الرسالة الواضحة التي يجب أن يفهمها نتنياهو أن الزمن والديمغرافيا والظروف العالمية ليست لصالح إسرائيل، وهي ليست بموقع الإشتراط والدلال \"
من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى أوروبا، إلى قادة الدول العربية، وحتى الأحزاب والجمعيات، جميعهم يلهثون وراء كلمتين فقط لا غير ينطق بهما صاحب الشفتين المطبقتين والصائم عن البوح بهما، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ألا وهما \"حل الدولتين\".
فنتنياهو من جانبه يريد أن يتحدث فقط عن الخطر الداهم على إسرائيل والعالم، وعن كارثة العصر الحديث التي تريد إيران القيام بها عن طريق المشروع النووي. نتنياهو يعتقد أن باستطاعته فرض قواعد لعبة جديدة في الشرق الأوسط، وهو يتمنّع ويظهر الدلال كالعروس التي تريد استغلال العريس الجديد بأقصى ما تستطيع من مصروف وهدايا. العروس نتنياهو يريد الفوز بثمار السلام دون دفع الثمن، فهو يريد التطبيع والعلاقات الطبيعية مع الدول العربية، ويريد من الجميع أن يعترفوا بيهودية الدولة أولا، ثم ينظر حضرته في أمر الكلمتين.
إن لهاث الدول العربية وراء نتنياهو ليقبل بالمبادرة العربية وحل الدولتين يزيده عنادا وتطرفا ويزيده إهانة للدول العربية وقادتها. وعلى العرب إيصال رسالة قوية وواضحة وهي أن السلام هو أولا لمصلحة إسرائيل، ويجب أن يكون خيارها الاستراتيجي، وإن لم تقبل بذلك أو فرضت شروطا تعجيزية فهي الخاسرة، لأن الذي لا يريد حل الدولتين هو إنما يسعى لدولة ثنائية القومية بين النهر والبحر. والذي يدّعي أن هناك دولة فلسطينية في الأردن ولا حاجة لدولة في الضفة والقطاع- كما يقول أصحاب أرض إسرائيل الكاملة- إنما يسعى لدولة فلسطينية في الأردن وكذلك في الضفة والقطاع.
الرسالة الواضحة التي يجب أن يفهمها نتنياهو أن الزمن والديمغرافيا والظروف العالمية ليست لصالح إسرائيل، وهي ليست بموقع الإشتراط والدلال.
باعتقادي أن نتنياهو المتبدل والمتغير والبرغماتي سوف تنطق شفتاه بالكلمتين عاجلا أم آجلا، وكل الحيل السياسية والألاعيب إنما هي لكسب ظروف وشروط أفضل.
ويذكرني موقف نتنياهو بقصة ذاك الأرنب الذي قبض عليه أحد المزارعين وأراد أن يقتله، فخيره بين أن يرميه في النار وبين أن يرميه بين الأشواك، فصاح الأرنب الذكي: \"أرجوك أرجوك إرمني في النار ولا ترمني في الشوك لأني سأموت هناك ميتة شنيعة\"، فقام المزارع البسيط برمي الأرنب بين الأشواك، ظانا أنه بذلك يؤذيه أكثر ولا يعطيه ما يريد، وبهذه الحيلة نجا الأرنب الذكي. وأظن أن هذه باختصار قصة نتنياهو مع \"حل الدولتين\".