الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 10:02

انهيار الهدنة.. انقاذ لحماس


نُشر: 29/04/07 18:31

انهيار الهدنة، واستئناف كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) قصفها الصاروخي للمستوطنات الاسرائيلية شمال قطاع غزة امر متوقع، بل انه تأخر كثيرا، اكثر من اللازم، لان الطرف الاسرائيلي، وبعض الجهات الفلسطينية المتواطئة معه، استغلا هذه الهدنة من اجل الحاق اكبر قدر ممكن من الاذلال بالشعب الفلسطيني، والاستعداد بشكل مكثف في الوقت نفسه، لتصفية المقاومة وعناصرها المسلحة.
الهدنة صمدت اكثر من عامين، وبهدف افساح المجال لإنجاح العملية السياسية، من خلال دخول حركة حماس في صلبها، عبر بوابة الانتخابات البلدية والتشريعية، ولتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني تحت الحصار، والافراج عن الاسري والمعتقلين، ووقف مسلسل الاغتيالات الذي يستهدف النشطاء والقيادات، ولكن الحكومة الاسرائيلية فسرتها علي انها ضعف، وتغولت في سياسات الحصار والتجويع، والرهان علي شق الساحة الفلسطينية، وصب الزيت علي نار الحرب الاهلية الفصائلية بدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية والاوروبية.
حركة حماس ، أو القيادة السياسية فيها علي وجه التحديد، تجاوبت مع اصوات بعض العقلاء العرب، وتنازلت عن حقها المشروع في تشكيل الحكومة، وقبلت الذهاب الي شعاب مكة طلبا للمصالحة، وحقنا للدماء، ودخلت في شراكة سياسية مع من اتهمتهم بالتفريط والفساد، وعانق بعض قادتها من كانوا يطلقون عليه رأس الفتنة ، وقبلت الحركة بكل قرارات القمم العربية، و كل قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، في تنازل غير مسبوق يتضمن الاعتراف ضمنا بالدولة العبرية، ومبادرة السلام العربية.
اتفاق مكة حقن الدماء الفلسطينية ولو مؤقتا، وحكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عنه جسدت الشراكة السياسية، الامر الذي سهل لقمة الرياض اعادة احياء مبادرة السلام العربية، وعقد اجتماعات علي مستوي وزراء الخارجية لتفعيلها. ولكن الحصار التجويعي علي الشعب الفلسطيني استمر، والأسري بقوا خلف القضبان، واجتماعات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع ايهود اولمرت التي استؤنفت بشكل دوري بوساطة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية او بأوامر منها، لم تتمخض الا عن المزيد من العناق الحار بين الرجلين، والمزيد من التطبيع الشخصي ، والألفة المتجددة.
وجاءت المجزرة الاسرائيلية الاخيرة في غزة التي راح ضحيتها تسعة شهداء لتفجر حالة الاحتقان المتضخمة في اوساط حماس وتدفع بكتائب القسام لاطلاق اكثر من تسعين صاروخا وقذيفة علي بلدة سديروت، ولتهدد باستئناف العمليات الاستشهادية، وخطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بأسري فلسطينيين.
استمرار الهدنة في ظل الحصار، وتهافت العرب الرسميين علي التطبيع مع الدولة العبرية تحت ذريعة تفعيل المبادرة كانا سيؤديان حتما الي انشقاق كبير داخل حركة حماس ، لان الذهاب بعيدا في استرضاء الانظمة العربية، تحت شعار الانضواء تحت عباءة الاجماع العربي الذي رفعته قيادتها، لم يكن مقنعا لصقور الحركة في شقيها السياسي والعسكري، لان الحركة انتقلت فجأة من خندق المقاومة والصمود المقابل للخندق الامريكي ـ الاسرائيلي، الي خندق محور المعتدلين العرب الذي يمهد لتوفير غطاء عربي واسلامي لضرب ايران وحزب الله وسورية، او ما يوصف بـ محور الشر .
الجناح العسكري في حماس كان يعيش حالة من الغليان في قدر مكبوت .. فقد كان من الصعب ان يتحول طابور الاستشهاديين، الي حراس لمعالي الوزراء والمدراء العامين لحركتهم، او فراشين في وزارات هي وزارات بالاسم فقط.
حركة حماس تعرضت الي اكبر خديعة في تاريخها، فقد دخلت الشراكة السياسية بنية طيبة، وعلي امل ان يتم الاعتراف بها كحركة سياسية شرعية منتخبة، او يتم رفع الفيتو المفروض عليها، والتعامل معها، خاصة بعد ان تنازلت عن جميع وزارات السيادة ، واضطرت للقبول بسلام فياض وزيرا للمالية، وزياد عمرو للخارجية، ووافقت مكرهة علي المرشح رقم عشرين لوزارة الداخلية بعد رفض اكثر من مرشح تقدمت باسمه الي الرئيس عباس، ومع ذلك ظل الفيتو مسلطا كالسيف علي رقبتها، ولم يتغير وضع الحصار.
الاهانة الاكبر التي تعرضت لها حماس تمثلت في تعيين العقيد محمد دحلان مستشارا للأمن القومي الفلسطيني، تخضع له جميع الاجهزة الامنية الفلسطينية، ووزير الداخلية الجديد. التعيين جاء بعد يوم واحد فقط من اداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية. وبلغت الشكوك ذروتها عندما اعتمد الكونغرس مبلغ 56 مليون دولار لدعم الحرس الجمهوري (العباسي)، علي ان يقتطع منه مبلغ ثلاثة ملايين دولار للميزانية الخاصة لمصاريف مكتب العقيد دحلان. فقد اصبح وزير الداخلية الفلسطيني مثل شاهد زور او مثل نوري المالكي رئيس وزراء العراق يضع الخطط الأمنية ولا يستطيع تنفيذها لانه لا يحكم علي القوات الامنية.
في ظل كل هذه الاستفزازات المتلاحقة من الصعب ان تستمر الهدنة واذا استمرت فإن بديلها هو انشقاق الجناح العسكري للحركة، وتحوله الي فصيل مستقل يعود الي منابع الحركة الفكرية ومنطلقاتها الاساسية التي وضع اسسها المرحوم الشيخ احمد ياسين، او انضمام عناصره الي منظمات وحركات ما زالت ترفع راية المقاومة، وترفض الانضمام الي العملية السياسية مثل حركة الجهاد الاسلامي ولجان المقاومة الشعبية.
قيادة حركة حماس في الداخل والخارج عكست بانطوائها الملحوظ في الفترة الاخيرة، حالة القلق والارتباك هذه. فمنذ اتفاق مكة لم نر السجاد الاحمر يفرش للسيد خالد مشعل ورفاقه في المطارات والعواصم العربية، كما غابت تصريحاتهم النارية عبر شاشة قناة الجزيرة .. وباتوا يراقبون التهافت الرسمي العربي علي التطبيع مع اسرائيل، والفلتان الامني في الداخل بصمت المحرج ولا نقول العاجز.
انهيار الهدنة، ولو كان مؤقتا، ربما ينقذ حماس من الانشقاق، ويجنبها المصيدة التي نصبها لها القادة العرب، لادخالها بيت الطاعة، واستخدامها كمحلل لتصفية القضية الفلسطينية.
ايهود اولمرت يلوح بالرد علي اطلاق الصواريخ من خلال عمليات توغل محدودة، او استئناف عمليات الاغتيال بتوسع اكبر، وهو ان فعل، سيفجر الاوضاع مجددا، وسيقضي علي طموحات محور الاعتدال العربي في التهدئة لإعطاء فسحة من الوقت للادارة الامريكية، للتعامل مع الملفين الساخنين في العراق وايران.
الحكومات العربية، اضاعت فرصة ذهبية عندما فشلت في توظيف اعتدال حماس لرفع الحصار التجويعي عن الشعب الفلسطيني، وتعزيز العملية السياسية الفلسطينية، والادارة الامريكية ارتكبت خطيئة كبري عندما رفضت التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية، وأصرت علي اذلال حماس من خلال التمسك بشروط الاعتراف ونبذ العنف والقبول بالاتفاقات الموقعة مع الدولة العبرية.
المحاولات المصرية المبذولة حاليا لانقاذ الهدنة محكوم عليها بالفشل، لانها تصب في مصلحة انقاذ حكومة اولمرت، مضافا الي ذلك ان كل المحاولات السابقة لم يكتب لها النجاح، وخاصة علي صعيد الوساطة لإطلاق الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، لانها تصطدم دائما بالتعنت والشروط الاسرائيلية التعجيزية.
الهدنة كانت دائما من طرف واحد، اي الفلسطيني، بينما لم يلتزم بها الجانب الاسرائيلي مطلقا، ولذلك لن يشعر الكثيرون بالاسف عليها اذا ما انهارت، ولعل انهيارها يكون درسا للمتعجرفين الاسرائيليين مثل اولمرت ونتنياهو وبيرتس.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.74
USD
3.99
EUR
4.66
GBP
213461.62
BTC
0.52
CNY