الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 00:02

القبلية الحزبية قتلت لجان الطلاب العرب - نديم ناشف

كل العرب
نُشر: 27/09/09 20:40,  حُتلن: 07:19

منذ أكثر من عام توقف عمل لجان الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية نتيجة لصراعات حزبية ضيقة، أدت بالتالي الى شل ووقف عمل الاتحاد القطري للطلاب العرب، وهنا يفضل استعمال مصطلح "شلل" أو ربما الأصح هو "موت سريري".

لا داعي لذكر أهمية لجان الطلاب العرب والاتحاد القطري للطلاب، فبالرغم من كونها إطارا تمثيليا فقط وغير تنفيذي بمعظم الاحيان، إلا أنها أنشأت وسيّست أجيالا عديدة في مجتمعنا، وجدير بالذكر أن معظم قيادات مجتمعنا السياسية اليوم قد تخرجت من هذه اللجان وبدأت مشوارها السياسي من هناك. بالإضافة إلي ذلك فان هذه اللجان هي الصوت الوطني الحي للطلبة العرب وهي التي تعمل على تسييس الطلاب وتثقيفهم، وعلى الدفاع عن حقوقهم في المؤسسات الأكاديمية ورفع صوتهم وقت اللزوم. إلا أن ما حصل في السنوات الأخيرة في انتخابات اللجان الطلابية في الجامعات، بالأخص مع دخول حركة اقرأ ، ولّدَ حاجة أكبر للقيام بائتلافات وذلك بسبب ازدياد عدد القوائم. فلم تفز أي قائمة بأغلبية تمكنها من قيادة اللجنة بمفردها. الحركات الحزبية الطلابية لم تنجح في إقامة أي ائتلاف في أي جامعة أو كلية بالرغم من إجراء انتخابات في كل من جامعة حيفا وتل أبيب والجامعة العبرية بالقدس. فالاول يرفض الجلوس بنفس القيادة مع الثاني لأسباب مبدئية! والثالث يرفض أي ائتلاف الا اذا كان شاملا لكل الاطراف وهكذا نصل الى طريق مسدود ينفر الرابع والطلاب الناشطين غير المحزبين. وهكذا نرى أن قرارات صدرت عن القيادات الحزبية العليا وليس عن الكتل الطلابية أدت إلى شلل في عمل اللجان الطلابية ومن ثم الغرق في حالة سبات عميق أو كما سمينا الحالة " الموت السريري"!

الناشطون من الطلبة الجامعيين كانوا دائما الأكثر حماسا وغيرة على إطارهم ومبادئهم وبطبيعة الحال هم أكثر نشاطا وولاء للإطار الحزبي، ولكن الواقع المؤسف الذي يسود في السنوات الأخيرة جعلنا نرى أن بين الناشطين الشباب وخصوصا في الكتل الطلابية تسود ثقافة مزاودة مدمرة تشرعن إلغاء ومحو الآخر وبناء الهوية التنظيمية على حساب الانتقاص من مبادئ الآخر، وسهولة في تخوين الأطر الأخرى أو المزاودة الوطنية أو الاتهام بالظلامية والأسرلة والقومجية والعمالة وغيرها.

من هنا نرى ان النقاش الجدي والمبدئي معدوم ، ولا يوجد تقبل واحترام للاجتهادات الأخرى، بل هناك قبلية حزبية عمياء. فغلبت المصلحة الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية، وهذا الكلام يشمل الجميع. كإننا نسينا أن الحزب قام أصلا لخدمة المصلحة الوطنية وليس للمضاربة عليها. كأننا قمنا بتحديث القبلية العائلية أو الطائفية ونقلها إلى الأطر الحزبية.

صار الحزب هو قبيلتنا الجديدة ومن ليس منا فهو العدو اللدود والخائن والمتأسرل والظلامي وللأسف، هذا الجو المشحون سلبيا ما كان ليتفاقم ويصل لهذا الحال لولا سكوت القيادات الحزبية القطرية عليه، ودعمها بشكل فعال أحيانا لهذه التعاملات الهدامة، التي تعكس الجو السائد قطريا أيضا.

هذه الأجواء المشحونة صارت تنفر العديد من الشباب الوطني من الأطر الحزبية فاليوم وبعكس الماضي نرى الآلاف من الشباب الوطني يعرف نفسه غير حزبي وهذا ربما ما لا تعيه قيادتنا انه وباللحظة التي تلغي الأخر أنت تلغي نفسك وتخسر بنفس المقدار التي تخسر غريمك. فاليوم وبعكس الماضي كلمة حزبي، وللأسف، أصبحت كلمة سلبية بين الطلاب ومقرونة بأغلب الحالات بشخص ضيق الأفق. والمضحك المبكي بالامر ان حتى العلاقات الاجتماعية تكاد تكون معدومة بين اعضاء من كتل مختلفة، فإذا كنت تنتمي لحزب معين فشبكتك الاجتماعية تقتصر وبمعظم الأحيان على هذا الكادر ولا تختلط مع كادر الحزب الأخر وبات التشرذم واضحا وجليا.

المأساة الحقيقية هي أن أحدا لا يتنبه لحجم الخطر الكامن في هذا التشرذم والتفرقة، ولا أحد يصرخ أو يحتج، ولا الصحافة المحلية تطرح الموضوع . كأن أحدا لا يدرك أهميته التاريخية والآنية.

ومن هنا فقد بات واضحا أن اللجان والاتحاد القطري بحاجة إلى إعادة تنظيم بشكل فوري وواضح. والدستور بحاجة إلى تجديد وتعديل .لكن كل هذه أمور تقنية، ان وجدت النية الطيبة، يمكن تجاوزها بسهولة. لكن استمرار الوضع الراهن سيكون ذريعة جديدة لإفشال العمل الطلابي الوطني. حان الوقت لنفهم ان التعددية السياسية طبيعية وشرعية. وعلى الجميع أن يتقبل إن أي حركة وطنية تلتزم بالثوابت والإجماع الوطني العام هي شرعية مثل غيرها وعلينا التصرف كشعب وليس كمجموعات متشرذمة. وحان الوقت لمحاسبة أنفسنا ابتداء من القيادات الحزبية القطرية.

نستغل هذه الرسالة لنتوجه بنداء لقيادات الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية في الداخل، بتحمل المسؤولية التاريخية قبل فوات الأوان وقبل إن يسجل بتاريخهم السياسي إن عصرهم شهد دفن اللجان الطلابية التمثيلية والاتحاد القطري للطلاب العرب، فهل من مجيب؟!

مقالات متعلقة