الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 06:01

الحالة بطاطا.. انتخابات ايران


نُشر: 12/06/09 18:20

دون أن تطرف جفونهم، ولـ 28 دقيقة، تابع الحاضرون في الجمعية العامة للأمم المتحدة خطاب أحمدي نجاد، وفيما بعد شعر الرئيس الإيراني، خلال الخطاب وفي عقر بيت الشيطان الأكبر، بهالة من نور حول رأسه. في البداية نفى الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، ما هو منسوب إليه بصدد هالة النور وبصدد الجفون التي لا تطرف، فيما بعد عندما ظهر تسجيل حديثه هذا، صمت، فلم يعد بإمكانه أن يتجاهل.. والحقيقة أنه بمنحى عن الصحة العلمية في تسمر جفون الناس، هذا المدة الطويلة من الزمن، يبقى السؤال، بعد هذا الحديث، عن أهلية هذا الرجل في القيادة.
ومع ذلك، فالأمر الذي سيحسم في الانتخابات التي تجري اليوم في إيران، هو الوضع الاقتصادي، فبعد أن أشبع أحمدي نجاد سامعيه بالشعارات الوطنية النفاذة، فإن الاقتصاد الإيراني، المتمتع بخيرات طبيعية هائلة، يعاني اليوم من أزمة خانقة، تجد ترجمتها في نسبة البطالة العالية، وخاصة بين الشباب، وفي.. تقنين بيع النفط للمواطنين؛ وإيران هي من أغنى دول العالم في النفط. أما التضخم الاقتصادي فقد ارتفع خلال فترة حكمه من 15% إلى 25%، ويظهر أن هالة النور التي تلاحقه، أوحت له بتوزيع أكياس بطاطا في الأحياء الفقيرة، حيث قام بتوزيع أربعمئة ألف طن من البطاطا، قبيل الانتخابات، من أجل زيادة شعبيته.
أحمدي نجاد في حرب ضروس ضد منافسيه ومنتقديه، وحسب الصحف فإن أحداً لم يسلم من تهجماته، من حسين موسوي، وزوجته، حتى الرئيس الإيراني السابق، رفسانجاني: فهو يتهمهم بالفساد وبإقامة علاقات مع قوى أجنبية للإطاحة بحكمه، واتهمهم، لا أقل، بتبني أساليب استخدمها الزعيم النازي أدولف هتلر. أما زوجة موسوي فقد اتهمها بأنها زيفت شهادة الدكتوراة، والأخيرة خرجت بحملة واسعة ضده وهددت بالتوجه للقضاء.
الحقيقة أن الديمقراطية الإيرانية، مع ما نشهده من صراع حقيقي وحاد، هي دمقراطية محدودة، ففي القضايا الحاسمة وخاصة في عملية تشريع القوانين، فالكلمة الأخيرة هي لمجلس الشورى، الممثل بالمرشد الروحي، خامينئي، وهذا الأمر شهدناه إبان ولاية خاتمي لرئاسة الجمهورية، كيف وجد الأخير نفسه غير قادر على تنفيذ تعهداته الانتخابية، ومع ذلك فهذه الانتخابات تعكس الاتجاهات السائدة في المجتمع الإيراني، حتى من خلال تأقلم القوى المختلفة، اللبرالية والإصلاحية والمحافظة وحتى اليسارية، مع القواعد التي وضعها النظام الأصولي المتشدد هناك.
وإذا كانت كل انتخابات محلية لها إسقاطاتها الإقليمية وحتى العالمية، فإن الانتخابات الإيرانية تحمل وزنًا أكبر بكثير من حجمها، فلإيران تأثير هائل على المناخ المنطقي والدولي، أكثر بكثير من معظم بلدان العالم، وذلك لعدة أسباب أهمها طبيعة النظام هناك، وبسبب الملف النووي، الذي جعلته القيادة الإسرائيلية نشيدًا وطنيًا نستفيق عليه ولا يهنأ لنا نوم إذا لم يكن الصوت الأخير الذي نسمعه قبل رقادنا. ولذلك، يمكننا التقدير أن خسارة أحمدي نجاد تقض مضاجع القيادة الإسرائيلية، فكيف سيجدون ذلك القائد المناوب الذي سيرقص على أنغامهم. فتحت عنوان \"موسوي سيئ لإسرائيل\"، كتب الدكتور سولي شاهور، رئيس مركز عوزي في جامعة حيفا، في \"يديعوت أحرونوت\"، أمس الخميس: \"السؤال هو هل انتحاب موسوي وهزيمة أحمدي نجاد ستخدم المصالح الإستراتيجية لإسرائيل، والجواب كما يظهر لا\".
لا حاجة للتحليل أن أكثر ما يفيد القيادة الحاكمة في إسرائيل هو شخص يعربد ويهدد ويتوعد.. وقبل ذلك كان صدام من قال: \"سألهطكم بالكيماوي\"، وماجت الأرض بمن فيها، واتضح فيما بعد أنه لم يكن لديه لا ذري ولا كيماوي، ولا حتى سلاح عادي.. فجاءت هذه التصريحات لتتوافق مع الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية لضرب العراق.
واليوم يريد السيد نجاد أن \"يؤلم\" إسرائيل أكثر فجعل من إيران مركزًا لمنكري المحرقة، والسؤال المطروح هو: عن من يدافع احمدي نجاد هنا؟ هل قلب نجاد على النازية أنها ظُلمت جورًا، بسبب تحميلها وزر الكارثة التي لحقت بالشعب اليهودي وبالشعوب الأخرى؟ هل سيكون ضمير نجاد مرتاحًا أكثر إذا تبين أن النازيين لم يقتلوا \"سوى\" مليون يهودي، أو مئة ألف يهودي؟ والأمر الأهم في هذا الصدد، أنه إذا كان أصحاب الشأن أنفسهم، إذا صح التعبير، أي الألمان، يقولون أن هذا ما حدث، فهل نجادي هو ألماني أكثر من الألمان؟ اليوم بعد أن استغل حكام إسرائيل حتى الثمالة المحرقة، التي حدثت بالفعل، من أجل تبرير موبقاتهم ضد الشعب الفلسطيني، سيعملون بكل قواهم وأجهزتهم وإعلامهم لإظهار \"مسكنتهم\" أمام منكري المحرقة.. فهل جاء اليوم دور الفرج الإيراني، بعد أن أنهى \"الفرج العربي\" دوره.
الحقيقة أن صاحب هالة النور الذي يوزع أكياس البطاطا، في تصريحاته وفي طريقة تفكيره، لا يحارب إسرائيل بل هو وقود العدوانية الإسرائيلية والأمريكية. صحيح أن ظاهرة أحمدي نجاد تنمو على أرضية العدوانية الإسرائيلية وتنكرها للحقوق الفلسطينية، ولكن هذه الظاهرة تقدم أسوأ خدمة للشعب الفلسطيني ولحقوقه القومية.
كما يظهر، فإن الشعب الإيراني الذي يملك سمة انتقادية مفاجئة سيقول كلمة ما في هذه الانتخابات. ولكن لنترك إيران للإيرانيين، فأهل مكة أدرى بشعابها.. ونعود لحالنا، فهنالك منّا، من يعتبر إيران بقيادة نجاد، وكوريا، بقيادة الزعيم المحبوب ابن الزعيم الكبير، رأس الحربة في التصدي للاستعمار.. فإذا كان نجاد، الذي يعيش شعبه حالة من التقنين، وجونغ إيل الذي يعيش شعبه على حافة المجاعة، هم رأس الحربة.. فيجب فحص هذه الحربة من الأساس .. الله يرحمك يا عبد الناصر.. ناصر السد العالي ومصانع الصلب في حلوان.
لا أعرف لماذا يراودني هذا الشعور أنه كلما ازداد تقييم الزعيم لنفسه وكلما وضع نفسه فوق نطاق البشر.. كلما زاد وضع الناس سوءًا.. إنه زمن البطاطا. 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.75
USD
4.02
EUR
4.70
GBP
215505.21
BTC
0.52
CNY