الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 23:02

بلد.. بدهَا تعيش! (1) رمزي حكيم


نُشر: 24/04/09 12:38

* هم يخططون لضرب الناصرة، وواجبنا خلق البدائل لمواجهة هذا المسار وافشاله قدر المستطاع

* 65 في المئة من السياحة العالمية الوافدة الى البلاد تزور مدينة الناصرة. هذه النسبة ليست مجرد رقم

* المؤسسة الإسرائيلية حاولت، من البداية، تحييد الناصرة قدر المستطاع من خلال نقل مركز الثقل من الناصرة الى حيفا


ليس من السهل التعاطي مع زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الى الناصرة خارج دائرة الصراع مع السلطة المركزية. فالمؤسسة الإسرائيلية حاولت، من البداية، تحييد الناصرة قدر المستطاع من خلال نقل مركز الثقل من الناصرة الى حيفا. وهي، بذلك، أرادت مواصلة سياسة تهميش الناصرة رغم ما تحتله من مكانة عالمية.

السؤال على هذا الوجه: أيها ممكن؟. أن تكون الزيارة في الناصرة أو حيفا؟. قبل شهرين لم يكن جواب على هذا السؤال. وقبل ستة أشهر، وبالتحديد في تشرين تاني من العام الماضي، بدأت التحضيرات الرسمية لزيارة البابا الى حيفا. جرت اجتماعات ومداولات وبوشر بإعداد التخطيطات. بمعنى ان القرار الاسرائيلي الرسمي كان شطب الناصرة واستبدالها بحيفا.

كثيرة هي النصوص التي قلنا فيها، في مناسبات مختلفة، انه لو كانت الناصرة موجودة في دولة اخرى، لكانت قد حظيت بدعم حكومي بما يتلاءم مع اهميتها التاريخية ومكانتها المحلية والعالمية، ولكان شكل التعامل معها مختلفا تماما باتجاه الاهتمام من السلطة المركزية على تطويرها وتقدمها وازدهارها.

الناصرة هي احدى المدن السياحية الاكثر اهمية في البلاد. وتفيد المعطيات الرسمية ان 65 في المئة من السياحة العالمية الوافدة الى البلاد تزور مدينة الناصرة. هذه النسبة ليست مجرد رقم، انما كان من المفترض ان تشكل، في وضع طبيعي، حافزا لاعطاء اولوية من السلطة المركزية لتطوير المدينة وتقديم الدعم المطلوب لذلك.

لكن الوضع الذي نعيش فيه ليس وضعا طبيعيا، وبالتالي فان التعامل الحكومي مع الناصرة هو تعامل غير طبيعي. ونقصد، تحديدا، سياسة حكومية موجهة ضد الناصرة تعتمد التمييز على اساس قومي، الذي لا ينعكس فقط في حرمان المدينة من ميزانيات ومبادرات مركزية، انما ايضا، وجنبا الى جنب، في ممارسة سياسة خنق وحصار تستهدف ارهاق البلد واغراقه في متاعب ومشاكل وهموم، اقتصادية واجتماعية، مبرمج لها مسبقا.

إذن، لا مكان للصدفة هنا. كل شيء مخطط له مسبقا، وبدقة. فالناصرة كانت منذ القدم، على ايام الفترة العثمانية ومن ثم الانتداب البريطاني، مدينة لوائية مركزية تقدم خدمات لكل المنطقة. لكن مع قرار اقامة نتسيرت عيليت، تحت شعار تهويد الجليل واحداث التوازن الدمغرافي بين العرب واليهود لجعل العرب اقلية في منطقة تتميز بالاكتظاظ السكاني العربي، بدأ تنفيذ المخطط الحكومي الرسمي، من قبل المؤسسة الاسرائيلية، باضعاف الناصرة ومحاولة توجيه الضربات لها من اجل شلّها ونقل مركز الثقل الى نتسيرت عيليت.

ليس صدفة تفريغ الناصرة من المكاتب والمؤسسات الحكومية ونقلها الى نتسيرت عيليت. فهذا قرار حكومي اتخذ في اعقاب اقامة نتسيرت عيليت. ونقل المكاتب والمؤسسات لا يعني فقط محاولة اضعاف المكانة اللوائية للناصرة، بل ايضا ضرب اقتصاد البلد والبلدية، وتشديد الحصار الاقتصادي على البلد والبلدية.

السياحة – ركيزة اقتصادية
هم يخططون لضرب الناصرة، وواجبنا خلق البدائل لمواجهة هذا المسار وافشاله قدر المستطاع. في بعض الأحيان ننجح في ذلك. وفي بعض الأحيان قد نفشل. لكن لا نيأس. بل نعيد المحاولة تلو المحاولة. هذا ما يفضي إليه بلد، مثل الناصرة، له أهمية سياحية، محلية وعالمية. لذلك فان تعاون أهل المدينة مع بلديتهم هو أمر حيوي جدا للاستفادة من مكانة الناصرة للتطوير الاقتصادي. فتطور مدينة، أية مدينة، يُقاس بمدى قدرتها ومقدرتها على خلق امكانيات للتطوير الإقتصادي من خلال إنشاء ركائز اقتصادية يعتمد عليها أهل المدينة في حياتهم ومعيشتهم وتشكل أفقا جديدًا لهم.

إحدى الركائز هي السياحة والصناعة السياحية. وزيارة البابا الى الناصرة من شأنها ان ترفع منسوب الاهتمام بالصناعة السياحية في حال عرفت المدينة الاستفادة من هذه الزيارة وما يترتب عنها. أولاً: هذه فرصة تاريخية لتسويق المدينة. ففي يوم الزيارة وحده سيكون في الناصرة أكثر من ألفي صحفي واعلامي. والناصرة ستدخل صالونات البيوت الى ملايين ملايين البشر في كل ارجاء العالم من خلال البث المتلفز. ثانيًا: الناصرة، بهذه الزيارة، نجحت في فرض نفسها على المؤسسة الاسرائيلية لكي يجري التعامل معها بما يتلاءم ومكانتها العالمية. أو دعونا نقول ان بلدية الناصرة، وهذا هو الأزبط، قد سجلت نقاط عديدة في مرمى الصراع بينها وبين المؤسسة الاسرائيلية حول ابراز أو تهميش مكانة الناصرة، من خلال نجاحها في قلب المعادلة وجعل الناصرة في مركز الزيارة بدلاً من حيفا. وهذه خطوة أولى ستتلوها عدة خطوات، خاصة وان السياسة الحكومية برأينا لن تتغير وستتواصل محاولات تهميش المدينة أو التقليل من مركزيتها وأهميتها.

رهان حتى اللحظة الأخيرة
لقد راهنت السلطة المركزية، حتى اللحظة الأخيرة، بعدم قدرة الناصرة على التعاطي مع الزيارة. وكان الرهان بأن الناصرة غير قادرة، من ناحية البنية القائمة، استقبال حوالي مئة ألف انسان في يوم واحد. وكان الرهان الأكبر ان جبل القفزة لن يكون جاهزًا في فترة زمنية بسيطة لا تتعدى الشهر، في حين ان اعمال التطوير في الجبل كان من المفترض، في وضع عادي، ان تأخذ فترة زمنية من العمل تتعدى الستة أشهر وربما اكثر.

بلدية الناصرة قلبت هذا الرهان. فككته نهائيًا. الأعمال في جبل القفزة انتهت. وأكثر من ذلك نجحت البلدية بالحصول على ميزانيات للتطوير تقدر بحوالي 30 مليون شاقل. واعمال التطوير التي نتحدث عنها ليست فقط في جبل القفزة، بل تتوزع في مختلف انحاء المدينة، من اعمال تطوير بنية تحتية واعمال ترميم وتجميل وبيئة.

قوة البلدية ان تخطيطات من هذا القبيل كانت موجودة لديها في الجارور. فتحت الجاورو وأخرجتها واعدت تعديلات عليها وقدمتها وفرضتها فرضا وحصّلت عليها الميزانيات.

نسأل: التطوير لمن؟؟؟. هل هو لقداسة البابا. الجواب معروف. التطوير للبلد وأهل البلد. والزيارة هي ربح صافٍ للبلد، جلبت معها التطوير. وللتدليل فقط فان مدرج جبل القفزة سيكون ليس فقط الأكبر في البلاد، بل في المنطقة. فهو أكبر من المدرج الروماني في قيساريا وأكبر من مدرج جرش. وهو مكان نستطيع الاستفادة منه لجذب زوار الى المدينة في المستقبل. واي زائر للناصرة هو في نهاية الأمر قوة شرائية، البلد وأهل البلد يستفيدون منه. يضاف الى ذلك نشاطات وبرامج أخرى موازية، يجب المبادرة اليها، لتحريك الحياة الثقافية في البلد وبالتالي تحريك الاقتصاد.

مئة ألف في يوم واحد
للتسلية، نسأل، نتساءل: هل ستخسر البلد عندما يزورها – يتواجد فيها – مئة ألف شخص في يوم واحد. وللتسلية، نسأل، نتساءل أيضًا: لنتصور ان كل واحد من هؤلاء وضع في كل دكان شاقلاً واحدًا فقط، فكم هو المجموع لكل دكان أو محل؟

واضح ان الصورة ليست بهذه البساطة. لكن في بعض الأحيان نضخم الأمر لكي نوضح أكثر. ما أريد قوله هو ان منهج استعادة مركزية الناصرة يقضي بردّ هذه المسألة الى جذورها التي تكمن في القاعدة السياحية القائمة، في بنية علاقات الانتاج الثقافي والسياحي وبالتالي المردود الاقتصادي المأمول.

تعاون أهل البلد هو الأساس في هذه المعادلة. كيف تكون الناصرة؟. كيف نقوم بالاستفادة من الوضعية الجديدة؟. كيف نتكاتف لإنجاح برامج ومهرجانات وفعاليات من شأنها ان تجذب الناس والزوار الى البلد؟. كيف نبادر لتحسين الواقع؟. كيف نفكر في البلد وأي بلد نريد؟.

كلها اسئلة تحتاج الى تشغيل للعقل باتجاه خلق البدائل واعطاء الناصرة مناعة اقتصادية. فنحن لا نتحدث هنا عن يوم زيارة فقط. نتحدث عن مستقبل بلد. عن ناس من المفترض ان تأتي الى البلد في مواسم مختلفة، وبالتالي التواجد في البلد على مدار السنة. عن برامج يجب ان نبادر إليها حتى نجذب الناس ليس فقط للقدوم، بل للبقاء فيها عدة أيام.

هذا لا يعني فقط فنادق. ولا يعني فقط مطاعم. ولا يعني فقط محلات السكاكر والتوابل. هذا اقتصاد بلد. هذه اماكن عمل ومصدر رزق لمئات العائلات. الفندق عندما يمتلىء بالرواد بحاجة الى مشتريات، من الخبز واللحمة حتى الحليب. وبحاجة أيضا الى عمال. الكل مرتبط بالكل. والكل يستفيد. وهذه المسألة لمعالجة قادمة.
(يتبع)

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.67
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
242917.38
BTC
0.51
CNY