الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 13:01

مصيبة إسرائيل بكارثتها- مسعود غنايم


نُشر: 14/05/09 16:04

* إسرائيل تستعمل الكارثة لإلغاء كوارث ومصائب الآخرين

* إسرائيل دولة تعيش وتتشرب جذورها وتأخذ شرعية وجودها من عالم الأموات

* لن تستطيع دولة اسرائيل التقدم بعملية سلام عادلة وطبيعية ما لم تتحرر من أغلال عقلية الكارثة وخراب الهيكل

* هي دولة الحداد على القتلى، ودولة الحداد على خراب الهيكل الأول والثاني، وهي دولة حصرت نفسها في متحف يد وإسم


تثبت كل ذكرى للكارثة وكل يوم ذكرى للجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في حروب إسرائيل \"المبررة دائما\" بأن إسرائيل دولة تعيش وتتشرب جذورها وتأخذ شرعية وجودها من عالم الأموات، فهي دولة الحداد على القتلى، ودولة الحداد على خراب الهيكل الأول والثاني، وهي دولة حصرت نفسها في متحف واحد هو (يد وإسم) (יד ושם).

هناك عدة دراسات وكتب حاولت أن تعالج مسألة هاجس الكارثة وروحها الساكنة في كل حركة من حركات الدولة، وحاولت فهم وتحليل العقلية الإسرائيلية والأصح اليهودية القائمة على تقديس الكارثة وتعظيم الموت.

من هذه الكتب كتاب المؤرخ الإسرائيلي توم سيغف (المليون السابع) والذي يبين فيه كيف تحولت إسرائيل إلى المليون السابع الذي أسر نفسه وأوقف حياته قبالة الستة ملايين يهودي الذين قتلوا في كارثة الشعب اليهودي على يد النازية في ألمانيا كما يذكر المؤرخ. ويبحث الكتاب الدور الأساس الذي لعبته الكارثة في تبرير إقامة دولة إسرائيل واستغلال قادة الدولة ومؤسسيها لصدى الكارثة من أجل اكتساب شرعية دولية لإقامة دولة لليهود في فلسطين. ولم يقف هذا الاستغلال عند حدود الاعتراف بالدولة ودعمها وتسهيل إقامتها، بل تعداه للدعم والتعويض المالي استغلالا للشعور بالذنب الذي اجتاح ألمانيا والدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية.

عبّر الرئيس الحالي شمعون بيرس عن عمق تأثير الكارثة في حياة إسرائيل عندما اعتبر إسرائيل هي الرد على الكارثة، أو هي الإجابة عن سؤال الكارثة، وقال وقتها: \"إنه على إسرائيل أن تكف وتتوقف عن كونها ردا على الكارثة، ويجب أن تتحول لدولة جاذبة بحد ذاتها، تكتسب شرعيتها من وجودها، لا من الكارثة\".

شعر شمعون بيرس بخطورة الاستمرار بتقديس صنم الكارثة على وجود إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي، والخطورة هي في صعوبة تحوّل إسرائيل لدولة طبيعية تعيش بسلام وتقدّس الحياة، وفي تخلصها من عقلية الغيتو المهدد دائما من الأغيار والتي لا ترى بالآخرين إلا أعداء يريدون خراب الهيكل أو القيام بكارثة جديدة.

تحولت الكارثة وإيحاءاتها إلى أداة بيد السياسيين الإسرائيليين لتبرير مواقفهم العدوانية والمتشددة من العرب والفلسطينيين، ومع أي تهديد حتى لو كان بسيطا يلجأون لاستدعاء الكارثة كصمام أمان أو ضمان لتعاطف العالم معهم أو لتضامن اليهود وترابطهم استعدادا للدفاع عن حياتهم في وجه الكارثة الجديدة. بنيامين نتنياهو يصرح بأن إسرائيل والعالم أمام كارثة جديدة إذا لم يوقََف المشروع النووي الإيراني. غولدا مئير قالت في بداية حرب رمضان 1973 وحصول المفاجأة وعبور القوات المصرية خط بارليف بأنه خراب الهيكل الثالث.

إسرائيل تستعمل الكارثة لإلغاء كوارث ومصائب الآخرين، لذلك إذا جَرُؤَ أي كاتب وقارن نكبة الشعب الفلسطيني بكارثة الشعب اليهودي انبرى الكتاب والسياسيون اليهود للدفاع عن كارثتهم بأنها فوق كل الكوارث، والأمر واضح، إنها حرب الكارثة على النكبة للتنصل من مسؤولية النكبة، أو لتبرير النكبة بالكارثة.

السياسي والوزير السابق ورئيس الكنيست السابق أبراهام بورغ أصاب في كتابه (للانتصار على هتلر) عندما حلل في كتابه دور الكارثة والصهيونية السياسية ودعا للعودة إلى آحاد هعام وإعادة دور اليهودية الثقافية والحضارية والروحية، لأن استغلال الكارثة على يد الصهيونية السياسية يثبت أن هتلر قد انتصر على اليهود حيا، وهو الذي يؤثر على نمط سلوكهم السياسي والثقافي ميتا، والدولة إلى الآن ما زالت أسيرة ذكريات الكارثة ورائحة الموت ولم تتعود ثقافة الحياة.

إسرائيل لن تستطيع التقدم بعملية سلام عادلة وطبيعية ما لم تتحرر من أغلال عقلية الكارثة وخراب الهيكل، وما لم تتعود ثقافة الحياة وصناعتها، والكف عن تقديم القرابين على مذبح ثقافة الموت ورماد المحارق.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.02
EUR
4.71
GBP
235618.00
BTC
0.52
CNY