الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 06:02

قوة الشباب الضائعة بقلم: جريس بولس


نُشر: 19/07/09 16:14

* فهل هيأْنا لهم النوادي الرياضيه المغرية، وشجعناها لكي تحضن منهم من هواه في الرياضة؟ وهل اعددنا لهم النوادي التمثيلية والفنيَّة والموسيقية إعداداً جميلاً

* وكم من فتىً ينجز ما عليه، ثم لا يعرفُ كيف يتصرف في فراغه فيصب ساعاته الثمينة هدراً في الاشياء الفارغة والمجالس التافهه دون ان يدري انه قد يكون احسن إنتاجاً

* أننا حين اهملنا هذه الناحيه، كنا كذلك النهر الكبير الذي يحمل امواجه الخيرة إلى الرمال المقفرة، لتضيع فيها دون ان تقدر على إنبات غرسة نافعة، او تأليف واحه معشبة


(لا شك ان القوة في الشباب هي ذروة الشباب. ولكن هل أدركنا قيمة هذه القوة؟ وهل هيأنا للشباب الفرصة المواتيه للانتفاع بهذه القوة؟)

انتصف الليل إلا قليلاً، وتعتب عيناي من الحروف السوداء التي باتت تتراقص على اهدابها .... فطلبت النوم، ومن دأبي ألاَّ يعصاني النوم .... ولكن فجأة أخذت أصوات مشوشة تتعالى من الشارع نحو غرفتي انتظرت ان تنقطع الضجَّه، ولكنها هي هي ....

فصبرت، وتجَمَّلْتُ بالصَّبر .... فكانت تزدادُ مصحوبة حيناً بالكلمات المهذبه، وحيناً بالاغاني المخنَّثة، أطلت على الشارع، فرأيتُ فئه من الفتيانِ تحت مصباحِ الطريق، يتطارحون النجوى في منتصفِ الطريق  وفي منتصفِ الليل، ويرفعون عقيرتهم في أغانٍ مبتذله، بدون وزن ولا ايقاع. غير مبالين بسكينة الليل، وطلب الناس للنوم الهادىء، كأنما العالم عالمهم، والليل ليلهم.

لم اجرؤ ان ارجوهم ان يمنُّوا علينا بالهدوء، خشيه ان يزيد الادب ادبهم، والرجاء من إمعانهم في الضجيج، فتركتهم حتى يسأموا وينصرفوا.

فكَّرتُ، وانا على سريري، في هذه القيم المشحونة قوة وحياة كيف تَهدر كالشلالات الضائعه التي لا تجد من يستخدمها لاستخراج النور، وتوجيهها نحو الخير.

كم من فتىً تقع عليه العينُ، ليلاً أو نهاراً لا يجد في حياتهِ شيئاً هامَّاً يتعلق به، ولا يدرك ان له طموحاً، او مثلاً يسعى اليه. فهو كالبهيمة في حياته، لا يتقن إلا الطعام والشراب، والخفق في الشوارع، والخطران بين الملاهي.

وكم من فتىً ينجز ما عليه، ثم لا يعرفُ كيف يتصرف في فراغه فيصب ساعاته الثمينة هدراً في الاشياء الفارغة، والمجالس التافهه دون ان يدري انه قد يكون احسن إنتاجاً لو عرف كيف يستفيد من فراغهِ.

اخبرني احدهم، وهو طالب في ديار الغرب، ان له صديقاً في المدرسة تبدو عليه مظاهر النعمة والترف.

سأله أينَ تريد ان تقضي عطلتك؟

اجابه الطالب الغربي: اريد ان أُفتش عن عمل أستعينُ به، واحصل على بعض المال.

فأجابه مستغرباً: هل انت في حاجه إلى المال؟ إلا يعطيك ابوك؟

فقال له: إنني أُمرّنُ نفسي على العمل ... ليس عندنا بطاله محترمه .... يدك التي هي منك يجب ان تشق بها طريقك؟ ...

فاحمرَّ وجه طالبنا خجلاً من نفسه، لانه يفهم العطلة انغماساً في الفراغ، واستسلاماً الى الرَّاحه المطلقه وانقطاعاً عن كل جدٍّ. كما يفعل طلابنا حين ينتهون من فحوصهم، فهم لا يقبلون على المطالعه، ولا ينتمون إلى عمل، ولا يحترفون صناعه، كانما كل ذلك يهين من كيانهم كفتيان.

وما علموا ان الفتيان في غير هذا المكان، يحملون انفسهم على اقتحام المشاق، واحتمال النصيب الاوفى من عُسْرِ الحياة، ولذلك بات هؤلاء الفتيه عندنا لا يجدون إلا الشارع مكاناً يعمر بهم، وإلاّ التسلي بهذه الفنون من الاحاديث التافهه. والاغاني المنحطة التي يلوثون بها انفسهم او يزعجون بها غيرهم.

على أني لا اضع اللوم كله عليهم، فنحن جديرون ببعض هذا اللوم.

لاننا اهملنا شأن تربية فتياننا، وترعيتهم خارج المدرسة كما نفعل داخلها: ...

فهل هيأْنا لهم النوادي الرياضيه المغرية، وشجعناها لكي تحضن منهم من هواه في الرياضة؟ وهل اعددنا لهم النوادي التمثيلية والفنيَّة والموسيقية إعداداً جميلاً يغري هؤلاء الفتيان، فينتسبوا إليها، وتكون لهم هذه النوادي مدرسة ثانية تكمل ما بدأت به المدرسة؟

هل زيَّنا لهم القيام برحلات صيفية، وبناء مخيّمات يعيشون فيها عيشة فيها ألفه، ومشقة،وراحه؟!

أننا حين اهملنا هذه الناحيه، كنا كذلك النهر الكبير الذي يحمل امواجه الخيرة إلى الرمال المقفرة، لتضيع فيها دون ان تقدر على إنبات غرسة نافعة، او تأليف واحه معشبة. هناك فتيان بنَّاءون يتمتعون بروح إنشائية مبدعة، فليجتمعوا، وليجمعوا حولهم هذه الكتائب المهملة، يفجرون منها الحياة والقوة، لتمشي في شرايين الشعب حياه وقوة.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.78
USD
4.06
EUR
4.74
GBP
236315.11
BTC
0.52
CNY