية اعترافها في تقرير غولدستون. تأكيد على هذه الإمكانية ازداد من يوم إلى آخر بعد تأجيل التصويت على القرار. لا بل وأصبح شبه مؤكد أن رئيس شركة الاتصالات ليس إلا نجل السيد محمود عباس, وهذا ما جعله يطلب تأجيل التصويت على التقرير. الذي بات مؤكدا أن أغلبية الأصوات في المجلس كانت تصب في مصلحة التقرير. وهذا ما يسقط الادعاءات أن مجموعة الدول العربية طلبت من السلطة التأجيل للعمل على تجنيد الأصوات لصالح التقرير.
ألسلطة الوطنية الفلسطينية أخفقت في تمثيل شعبها وهذا بات واضحا, وحتى أن أصوات لبعض أعضاء السلطة الفلسطينية اعترفوا بالخطأ. ولكن أيها السادة الذين أعطت لكم أمانة ومصلحة شعبكم, ماذا بعد الآن ؟

ألقانون ما زال يفسح المجال والطريق والأمل مفتوحا أمام أرادة الشعب الفلسطيني للوصول إلى محكمة الجنايات الدولية. عندما يطلب المندوب الفلسطيني إبراهيم خريشه في مجلس حقوق الإنسان الدعوة إلى جلسة استثنائية وفي نهايتها يتم التصويت على تقرير غولدستون. النتيجة الايجابية تؤدي إلى تحويل التقرير لمجلس الأمن, الذي وظيفته تتسم في الحفاظ على الأمن والسلم العالمي.
ليبيا الدولة العربية الوحيدة التي تملك مكانا غير دائما في مجلس الأمن, تقدمت في الساعات الأخيرة بطلب لدعوة الأعضاء لجلسة طارئة للبحث والنقاش في تقرير غولدستون. التوجه الليبي كان ضعيفا, ومحكوم عليه بالفشل قبل أن يقدم. لأنه كما قال مندوب أميركا في مجلس الأمن أن المسئول الوحيد عن التقرير هو مجلس حقوق الإنسان, ولذلك رفض مجلس الأمن طلب ليبيا . إذا هذه رصاصة أخرى في نعش تقرير غولدستون الذي دفنته السلطة الفلسطينية وهو حي! بكل الأحوال حتى لو وافق مجلس الأمن على جلسة طارئة لمناقشة تقرير غولدستون, وفي حالة تم التصويت على التقرير, كان قد حظي للمرة 37 لاستعمال حق الفيتو للولايات المتحدة لمصلحة الحكومات الإسرائيلية منذ 41 سنة. وهكذا قتل ضحايا غزة مرتين!
وحتى لا يقتل الضحايا للمرة الثالثة يجب على السلطة الفلسطينية وأنصار القضية الفلسطينية ألاستعانة في خبراء قانون دوليين للتنسيق ولدراسة الخطوات المستقبلية أولا حتى يصغروا من حجم الضرر الذي مس بالقضية الفلسطينية, وثانيا حتى يعملوا على نجاة ما تبقى لديهم من أدوات قانونية واستعمالها لإنقاذ بقايا تقرير غولدستون حتى لا يذهب هدرا مع الريح , وهكذا يمكن حفظ ماء الوجه اتجاه الشعب الفلسطيني! 

مقالات متعلقة