* الدكتور أحمد هيبي :

-  لا يكفي ان يكون المرء عارفا بالمادة  لكي يقوم بتأليف كتاب في هذه المادة

- أكثر المتحدثين عن أسباب فشل الرياضيات عندنا، يركزون على عنصر واحد . مثلا البيت، أو سياسة الحكومة في التمييز غير المعلن ولكن الواضح في الميزانيات والتجاهل، ولكنهم يهملون دور المدرسة والبيت والمعلم

الدكتور أحمد هيبي، دكتوراة في الرياضيات من جامعة حيفا، ماجيستير في الرياضيات من الجامعة العبرية في القدس، محاضر في الكلية العربية للتربية في حيفا، مؤلف كتب "البواكير" في الرياضيات للمدارس الابتدائية، كاتب وأديب معروف. انتهى مؤخرا من وضع سلسلة من كتب الرياضيات للصفوف الاعدادية باسم "المعالي". وقد أجرينا معه هذا اللقاء.

* ما هي "المعالي" ولماذا الآن بالذات؟
- في السنة الأخيرة قامت وزارة لمعارف بوضع منهاج جديد في الرياضيات للمدارس الاعدادية، وذلك بعد تهالك المنهاج القديم، وعدم كفايته في مادة الهندسة مثلا. ولذلك انبرى عدد كبير من الكتاب في الوسط اليهودي، لوضع كتب تناسب هذا المنهاج. وقد كانت الفكرة في البداية، أن يدخل المنهاج الجديد الى عدد محدود من المدارس، ولكن أقر في النهاية ادخاله الى جميع صفوف، بدءا من هذه السنة. ومن هنا كانت الحاجة الى الكتاب. فالكتب القدية ما عادت توافق المنهاج الجديد.

* سمعنا أنك قمت بتأليف الكتاب باللغة العبرية أيضا
. وهذا يعتبر سبقا. فلأول مرة في تاريخ هذه الدولة، يقوم مؤلف عربي بتأليف كتاب في الرياضيات يدرس في المدارس اليهودية. هل يجد الكتاب هناك اقبالا؟ - نعم. هناك إقبال على هذا الكتاب، والسبب أنه وضع مادة المنهاج بطريقة سلسة واضحة، بدون أن يهمل أية مهارة مطلوبة في المنهاج. وسوف تقوم العديد من المدارس العبرية بتبنيه واستعماله في السنة الدراسية القادمة. على الرغم من وجود 8 سلاسل كتب موضوعة في اللغة العبرية من قبل مؤلفين يهود، للمدارس اليهودية.

* ما الذي يميز كتاب المعالي عن غيره من الكتب؟
- تأليف كتاب دراسي هو مسؤولية ومهمة دقيقة لها أكثر من جانب . لا يكفي ان يكون المرء عارفا بالمادة المادة لكي يقوم بتأليف كتاب في هذه المادة. فتعليم المادة هو فن مختلف. كذلك تأليف الكتاب. على مؤلف الكتاب أن يكون مطلعا على طرائق التدريس، وعلى كل جديد ومستحدث في هذا المضمار.. فلا ننسى أن هناك تراثا عالميا في تدريس أي موضوع. وهذا التراث غير متوفر بمجمله - حاليا - الا في اللغة الانجليزية.

* هل نجاح كتب البواكير واعتمادها ككتب دراسية في أكثر المدارس العربية هو وراء "كتاب المعالي"؟
- لا شك أنني استفدت كثيرا من تجربة البواكير. ولا يستطيع شخص أن يكتب كتابا دراسيا للمرحلة الاعدادية، دون أن يكون عارفا وملما بما تعلم الطلاب في المرحلة الابتدائية. فتسلسل المادة، واعتماد اللاحق منها على السابق، هو عنصر أساسي في الرياضيات. وقد رأيت أن استفيد من تجربة البواكير في هذه النقطة بالذات، وهي توظيف معرفتي بمواد المدرسة الابتدائية. بالاضافة الى الامور الفنية الأخرى من طباعة وغيرها.

الدكتور أحمد هيبي

* من تجربتك كمعلم ومحاضر. هل لديك اسلوب خاص في التدريس؟ 
- تتلخص نظريتي في التدريس بأربعة مباديء هي: - 1 التبسيط، أي تبسيط المادة، والبدء في التدريس من نقطة يعرفها الطالب، ولا يشعر إزاءها بالغرابة أو عدم اليقين. أذكر مثلا أننا كطلاب عرب في أول عهدنا في الجامعة، شعرنا أن رياضيات الجامعة غريبة عنا وعن تفكيرنا، وعما يمكن أن نذوته ونقبل به. 2 - التدريج، فتعليم مادة يجب أن يسبقه تعلم جميع المواد التي تعتمد هذه المادة عليها، وهو شيء واضح في الرياضيات كونها موضوعا متسلسلا أكثر من غيره. - 3 الترغيب وهو أن يرى الطالب في المادة شيئا مهما ونافعا ومثيرا للاهتمام، ولو جعلنا الطالب يحب الموضوع الذي يتعلمه، أي موضوع، لما كانت هناك حاجة لبذل هذا الجهد الكبير في تعليمه كما يحدث اليوم، بل سيقوم هو بتعلم الأشياء والبحث عما ينقصه من معرفة. ولكن معادلة "الحب" هذه لم تكتشف بعد . - 4 لتحدي: وهي المرحلة التي يستطيع فيها الطالب ويرغب في أن يؤدي مهاما ويتحدي مسائل شائكة في الموضوع الذي يدرسه، ويجد لذة كبيرة في حل هذه المسائل وفهمها. إنها مرحلة الابداع، سواء على نطاق أولي أو نطاق أوسع في مراحل متقدمة.

* ما سبب الفشل في الرياضيات في المدرسة العربية؟
 - هذا سؤال شائك، والتعرض له قد لا يعجب البعض أو يؤذيهم. والأهم من ذلك أن لا أحد من أصحاب الشأن يعترف أو يقر به. والصعوبة في تحديد مصدر هذا الفشل ، أن مصادره وأسبابه عديدة. فهناك الكثير من العناصر التي تدخل في العملية التعليمية: وهي: - السياسة العليا وفعالية المسؤولي. - المدرسة - المعلم. البيت مُمثّلا في الأهل والبيئة. الكتاب والمنهاج التعليمي. - ثم أخيرا الطالب. أكثر المتحدثين عن أسباب فشل الرياضيات عندنا، يركزون على عنصر واحد من هذه العناصر. مثلا البيت، أو سياسة الحكومة في التمييز غير المعلن ولكن الواضح في الميزانيات والتجاهل، ولكنهم يهملون دور المدرسة والبيت والمعلم، وحتى الكتاب التدريسي. ولاحظ أني وضعت الطالب في آخر السلم. بسبب أن الطالب لا يضع المناهج ولا يضع السياسة العليا التي تحدد عدد ساعات التعليم مثلا، أو نجاعته، أو البيئة التعليمية في المدرسة. ومع ذلك فإن الطالب نفسه يحمل قسطا متناميا من المسؤولية، كلما كبر وأصبح أكثر وعيا بما يدور حوله.

* هل لكتاب المعالي استمرارية لصفوف أعلى؟
- نعم هذه نقطة مهمة، لقد قمت بوضع كتب الصف الثامن والتاسع للمدرسة الاعدادية أيضا. والصف الثامن في السنة القادمة، سوف يكمل مع كتاب المعالي، وبعدها يأتي دور الصف التاسع. نتمنى للدكتور أحمد النجاح، ولصفوف السوابع، وطلابنا ومدارسنا ومعلمينا، أينما كانوا، أن يستفيدوا من هذا العمل.