الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 11:02

د. فادية وداعا / بقلم: رامي دعيبس

كل العرب
نُشر: 06/07/09 07:21

عندما كنت على مدخل الزبابدة الشرقي برفقة رئيس البلدية في استقبالك الأخير الى مسقط راسك ورأينا بداية الموكب قد بدا يقترب في ظهر ذلك الأربعاء أحسست وقتها ان الوداع الأخير قد اقترب.
نعم لم نلتقي منذ عدة سنوات ولكن كنت أتابع جزءا من نشاطاتك وأنا فخور بان البلدة التي أنجبت العديد من العلماء والرجال العظام لم تفقد حقها في إكمال هذه المسيرة والتي ستبقى تخلد عظمائها ما بقيت.
كنت أول الواصلين الى البيت الذي احتضنك للمرة الأخيرة قبل لحظات الوداع ولم اعلم بعد ان الموكب الذي يسير خلفي لم ينتهي من الوصول بعد حيث كان المرافقين لك يتوافدون الى البيت لمحاولة إلقاء نظرة الوداع الأخير.
ومع اقتراب لحظة الحقيقة... لحظة الفراق الأخير والخروج الى موكب التشيع أيقنت كما أبناء بلدتك ان ما سيكون بالقطع مهرجان وفاء ومحبة لأخت وصديقة وابنة بلدة وعالمة وليست مسيرة تشيع جنازة، أحسست برهبة الموقف وأنا أتابع تدفق المشيعين الى ساحة الكنيسة وأحاول استرجاع ذاكرة عمرها ما يزيد عن عشرة أعوام من زملاء دراسة أو أصدقاء عرفتهم أو رجالات سياسة وأدب وفن وعلم.
ورغم ادعائي بمعرفة الكثيرين من رجالات هذا الوطن إلا ان الذاكرة لم تسعفني وأنا اكتب خبر التشيع ... فقد نسي قلمي أعزاء كثر تجشموا مشاق السفر ليشاركوا بلحظة الوداع الأخير.
ولكن ما يشفع لي عندهم - وأرجو ذلك- هو مهرجان الوفاء والمحبة لك من أصدقاء عرفتيهم عبر سنوات طويلة مستميحا منهم العذر لان قائمة المحبين كبيرة لك وقد لا يتسع الوقت كثيرا لتسجيل أسمائهم ولكن كلي أمل أنهم سيعذرونني على إغفالي لأسمائهم جازما.
فادية ان داخل الكنيسة وساحاتها وحتى عدد من الطرق والأزقة المحيطة لم تعد تظهر فكيف ذهبت العين لا ترى إلا مشاركين في التشيع أو مركبات من وصل يحاول سائقوها اخذ ركنا في أزقة الزبابدة.
ما شهدته بلدة الزبابدة في ذلك اليوم لم تشهد سابقا شبيه به وأكاد اجزم أنها لن تشهد مثله أيضا فلن يتخيل احد ان رجالات السياسة والاقتصاد والفن والأصدقاء الموزعين في أنحاء الوطن قد التقوا في بقعة صغيرة وهو ما يدلل على عظمة الموقف.
نكن لك كل الاحترام والتقدير فقد أجبرت الوطن جميعا ان يلتقي في هذه البقعة الصغيرة وان التراب الذي احتضنك في نهاية حياتك الحافلة جمع كل هؤلاء ليشهدوا على فداحة الحدث وعظم هذه البلدة الصغيرة التي اتسعت لمد جماهيري لم تشهده المنطقة بالكامل.
أخيرا فادية ... عزاؤنا بفقدانك هو ذلك الإرث الكبير الذي وضعتي بصماتك عليه وأيضا مهرجان الوفاء الذي شارك به المئات من الأصدقاء والمحبين والمعارف من المشيعين أو المعزين في بيوت العزاء الذي فتحت في أربعة مواقع في الوطن أو النعي بالصحف وبرقيات التعازي المختلفة ... وتعازينا الحارة لأفراد العائلة وللمحبين وللزبابدة ....

مقالات متعلقة