الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 23:01

بقلم:عمر رزوق أدب وصبر ...

كل العرب-الناصره
نُشر: 02/08/09 23:21

أخال أنني رجل مؤدّب , أدّبني نبيي وديني وأهلي, أحاول بجهد دؤوب أن ألحق بقافلة وركب الأدباء المؤدبين ,إن المسافات شاسعة والطريق طويل , لكن السعي حثيث والهرولة دؤوبة والعزم مشحوذ والنية صادقة , قد تعترضني مرة على حين غرة  هذه الدوّامة الاصطلاحية وجمال أسرار اللغة العربية , المتعلقة بالكلمة وعلاقتها بالمعنى , هل تشابه الحروف بالشكل والترتيب في مختلفتين يقصد نفس المقصد أو يعطي ذات العطاء؟ مثلا : هل الأدب من الأدب ؟ أم أن الأدب لا علاقة له بالأدب ؟ نضرب المثل بتشكيل آخر : هل الأدب المقروء والمحسوس والمسموع له علاقة بالتأدب وصيانة النفس من السقوط في هاوية الرذائل ؟ أم أنه لا علاقة بينهما البتة ولا يعدو أن يكون الأمر إلا اشتراك لفظي لمعنيين متخالفين مختلفين ؟
في الحقيقة , قد يكون هذا التساؤل غير منطقي عند البعض , ولكنه سبب حيرتي الصارخة وتنفسات لرياح غاضبة , ذلك عند قراءتي " أدب " لأناس كتاباتهم محض تخريف , مبدعون بالنفاق والتحريف , كتابات عديمة الحياء , لا أظن أن يستسيغها القرّاء, ثم ... ينسبونه للأدب , وفي محاولة جاهدة للخروج من هذا الهراء بفائدة , لربما تحتاج للبهارات والتمليح ثم للقطع والتشريح , فلا يمكن أن تجد إلا دعوة صريحة وطريقة صحيحة للخروج من لباس الحياء والفضيلة , والالتباس على الناس بين النفاق والأخلاق , كل ذلك بدعوى الأدب " الصريح "  والتعبير عن الرأي "الفصيح " , فهل هذا من العقل في شيء ؟! لقد أصبحنا بتلقائية " عالبَرَكَة " نوزّع ألقابا مجانية على كل من جمع بضعة حروف فبضعة كلمات , رتّبها في سطور , نمّقها بالأساليب البلاغية المرنّمة ومحتواه الفكري لا يشبّ عن طوق فكر قوّاد .
ثم , أين دور النصّ الأدبي والكتابة المتّزنة الذي من البديهي أن يلعبه بشكل عام في حياتنا ؟! هل هو إثراء النزعات الشيطانية الخبيثة ـ وكأنها تعيش بفقر مدقع !ـ واستثارة الشهوات الكامنة ـ وكأنه قد بقي شيء كامن ! ـ هل من فنون هذا العصر ومن سيمات التطور وعلامات الرقي دعوة الناس باسم الأدب لقلة الأدب ؟ لربما يكون هذا لونا من ألوان " الأدب الحديث "ّ الذي رضع الفكر العلماني , وفُطم على فكر التفلت الحداثي وما شابهه من أمراض عصرية مستعصية خبيثة . إني أرى البعض ممن لا يجدون حرجا ولا استحياء من فلت إفرازات طفيلية سامة , لا همّ لهم إلا غرس أفكار غريبة في كياننا تحت مسميات متغيرة اجتمعت كلها تحت مسمى " الأدب ", لكن كياننا محصّن وتربتنا لا تقبل إلا طيبا ستلفظ كل ما هو مدسوس , وتأخذ كل ما هو أصيل .
دعوتي لأصحاب والقيمين على ذلك الفن الذي لا أنتمي إليه بأي صورة " فن الأدب المؤدِب " لوقفة جادة , وقفة لاحترام الذات , وقفة لأيقاظ الضمير وقفة للمراجعة والفحص والتمحيص  لرفض كل ما لا يجتمع به الأدب والأدب , وإجراء الفحوص للإبداعات والنصوص , تحت مجهر التأدب قبل اعتمادها " صالح للقراءة " , ونبذ قداسة الأقلام والشخوص , إنما احترام نص مؤدب يُكتب على صفحات عقولنا .

مقالات متعلقة