* وزارة الخارجية الأمريكية لم تزود ميتشل باي تعليمات توحي بأنها تنوي رفع العقوبات عن سوريا

* الكونجرس:  الاسد يحاول دوما التلاعب بنا، وعلينا ان نبرهن له ان مشاريع واشنطن في المنطقة لا تتوقف عليه..

* الاسد يتصرف كأنه الحلقة الاقوى ويضع الشروط بدلا من اغتنام الفرصة والانفتاح..

ذكرت تقارير صحفية إن التوتر بدأ يتصاعد مجددا بين واشنطن ودمشق مهددا بانهيار فكرة إعادة العلاقات الامريكية السورية إلى سابق عهدها، وذلك على خلفية ما دار في الاجتماع الاخير الذي تم بين الرئيس السوري بشار الأسد والمبعوث الأمريكي للمنطقة جورج ميتشل في دمشق ومثل بداية النهاية لشهر العسل بين دمشق وواشنطن والذي بدأ بعد انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي. ونتيجة لهذا التوتر، صرفت إدارة أوباما النظر عن فكرة إعادة السفير الأمريكي الى دمشق، وذلك بعد أقل من 100 يوم على إعلانها ذلك، الأمر الذي ينذر بتصعيد خصوصا من جانب واشنطن خلال الاسابيع المقبلة.
وقالت المصادر: ان " الاسد بدأ يعد البيض الامريكي في سلته قبل ان يقدم لنا اي شيء في المقابل". وتضيف: "يطلق الاسد صاروخاً من هنا او هناك، ويتوقعنا ان نهرول اليه... هذا النوع من الابتزاز الامني لم يعد ينطلي على الولايات المتحدة". وحسبما قال مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى، فإن "القشة التي قسمت ظهر البعير بين واشنطن ودمشق" هي تلك التصرفات السورية اثر زيارة مبعوث السلام الأمريكي للمنطقة جورج ميتشل الاخيرة ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد في يوليو/تموز الماضي. وقال هؤلاء: "اثناء اللقاء بين ميتشل والاسد في دمشق، طلب الرئيس السوري من المبعوث الامريكي ان يشرح له بنود العقوبات على سورية، حينذاك، تناول ميتشل مسودة العقوبات وقرأها بندا بندا، وشرحها بالتفصيل للاسد، واستغرق ذلك اكثر من ساعة ونصف الساعة".

غضب عارم في واشنطن
وقبل ان تحط طائرة ميتشل في مطار دالاس الدولي في واشنطن، في طريق عودتها من الشرق الاوسط، كانت موجة غضب عارمة تجتاح اروقة القرار في واشنطن. فوزارة الخارجية الأمريكية لم تزود ميتشل باي تعليمات توحي بأنها تنوي رفع العقوبات. كذلك جن جنون عدد كبير من اعضاء الكونجرس الذين قاموا باستدعاء ديبلوماسيين من الخارجية، على وجه السرعة، للوقوف على ما دار بين المبعوث الامريكي والاسد.
الا ان ميتشل قدم محضر الاجتماع مع الاسد الى زملائه في الخارجية، والى زملائه السابقين في الكونجرس "عندما قرأنا ما حصل فعلا بين الرجلين، توصلنا الى قرار وحيد، هو ان الاسد يحاول دوما التلاعب بنا، وانه علينا ان نبرهن له ان مشاريع واشنطن في المنطقة لا تتوقف عليه"، حسب مصدر أمريكي رفيع المستوى. وتضيف المصادر ان "عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية، والتي يتهم البعض سورية وحلفاءها في لبنان بالوقوف وراءها، لا تعني الولايات المتحدة كثيرا، فنحن لا ندخل في هذه التفاصيل وهي شأن لبناني".

ابتزاز سوري
لكن ما اثار حفيظة الادارة الاميركية، حسب المصادر، "ان بعد اشهر على الحوار معه (الاسد)، لم يعدل قيد انملة في سلوكه، ولم يقدم لنا اي شيء مما نطلبه، بل يسألنا دوما عما يمكن ان نقدم له نحن، تحت رحمة الابتزاز ووقوع حوادث في المنطقة... اميركا لن تخضع للابتزاز السوري". وعن اي دور عربي لتقريب وجهات النظر بين واشنطن ودمشق، قال المسؤولون الأمريكيون أن "مصر حانقة على الاسد وتشاركنا وجهة النظر في ان لا فائدة من الحوار مع النظام السوري، اما السعودية، فراقبناها تقدم التنازل للاسد تلو الآخر - في لبنان وغير لبنان - ولم نر نتائج تذكر حتى الآن".
التوتر الاميركي السوري في طريقه الى التصعيد، حسب الاجواء السائدة في العاصمة الاميركية، فيما وجهة النظر التي يبدو ان معظم السياسيين الاميركيين يتشاركونها، مفادها بأن "سورية هي اللاعب الاضعف في التحالف مع ايران وممكن استقطابها، لكن ايضا بحكم كونها الشريك الاضعف، فان عزلها ونسيانها هو اسهل بكثير".
وتختم المصادر بالقول: "ذهبنا الى الاسد لاننا نعتقد انه الحلقة الاضعف في التحالف المعادي لنا في الشرق الاوسط، لكنه يتصرف كأنه الحلقة الاقوى ويضع الشروط علينا بدلا من اغتنام الفرصة والانفتاح، ووسط هذا التباين، كان لا بد من العودة الى الاختلاف وممكن الانقطاع النهائي".