الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 09:02

استقلال إسرائيل بين الوهم والحقيقة


نُشر: 28/04/09 15:58

* اليهود يحتفلون هذه الأيام باستقلالهم، لكن آن الأوان أن نصارح قادة هذه الدولة بالحقيقة التي يعرفونها

* الحقيقة هي أن إسرائيل قامت على حساب كارثة / نكبة حلت بالشعب الفلسطيني بأكمله

* إن لم يجد العالم حلا لهذه الكارثة الفلسطينية، أخشى أن تواجه المنطقة كارثة جديدة لا يعرف مداها ولا حدودها إلا الله


يستطيع اليهود أن يفرضوا وجودهم بقوة السلاح... كما يستطيعون شرب كؤوس الانتصارات الوهمية على الشعب الفلسطيني حتى الثمالة... قد ينجحون أيضا بعضا من الوقت في توجيه السياسة الأمريكية على اختلاف إداراتها، بما يخدم مصالحهم ويحمي وجودهم ويبرر جرائمهم ومذابحهم البشعة ضد العزل من أبناء شعبنا الفلسطيني في طول فلسطين وعرضها... قد يفلحون في تجنيد أوروبا وابتزازها في كل لحظة تحاول فيها الإفلات من قبضة اليهود والخلاص من تبعات جرائم آبائهم ضد اليهود... وقد يذهبون بعيدا في الغوص بأحذيتهم الثقيلة والكريهة في عمق كرامة الأنظمة العربية والإسلامية، والإمعان في إهانتها وكشف زيفها وتهافتها... قد يفعلون كل ذلك وأكثر منه  ، إلا أنهم لن يغيروا منطق التاريخ ولا سنن الله سبحانه في استدراج الظالمين إلى نهايتهم ، والإملاء لهم حتى تحين لحظة استئصالهم ... شهد التاريخ على ذلك، حتى ما عاد هنالك عذر لغافل أو متغافل... وصدق الله العظيم إذ يقول: ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب، فيقول الذين ظلموا: ربنا أخرنا نجب دعوتك ونتبع الرسل. أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال، وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال ؟ وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال. فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله، إن الله عزيز ذو انتقام. ) صدق الله العظيم ...

لن نطالب اليهود هنا بأخذ العبرة من مسيرة الظالمين عبر التاريخ من الذين كانوا اشد منهم قوة وآثارا في الأرض ، لكننا نطالبهم باستخلاص الدروس من تاريخهم القديم والحديث ، ففيه من النُّذُرِ ما يكفي لردع ساستهم من المضي في طريق التدمير الذاتي قبل فوات الأوان ...

من العجيب أن نسمع في هذه الأيام صوتا يمثل إجماعا إسرائيليا ينذر بالويل والثبور ، إذا ما حصل هنالك تراجع في قوة القبضة الحديدية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني والمحيط العربي والإسلامي ، ويحذر من السماح لوضع  كهذا أن يكون لأن ( الضعيف لن يعطى فرصة ثانية للدفاع عن نفسه ) ، كما جاء على لسان وزير الدفاع أيهود باراك زعيم حزب العمل اليميني المتطرف مؤخرا ... هل فِعْلا وبناء على قراءة حيادية وموضوعية للتاريخ أن تشكل إسرائيل، القلعة العسكرية وجيشها الأكثر تطورا، مصدر أمن وأمان لليهود ؟؟!!! ... هل تشكل الدولة العبرية ( بدل اليهودية ) ملاذا ومنقذا لليهود وحلا جذريا للحالة اليهودية المبعثرة على مدى آلاف السنين ؟؟!!... وهل وجود ( دولة اليهود ) هو الحد الفاصل بين الموت والحياة بالنسبة للأقلية اليهودية في العالم ؟؟!!...

التاريخ يثبت بطلان هذه الدعوى التي يروج لها غلاة الإسرائيليين وما أكثرهم هذه الأيام ، خصوصا بعد أن ضمت الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو عتاة اليمين بلا منازع ... من المفارقات العجيبة أن قيام مملكة إسرائيل ويهودا لم تضمنا أبدا أمن اليهود في الماضي لأسباب جوهرية ، منها الداخلي كالصراعات الفكرية والمذهبية ، والانقسامات العميقة بين المستوى السياسي ( الملوك ) ومن حالفهم من أنبياء الكذب ، وبين أنبياء الغضب الذين بُعِثوا لتقويم اعوجاج اليهود وإعادتهم إلى جادة الصواب ، حيث انتهت الصراعات بانتصار الاعتبارات المنحرفة وسيطرة غطرسة القوة ، واتساع نفوذ العقلية الانعزالية  والمستعلية ... ومنها أيضا النزعة القومية اليهودية التي فصلت اليهود عن محيطهم، وجعلتهم أندادا وأعداء لمن حولهم، بدل أن يكونوا جزءا منسجما مع حركة المجتمع ومتعايشا معه مع حفاظهم على خصوصياتهم... كانت تلك أوضاعهم في الماضي  ، وهي ما تزال السمة البارزة لإسرائيل الحديثة ، والتي أضافت إلى مخزونها الماضوي أبشع ما تفتقت عنه الذهنية المعاصرة ... إسرائيل اليوم أسوا حالا منها في الماضي السحيق ، فالخريطة السياسية والدينية في الكيان الحالي يفتقد إلى التنوع الجوهري الذي كان سائدا قديما  ، والذي تجسد في مجموعة من ( العقلاء ) الذين ما زالوا يحذرون من الصدام مع الآخر ، ويدعون إلى المشاركة والتعاون معه ، بدل العيش الأبدي تحت ظلال السيوف ... أما اليوم فلا نكاد نرى وجودا لهذه الطبقة ، بل نلحظ تسابقا محموما ومجنونا بين القيادات السياسية والدينية بكل أشكالها وأنواعها لتبني سياسات استئصاليه ضد الشعب الفلسطيني ، وعدوانية صارخة ضد المحيط العربي والإسلامي ، حتى بات التطرف الأعمى هو المعيار الوحيد تقريبا الموجه لحركة السياسة نحو الوصول إلى مقاليد الحكم في إسرائيل ، كما وأصبح الاختباء في غيتوات الخوف والفزع هو الضمان الوحيد الذي يحفظ وحدتهم بعدما فشلوا في تثبيت نظام سياسي يحمي هذه الوحدة ...

لمسنا جميعا هذه الحقيقة ، ونحن نتابع إحياء إسرائيل لذكرى الكارثة والبطولة ، واحتفالاتها بالذكرى الواحدة والستين لاستقلالها ... حاولت جهدي أن أبحث عن قبس من أمل في تغيير ما في الخطاب الرسمي والشعبي في هذه المناسبة ، فلم أر إلا إصرارا متعاظما يؤكد في كل مناسبة على التوجه الانعزالي ، والتركيز على القوة العسكرية عل اعتبارها الحامية الوحيدة للوجود اليهودي ، إلى درجة قال فيها أحد الساسة البارزين :\" لن يجدنا العالم غير مستعدين أبدا !!! ) ، في إشارة لاستعداد إسرائيل لاستعمال القوة العسكرية كاملة لفرض إرادتها على المنطقة ، وصياغة الترتيبات فيها بما يخدم مصالحها حتى لو تصادم ذلك مع أبسط  قواعد العدالة ، ناهيك عن الشرعية والقانون الدوليين ...

إن كان اليهود يحتفلون هذه الأيام باستقلالهم، فقد آن الأوان أن نصارح قادة هذه الدولة بالحقيقة التي يعرفونها وإن ما زالوا يصرون على التنكر لها وعدم الاعتراف بها... حقيقة أن إسرائيل قامت على حساب كارثة / نكبة حلت بالشعب الفلسطيني بأكمله، وإن لم يجد العالم حلا لهذه الكارثة الفلسطينية، فأخشى أن تواجه المنطقة كارثة جديدة لا يعرف مداها ولا حدودها إلا الله...

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.68
GBP
234931.71
BTC
0.51
CNY