محمود درويش ليس عابر في كلام عابر!! وليس نزيل من نزلاء فندق (كامب ديفيد) الذي يضم كل المطبعين العرب .. درويش هو ابن هذا الشعب وهذا الوطن ..ولد الكلمات البسيطة وشاهد الحقيقة .. مغني الفقراء وناي الثورة .. هو اليوميات الفلسطينية بكل مرارتها بآمالها وآلامها وهو ليس بحاجة لأن نعرف به، فقد سبق له هو أن عرفنا بتفاصيل الوطن.. وتفاصيل المأساة الفلسطينية .. وتفاصيل لم يكن يعرفها هؤلاء الذين ينساقون وراء غرائزهم وشهواتهم الانتقامية جاعلين من تلك الشهوة سوطا لجلد كل من ليس على شاكلتهم،
محمود درويش نخجل من أنفسنا يا معلمنا عندما يقف البعض منا ليشوه عودتك إلى أحضان حيفا ! وأنت الذي قلت "بعد قليل سوف نعود إلى أنفسنا ناقصين "فاغفر لنا يا معلمنا ما صنع بنا البعض من أبناء جلدتنا عندما صوروا عودة الفارس إلى  خيوله القديمة بأبشع الصور!! اغفر لنا يا معلمنا ولا تأخذنا لأننا دخلنا إلى زمن صار فيه المغامر وطنيا.. وصار فيه المقامر بتاريخنا معلما فاشلا للوطنية يا محمود !!
أنت ابن حيفا قبل أن يدخلها أشباه الرجال..هنا صنعت الحاضر والمستقبل وهنا رسمت أمانينا وأمانيك التي أصبحت تاريخ شعب وسجل حياة هنا عرفت أخوتك بان المستقبل يصنعه الرجال وليس الكلمات المبرهجة والخطابات النارية !!
عائد أنت إلى حيفا إلى سلم الكرمل وبسملة الندى... عائد إلى احمد العربي.. ذو اليدين من حجر وزعتر تغدقنا بالنشيد وتثير بنا الشجون يا ابن الأرض والزيت والزيتون والزعتر.. عائد أنت الى حضن أمك وقهوة أمك.. اليوم تعود إلينا عودة المنتصر الذي قاوم حصارهم وانتصر.

قامتك تطاول السحاب.. وأنت تعلو على كل المتطاولين ..لأنهم مهما حاولوا رفع قاماتهم المنخفضة تصطدم بسقفنا نحن شرفاء هذا الوطن!! ولن نسمح لأي كان ان يلوث تاريخ هذا الشعب ويشوه معالمه وحضارته ونضالاته.. لن نسمح لهم بأن يقلبوا المفاهيم الثورية الثقافية الأدبية ويستبدلوها بمصطلحات موروثة من قاموس مزيف عنوانه "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ".
"وأنا أنا يا أبي رأيت أيامي أمامي".. وأنت أنت يا زيتونتنا المباركة ما زلت فينا وما زلنا نعد أيامنا بتواريخ قصائدك. لأنها تاريخ الشعب بانكساراته وانتصاراته.. تاريخ الأمة والشرفاء في هذا العالم.
اغفر لنا يا معلمنا ما صنعته قلة منا، لا يرون إلا بطول خيال عرف الدجاجة ... وصار العائد من المنفى مطبعا .. وهنا الكارثة !! فإذا كان ابن حيفا والبروة العائد من المنفى إلى الوطن متواطئا ومطبعا فماذا نسمي الهارب من الوطن إلى المجهول ؟؟!!
هل دخلنا مرحلة التمادي على أعلام شعبنا ؟؟ وان كنا قد دخلناها فعلا فإننا نهدم مدارسنا ونمزق أعلامنا وهل هناك جريمة أكبر من جريمة تمزيق العلم ؟؟ وتفتيت النسيج الحيوي الذي يربط بين المنفى والوطن ؟؟ ولماذا يصرون على تفتيت هذا النسيج .
قلتها أنت أيها الشاعر العظيم غزاة لا يقرؤون... نعم أنهم يغزون أحلام محمود درويش وخصوصياته في حب الوطن والشعب.. وهل كان على شاعرنا أن يرفض العناق مع إخوته كي يثبت لكم انه يكفر بالتطبيع؟؟
وهل كان عليه أن يبصق بوجه الحزب الذي تتلمذ في أحضانه، كي يثبت ولائه للقومية ومشاريعكم المعوجة !!
وهل كان عليه أن يعلن براءته من عودته كي يثبت حياده ؟؟ ومن انتم حتى تنظرون على سر الحب بين درويش وخيمته الأولى ؟ بين العشق الذي يربط الشاعر بذكرياته وشبابه ..بين حيفا ودرويش .. وبين ريتا ودرويش وقفت البندقية .. فضحى بالهوية !! وها هو يعود فارضا هويته الأدبية الثقافية الفلسطينية شاء من شاء وأبى من أبى.
محمود درويش ليس بحاجة لنصائح من يخلط بين الفراشة والنملة..بين العصفور والغراب .. وبين الطريق والسرداب !!
محمود درويش قامة شعب يقاوم وتاريخ أمة ومزمار ثورة.. قامته تطاول السحاب وهو ليس بحاجة لمن يبرأه من تفاهات التافهين ..هو أكبر من كل قاماتهم!! ألم يخجلوا من دموع أمهاتهم التي مسحها شاعرنا الكبير بأوراق قصائده الباقية كزيتون الجليل وعنب المثلث ونخيل النقب؟؟ الم يخجلوا من التاريخ الذي سيسجل وقفتهم هذه بالسواد ؟؟
عد يا درويش .. عد إلى أحضان حيفا متسلقا سلم الكر مل إلى حيث غنيت للفقراء في كل الأزقة ينشدون صامدون وصامدون وصامدون... عد لنردد معا.. آه يا جرحي المكابر وطني ليس حقيبة .. وأنا لست مسافر أنا العاشق والأرض الحبيبة عد يا ابن الأرض والزيت والزيتون والزعتر  لنفرش  الأرض سويا بالأغنيات ، وشعبنا قادر على رد كيد الحاقدين !!