الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 22:01

دائماً هناك قوارب نجاة للحكومات الأسرائيلية - بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 23/09/09 15:34,  حُتلن: 07:12

* اسرائيل وجدت نفسها أمام أكثر من تحدٍ واحد، يبقى تقرير غولدستون أكثرها اثارةً، مما وضع اسرائيل في حالة من حمى الدفاع الكاذب عن جرائمها وسياستها الاحتلالية العنصرية

* اسرائيل بكل أجهزتها الأمنية والسياسية تعرف من هو عباس، تعرف أن عقله الباطني يتوق للقاء كبار القاده الاسرائيليين كي يوهم الفلسطينيين والعرب أن هناك مساعي حثيثة لانهاء الصراع

عندما أيقن الرئيس المصري حسني مبارك بأن جاره بنيامين نتنياهو في حالة من الاضطراب بسبب اتساع رقعة دوائر الاتهام وانتقاده وحصاره وعزم العديد من الدول الأوروبية على محاكمة ضباط اسرائيليين بسبب ممارساتهم الاجرامية بحق الفلسطينيين، قام مبارك بعزيمة قوية ومد يد العون لجاره المذكور، وقدم له قارباً للنجاة على اعتبار " ان حق الجار على الجار "، أراد مبارك أن يثبت للعالم أن الرجل (نتنياهو) مظلوم وهو ضحية افتراءات يدعيها الفلسطينيون ومراقبو الأمم المتحدة.
من أجل أن يؤكد مبارك ذلك قام باستدعائه لزيارة القاهرة حتى يكون اللقاء أكثر سخونة في قلب العروبة النابض، وكرّمه بتناول طعام الافطار على مائدة الرئيس وحاشيته.
لقذ أذهلت هذه الدعوة الكثير من المراقبين، كما طرحت الكثير من التساؤلات التي تقول: اذا كان أصحاب الشأن لا يقاطعون اسرائيل ويشاركون قادتها الولائم في أقدس الشهور عند العرب اذا لماذا يقاطعها الأخرون؟.
المذهل أكثر أنه قبل ترجّل نتنياهو من قارب الأمان المصري سارع رئيس السلطة الوطنية محمود عباس بدفع قارب آخر له للنجاة دون أي اعتبار أو تفكير بمواقف ومشاعر الفلسطينيين والعرب جميعاً، دون أن يبذل أحداً جهداً كبيراً، أذعن عباس لمطالب المعلم الكبير اوباما، مع أن عباس يدرك بأنه لم تكن أية منفعة للفلسطينيين من هذا اللقاء، وأن مردوده الوحيد
هو اعطاء اسرائيل الفرصة كي تلتقط أنفاسها أمام حملات الانتقادات ضدها ومطالبتها بالتراجع عن سياسة الرفض لعملية السلام العادل ووقف الاستيطان، ان اذعان عباس لمطالب اوباما بهذه السهولة تزيد من تعريته سياسياً وسوف يكون لها انعكاسات ايجابية تخدم مصلحة اسرائيل.
أولاً اسرائيل بكل أجهزتها الأمنية والسياسية تعرف من هو عباس، تعرف أن عقله الباطني يتوق للقاء كبار القاده الاسرائيليين كي يوهم الفلسطينيين والعرب أن هناك مساعي حثيثة لانهاء الصراع.
عباس أيضاً بحاجة الى الاسرائيليين خاصةً في هذا الوقت بالذات، انه بحاجه لهم كي يقدمون له الدعم في عمليات المطارده وملاحقة رجال المقاومة من حركة حماس والجهاد والشرفاء من حركة فتح داخل الضفة الغربية
لأن الاتصالات مع الاسرائيليين لم تتوقف، انها تتم كل يوم بهدف تطور التعاون الأمني المشترك، تتم هذه اللقاءات بعلم وموافقة عباس، لقد اعترفت المخابرات الاسرائيلية أنها هي التي تقوم بمرافقة وحماية عباس وبطانته خلال جولاتهم داخل الضفة الغربية، خاصةً داخل مناطق " ب " و " ج "، بعد هذا الاعتراف وعدم اعتراض عباس عليه، هل يمكن اعتباره مفاوضاً صلباً أميناً ومواقفه ثابتة.
المستفيد الوحيد من هذا اللقاء هي اسرائيل، لأن هذا اللقاء قد حول وتصدر اهتمامات الرأي العام في كل مكان، كما احتل المكانة الأولى في
وسائل الأعلام، وقد جاء هذا الاهتمام على حساب متابعة وملاحقة والاهتمام بالتقرير الذي أصدره " غولدستون " وأدان من خلاله اسرائيل لأنها ارتكبت جرائم حرب ضد البشرية أثناء عدوانها الأخير على غزة، هذا وحده كافٍ لاعطاء اسرائيل متسعاً من الوقت كي تقوم بحملة مضاده لهذا التقرير من أجل التخفيف من وقعه وتأثيره على الرأي العام العالمي قبل أن يُعرض على لجان الأمم المتحدة، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، لقد ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) في عددها الصادر في الثاني والعشرين من الشهر الحالي أنه في اليوم الذي تم به اللقاء الثلاثي كان العديد من كبار الساسه في اسرائيل من بينهم وزير الدفاع والخارجية ورئيس الدولة يقومون بجولات محمومة في العواصم الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وايطاليا وبريطانيا بهدف التقليل من أهمية تقرير غولدستون.
لم يكن هذا اللقاء صدفةً، فقد اختاره الرئيس الأمريكي اوباما بالتنسيق مع نتنياهو عندما زار الأخير واشنطن، ان هدف اوباما هو امتصاص مردود تعنت نتنياهو دولياً والتخفيف من وقع التقرير الذي نشرته الصحيفة السويدية حول قيام الجيش الاسرائيلي بانتزاع الأعضاء الداخلية من أجسام الفلسطينيين الذين يغتالهم متعمداً.
اسرائيل وجدت نفسها أمام أكثر من تحدٍ واحد، يبقى تقرير غولدستون أكثرها اثارةً، مما وضع اسرائيل في حالة من حمى الدفاع الكاذب عن جرائمها وسياستها الاحتلالية العنصرية. اذاً يمكن اعتبار اوباما شريكاً وطرفاً في تقديم قوارب النجاة لاسرائيل مع مبارك وعباس مع أن مصدر هذه القوارب هو أحواض بناء السفن الامريكية، لأن الولايات المتحدة لا تتحمل أن تصبح اسرائيل واقعه في خانة الدفاع عن سياساتها بدلاً من مواقع المبادرة والهجوم.
لم يذهب نتنياهو الى نيويوك للقاء عباس من أجل أن يتراجع عن مواقفه الرافضه للسلام، ووقف الاستيطان، أراد أن يؤكد ويشير الى عمق ومدى التعاون بين الاحتلال وبين السلطة الوطنية بقيادة عباس، وأن حماس وايران وحزب الله والمقاومة العراقية العدو المشترك لاسرائيل والعرب جميعاً.
جاء نتنياهو الى نيويورك وهو يعرف أن عباس فرّط في كل شيء، لم يترك لنفسه سوى خيار واحد هو الموافقه على املاءات اوباما وبقية دول الرباعية، اوباما ومعه نتنياهو يعرفان أن عباس عارٍ ومجرد من كل آليات الضغط على اسرائيل، سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، عربياً يعرفان بأن عباس يعتمد على عكازتين نخرهما السوس، وهي عكازة مبارك وعكازة عبد الله ملك السعودية.
عسكرياً أجهز عباس على المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بعد أن اسقط هذا الهدف من كل حساباته، وهو ماضٍ بالتآمر على المقاومة في غزة، في الضفة الغربية قام بتصفية كل أجيال وكوادر الثورة والمقاومة حتى داخل صفوف حركة فتح، قام باستبدالهم بمرتزقة من صنع الجنرال
الأمريكي دايتون، الذي أشرف عليهم بنفسه حتى حولهم الى عبيدً في خدمة السياسة الأمريكية التي تسعى لتوفير الأمن والأمان لاسرائيل. هذا يذكرنا بالجنرال غلوب الأنجليزي الذي قاد الجيش الأردني لمدة عقدين من الزمن وقام بمنع هذا الجيش من القتال في فلسطين سنة 1948.
اثناء اللقاء الثلاثي في نيويورك ازداد وجه عباس انقباضاً وبانت حالة من الحرج على ملامحه كأنه هو المعتدي والمستوطن والذي يقوم بحصار قطاع غزة، سبب ذلك أن عباس كان يعرف منذ البداية أنه سوف يخرج من اللقاء فارغ اليدين كما دخل، وكان يعرف أيضاً أن زميليه في اللقاء اوباما ونتنياهو يدركان بأنه لا يملك بديلاً لخيبة الأمل التي جرها وراءه بعد انتهاء الاجتماع.
الجدير بالذكر أن الهدية التي استقبل بها نتنياهو زميله عباس أثناء اللقاء كانت توغلاً اسرائيلياً جديداً في شمال بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وقيام الجيش الاسرائيلي بارتكاب جريمة اغتيال مواطن فلسطيني أمام إحدى الحواجز الواقعة شرقي القدس، أضاف نتنياهو ملحقاً إلى هديته وهي استمرار مسلسل الاعتقالات اليومي فقد تم اعتقال عشرة مواطنين فلسطينيين.

مقالات متعلقة