الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 14:02

كي لا تنطفئ شمعة بلعين - بقلم :خالد منصور

كل العرب
نُشر: 03/10/09 12:05,  حُتلن: 13:26

* معطيات بلعين ليست غائبة عن المخططين والمقررين في جيش ومخابرات الاحتلال.. لكن أهل بلعين ولجنتهم الشعبية التي تقود العمل قد استطاعوا إيجاد السبل الملائمة للتعامل مع إجراءات الجيش وتخطيها
* الطريق لتعزيز نهج المقاومة الشعبية, هي الوسيلة لجعل بلعين شمعة لا تنطفئ بل ولتوقد بلهيبها شموعا اخرى, تتحول الى مشاعل والى نيران، تحرق آمال الاحتلال بتأبيد وجوده على أرضنا العربية-- ارض الآباء والأجداد

مع التوافق الوطني الذي يكاد يصل درجة الإجماع على المقاومة الشعبية كنهج للخلاص من الاحتلال-- في ظل موازين القوى و الظروف المحلية والعربية والدولية السائدة حاليا..أو كنهج للإبقاء على حالة الرفض الفلسطيني للتعايش مع الاحتلال وأداة لمشاغلته وإعاقة سرعة هجومه ( كما يقول البعض ).. تصبح المهمة وطنية الرئيسية ليس الإبقاء على بلعين ونعلين والمعصرة كبؤر ملتهبة في وجه الاحتلال.. بل وإشعال بؤر اخرى في كل نقاط الاحتكاك والتصادم مع المشروع الاستيطاني الخطير، الذي تنفذه دولة الاحتلال لتبتلع وتهود كل الارض الفلسطينية، ولتدمر كل مقومات بناء دولتنا الفلسطينية الحقيقية وتقتل فرص الحل على أساس دولتين..
وعلى ارض الواقع.. ورغم كل قصائد المديح التي قيلت بالمقاومة الشعبية من قبل الحكومة الفلسطينية تارة، ومن قبل القوى الوطنية والمؤسسات والاتحادات الشعبية تارة اخرى-- وبنموذج بلعين على سبيل المثال.. ورغم إدراج بعض الفصائل لهذا النهج في برامجها، وإعلانها الكامل عن تبنيه وتوجهها لممارسته-- الا ان شيئا على الارض لم يتغير، ولم تحصل القفزة التي كان نشطاء الكفاح الشعبي يتوقعونها-- بل وعلى العكس من ذلك-- وبسبب تغير اساليب تعامل الاحتلال مع نهج المقاومة الشعبية، واستخدامه القبضة الحديدية المشددة لقمعها، وتوجهه للتعامل معها بأقصى درجات العنف-- بعد إدراكه لخطورتها وشدة تأثيرها عليه محليا ودوليا-- فان مخاطر جدية تواجه الآن هذا النهج الكفاحي المجيد، الامر الذي يجعل هناك أهمية فائقة لعقد المؤتمر الوطني لنصرة وتفعيل العمل الشعبي، وجعله مؤتمرا شعبيا حقيقيا، يخرج بتوصيات واضحة اعتمادا على التجربة، ويضع استراتيجية وخطة للعمل، ويشكل هيئة مرجعية لقيادة ومتابعة العمل-- تحافظ على مسافة بين الجهد الشعبي والجهد الرسمي ( لاختلاف سقفيهما السياسيين )، وتصيغ علاقة واضحة من التعاون والتكامل بين الجانبين..
وللاستدلال على خطورة الوضع.. لا بد لنا جميعا كوطنيين مؤمنين بهذا النهج ( من قوى ومؤسسات واطر شعبية ورسمية ) من دراسة نموذج بلعين جيدا ، والوقوف على الصعوبات التي يواجهها هذا النموذج الكفاحي-- الذي تخطت سمعته النطاق الوطني، ليصبح عنوانا متألقا للكفاح الشعبي الفلسطيني على الصعيد الدولي..
--- وللوقوف على حقيقة الوضع، وللاطلاع على تفاصيل تجربة بلعين.. قمت ومعي عدد من قيادات حزب الشعب بالتوجه الى بلعين يوم الجمعة 2/10/2009 ، وكان برفقتنا وفد من المزارعين الفرنسيين-- من جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية-- الذين جاءوا للتضامن مع شعبنا بضيافة اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين.. وقد أتيحت لنا ونحن نشارك في الفعالية الأسبوعية الكفاحية، اللقاء مع رئيس اللجنة الشعبية هناك ( المناضل عبد الله أبو رحمة-- المطارد حاليا من قبل الاحتلال ) وكذلك مع عدد آخر من أعضاء اللجنة الشعبية ومن نشطاء بلعين، وقد عرضوا علينا جميعا واقع بلعين، وما تواجهه تجربتهم الرائدة من مصاعب ومخاطر، ويمكن تلخيص ما قالوه بالاتي:
(( بلعين بلدة الفلسطينية لا يتجاوز عدد سكانها أل 1700 نسمة، وهذا يعني إذا ما احتسبنا عدد النساء ب 850 ، وعدد الاطفال والشيوخ ب 500 ، فان العدد المتبقي من الشباب سيكون 350 شابا، وإذا ما احتسبنا ان نصفهم لا يؤمن ولا يشارك لأسباب متعددة بهكذا فعاليات-- يصبح عدد الشبان المتوقع مشاركتهم ب 170 شابا، وإذا احتسبنا ان قدرتهم على المشاركة الدائمة في العمل الأسبوعي تصل الى 60% ، فان النواة الصلبة للعمل ستتراوح فقط حول 100 شاب.. هذه هي قدرة بلعين الحقيقية-- يضاف إليها مجموعات المتضامنين الأجانب ( من يهود ومن جنسيات مختلفة )، أولئك الذين تتفاوت أعدادهم في الفعاليات من أسبوع الى آخر، ويضاف إليهم كذلك المشاركة الغير ثابتة لمجموعات أو أفراد من تنظيمات وطنية أو مؤسسات رسمية أو شعبية.. وبالحصيلة فان أعداد المشاركين في الأنشطة الأسبوعية الكفاحية في بلعين ستظل تراوح حول رقم 200 مشارك )).
ومن البديهي ان معطيات بلعين ليست غائبة عن المخططين والمقررين في جيش ومخابرات الاحتلال.. لكن أهل بلعين ولجنتهم الشعبية التي تقود العمل قد استطاعوا إيجاد السبل الملائمة للتعامل مع إجراءات الجيش وتخطيها.. لكن الامر اختلف في الشهور الثلاثة السابقة-- حينما استلم جهاز المخابرات الاسرائيلي ملف امن الاستيطان وامن الجدار من الجيش، وقام بوضع سياسة جديدة للتعامل مع أنشطة الكفاح الشعبي، حيث خطط ونفذ عمليات اعتقال ضد النشطاء الميدانيين وضد هيئاتهم القيادية، فاليوم هناك اكثر من 28 شاب ( منهم 18 طفلا تحت سن السادسة عشر ) في زنازين سجون الاحتلال، كما ويقبع نصف اللجنة الشعبية تقريبا في السجن، إضافة الى ان هناك ما لا يقل عن 15 عشر نشيطا اعتقلتهم أجهزة مخابرات الاحتلال وفرضت عليهم التوقيع على تعهد بعدم المشاركة في الأنشطة الأسبوعية بكفالة قدرها 10 آلاف شيكل ( بعضهم مطلوب منه ان يذهب كل يوم جمعة ليوقع على سجل حضور في احد قواعد جيش الاحتلال، وليكون بعيدا عن موقع الاحتكاك الأسبوعي مع جيش الاحتلال بمسافة لا تقل عن 6 كيلومترات )..
ان هذه المعطيات تشير بوضوح الى استهداف بلعين من قبل جيش ومخابرات الاحتلال، لكسر هذا النموذج المتألق في سماء العمل الوطني، وإطفاء هذه الشمعة التي تنير الدرب لكل المناضلين، الامر الذي يضع في أعناق كل أطراف الحركة الوطنية وكل المؤمنين بالمقاومة الشعبية-- أمانة الحفاظ على بلعين كنموذج متقد للعمل الكفاحي، ولجعلها تشتعل اكثر فأكثر كرمز للكفاح يمكن ان يتم تعميمه، وبناء عشرات بل ومئات النماذج على شاكلته في طول وعرض أرضنا المحتلة.. ان ذلك يفترض بالحريصين والمخلصين ان يتداعوا الى بلعين، للقاء بلجنتها الشعبية، ولإعلان استعدادهم لدعمها-- من خلال تنظيم الحشود الأسبوعية للمشاركة بأنشطتها، ومن خلال إرسال وفود تبيت في بيوتها، وبين أهلها الذين تداهمهم قوات الجيش كل ليلة، وتقوم بإرهابهم وترويعهم، واعتقال أبناءهم، والاعتداء بالضرب على أطفالهم وشيوخهم ونساءهم..
ان التبني الحقيقي للمقاومة الشعبية يكون في الممارسة لا بالأقوال أو بالبيانات والخطب، ومصداقية الفصائل الوطنية والأطر واللجان الشعبية والرسمية هي الآن على المحك... فلو حشدت هذه الفصائل 50% من قدراتها المالية والبشرية وسخرتها للعمل الوطني.. ومن هذه ( أل 50% ) 20% في معارك الاستيطان والجدار، ولو عمقت من تنسيقها وتعاونها، ودعمت الأطر واللجان الشعبية الفاعلة-- لأصبح لدينا الآن اكثر من 20 بؤرة ملتهبة في وجه الاحتلال، ولوجدنا في بلعين كل أسبوع 50 نشيطا من احد التنظيمات ( يضافون الى أهل بلعين والى المتضامنين الأجانب ).. ونفس الشيء يمكن فعله كذلك في المعصرة ونعلين-- كما ويمكن لكل تنظيم ان يبادر لبناء موقع أو اكثر من مواقع الكفاح الشعبي ضد الاحتلال..
هذه هي الطريق لتعزيز نهج المقاومة الشعبية.. وهذه هي الوسيلة لجعل بلعين شمعة لا تنطفئ-- بل ولتوقد بلهيبها شموعا اخرى-- تتحول الى مشاعل والى نيران، تحرق آمال الاحتلال بتأبيد وجوده على أرضنا العربية-- ارض الآباء والأجداد.
 

مقالات متعلقة