الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 23:02

هل تتذكرون مجزرة صبرا وشاتيلا - بقلم: شوقية عروق منصور

كل العرب
نُشر: 26/09/09 18:53,  حُتلن: 15:46

* الحرب على الذاكرة هذا هو العنوان الصحيح الذي يلخص الصراع العربي الأسرائيلي 
* تاريخنا ينضح بالمجازر والمذابح من مجزرة الطنطورة الى دير ياسين الى كفرقاسم الى تل الزعتر الى جسر الباشا الى يوم الأرض الى ...


الذاكرة هي مخزون الشعوب . هي المهرجان الممتلىء بالأصوات والأوجاع والأحلام والأنتقام , هي اليقظة الدائمة وبساتين الدم والوجوه التي تشكل حماية تاريخية امام الأجيال , والشعوب التي تنسى ذاكرتها تقع في خانة اليتم والفشل والعيش على فتات خبز الآخرين , والشعوب القوية هي التي ترتكز على كبرياء وعنفوان ذاكرتها وتحرص ان تبقى هذه الذاكرة مشتعلة لاتهدأ ولا تنام ولا تسامح ولا تصالح لأن مهرها المحافظة على صور الذين عشقوا التراب وتغنوا بالأوطان وتواصلت في شراينهم حكايات الطفولة المسحورة في ظل المشانق والخوف والرحيل واللجوء .
الحرب على الذاكرة , هذا هو العنوان الصحيح الذي يلخص الصراع العربي الأسرائيلي , ومحاولة اسرائيل تغيب ومحو الذاكرة الفلسطينية جزءاً من استراتيجية الوجود الصهيوني , لذلك ليس من باب المصادفة حين تقوم بهدم الأثار وسرقة المراكز الثقافية والدراسات الفلسطينية وقتل الأدباء لأن هؤلاء يبعثون وينعشون الذاكرة ويحاولون ترك بصمات تضيء عتمة الأجيال .
هذه ليست مقدمة عابرة تدور في تضاريس تصافح المبررات , بل هي مقدمة تستنجد بقناديل الشعوب التي تعتز بتفاصيل الذاكرة وتتذكر الأحداث وتحتفل وترسخ الأحتفالات في وجدان الناس وتضع امام الجميع لافتة ( لا للنسيان ) .
السؤال , هل نحن اوفياء للذاكرة ؟؟ هل نبحث ونفتش بأهتمام في جعبة الزمن والتاريخ لنخرج من بين الطيات الوجوه التي ناضلت واستشهدت وكان لها التأثير الحاسم على القضية ؟ لنعترف بصراحة ان النسيان اصبح المنهج والطريق المكمل لمشوار نبض بالثورة وانتهى بحلول تزيد من غياب الذاكرة بل هناك تغيب عن سبق واصرار وتعمد بمحو الذاكرة لأن وجودها يشكل عبئاً على القيادة الفلسطينية .
من بين ركام الترهل الفلسطيني تنبثق ذكرى مجزرة ( صبرا وشاتيلا) المجزرة التي هزت ضمير العالم انذاك ولكن سرعان ما هدأت ولم يعد للذين قتلوا قيمة انسانية واخلاقية .
مرت الذكرى السابعة والعشرون ( 17 ايلول سنة 1982) دون ان نسمع ونرى أي ملامح غضب ومطالبة بفتح هذا الملف الدامي , دون ان تتسلل صورة وصرخة تذكرنا بهذه الجريمة البشعة التي لم يعرف حتى اليوم عدد ضحاياها , التقديرات تقول من (700 الى 3500) جميعهم من الأطفال والنساء والشيوخ والعزل .
نعترف ان تاريخنا ينضح بالمجازر والمذابح من مجزرة الطنطورة الى دير ياسين الى كفرقاسم الى تل الزعتر الى جسر الباشا الى يوم الأرض الى عين الحلوة الى المية المية الى برج البراجنة واحداث ايلول الأسود الى النهر البارد الخ ... وان قدر الفلسطيني ان يلتقي مع هذه المجازر والمذابح لكن ليس قدره النسيان والعبث في تاريخه.
لقد مرت ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا بصمت وخنوع , والذين يراهنون على النسيان يملكون الآن مفاتيح الأعلام , لكنهم لايملكون مفاتيح الذاكرة الحديدية , ويل للشعب الذي ينسى , عندها سيضيع ويتوه ولن يكون له أي قيمة تاريخية ومستقبلية .
حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا على يد مليشيات حزب الكتائب بمساعدة الجيش الأسرائيلي وكانت هذه المليشيات بقيادة ايلي حبيقة الذي اصبح بعد ذلك عضوا في البرلمان اللبناني ثم وزيراً .
الشعب الفلسطيني يعيش بمجزرة دائمة لكن هذا لا يمنع ان نحتفل بالذكرى طالما نعيش تحت وطأة الدم واللجوء وندع الأجيال القادمة تطل من النوافذ والأبواب على التاريخ الحقيقي البعيد عن ابتسامات وقبلات الغدر .


 

مقالات متعلقة