الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 14:02

هذا رجل الإجماع العربي! وديع عواودة


نُشر: 11/04/09 08:00

* شطب البديل المطروح من قبل بعض ساسة المتابعة بالتناوب على رئاستها بين رؤساء الأحزاب قد أنقذها من تبدد هيبتها

* الاتفاق على شخصية توافقية حداثوية ليست حزبية ورصيدها وطني ونظيف تحمي المتابعة وتخرجها من محنتها وتمهد لاعادة بنائها


من المرجح جدا أن تختار مركبات المتابعة  رئيسها الأسبق ورئيس مجلس كفر مندا التاريخي محمد زيدان) قائدا لها من جديد ك\"حل وسط\" في خطوة تعيد المجتمع العربي لفترة خلت يتغير فيها اللقب من \"أبو حاتم\" إلى \"أبو فيصل\".
أبو فيصل الذي أنهى أربع فترات في رئاسة مجلس كفرمندا بدءا من 1974 تولى رئاسة القطرية والمتابعة في  1999-2001 بالتناوب مع شوقي خطيب.
ولا شك أن شطب البديل المطروح من قبل بعض ساسة المتابعة بالتناوب على رئاستها بين رؤساء الأحزاب قد أنقذها من تبدد هيبتها ونجانا من نكتة سوداء، غير أن الاتفاق على استنساخ- اجترار أبو فيصل هو دليل كبير على أزمة القيادة وعلى محنة مجتمع برمته يبحث عن شخصيات تقوده فيما يشبه متحف الدمى.
ويثير اتفاق الأحزاب على استعادة محمد زيدان، جملة من الأسئلة والتساؤلات المختلفة، يفترض أحدها للوهلة الأولى أن القرار ينم عن عقل سياسي قرر إرسال رسالة معتدلة للحكومة الإسرائيلية المتطرفة لكن المناوشات الحزبية التي تنخر في المتابعة تدفع نحو استبعاد هذا الاحتمال.
إن الاتفاق على شخصية توافقية حداثوية ليست حزبية تربطها بمختلف الفعاليات السياسية علاقات طيبة ورصيدها وطني ونظيف تحمي المتابعة وتخرجها من محنتها وتخوض بها فترة تمهيد نحو إعادة بناء ريثما يبت في قضية الانتخابات المباشرة، هي فكرة جيدة نظريا ويبدو أن هذه ليست الحالة المطروحة أمامنا.
لماذا إذن الاتفاق على محمد زيدان بالذات؟ بماذا يختلف عن سابقيه؟ هل يملك أبو فيصل الإرادة والأدوات والرؤيا لتسيير القافلة أو السفينة مع وبدون عواصف على أعتاب مرحلة جديدة وحساسة تهدد الحقوق المدنية بل تكاد تطاول الناحية الوجودية؟

هل يخدم القرار مصلحة المجتمع العربي والمتابعة ذاتها أم مصالح الأحزاب فحسب؟
لماذا لا يتفق على آلية جديدة لصناعة القرارات في هذه المرحلة الدقيقة  بقيادة جماعية، سيما إذا باتت فعلا رئاسة محمد زيدان حقيقة ناجزة على الأرض؟ وهذا يعني اختيار بضعة نواب رئيس يشكلون قيادة جماعية بدلا من إلقاء وزر المسؤوليات وهي جسيمة على عاتق رئيس لا يملك حزبا يسنده أو شرعية تمثيلية تمنحه صلاحية القرار بلا خجل أو وجل.
هل أدى صراع الألوان إلى اختيار من لا لون له بالمعنيين الحزبي والسياسي. وهل غفرت الأحزاب لأبي فيصل خطيئة منحه يوسي جينوسار إياه صك غفران أو شهادة \"حسن سلوك \" بعد جريمة \"الحافلة 300\" عام 1984 أم أن المخالفة باتت متقادمة وعفا عنها الزمن ..؟ هناك من يتجاهل الحادثة أم يجهلها؟
لماذا لا يتفق التجمع والجبهة على قائمة انتخابية مشتركة في انتخابات الكنيست بل في انتخابات طلابية في جامعة، فيما يتفقان على محمد زيدان رئيسا للمتابعة. كيف يتفق شقا \"أبناء البلد\" على تكريس الخلاف بينهما ويتفقان على زيدان وهكذا بالنسبة لشقي الحركة الإسلامية؟
بخلاف ما يوحي به الحل للوهلة الأولى يبدو أن مصلحة المجتمع العربي كجماعة قومية تأتي بالدرجة الثالثة بعد المصالح الحزبية والشخصية رغم بحر الشعارات المتكررة يوميا.
لقد دفعت المماحكات الشخصية والحزبية القيادات العربية الراهنة إلى مقولة \"علي وعلى أخصامي\".. فليكن محمد زيدان حتى لو تقادمت أدواته واستنزفت قواته في العمل البلدي طيلة عقود فالمهم ألا يتنازل هذا الحزب لمرشح ذاك الحزب أو لمن هو قريب قليلا منه ولو كان رجلا مناسبا في المكان المناسب.
كان الأمر مفيدا لو ملك الرئيس المقترح القدرة على بلورة تصور لإعادة البناء وقيادة المتابعة نحو مرحلة جديدة تقوم على أسس جديدة وآليات عمل تتماشى مع متطلبات وتحديات الفترة الحالية والقادمة في صلبها تنظيم صفوف المواطنين العرب بروح التصور المستقبلي ووثيقة حيفا.
في عام 1998 رافقنا وفدا عن المجتمع العربي بقيادة رئيس المتابعة الراحل إبراهيم نمر حسين والشاعر سميح القاسم(ناطقا بلسان الوفد الزائر) إلى سوريا.
بدماثته تنحى سميح القاسم جانبا وتوارى عن الأنظار فاسحا المجال أمام \"أبو حاتم \" لترؤس الوفد والتحدث للإعلام وفي اللقاءات الرسمية بصفته هذه واجتهد الراحل بما ملكت يمينه وبذكائه الفطري وبلغته العامية وبساطة الفلاح قدم كلماته في عدة مواقع رسمية مناورا بين مختلف الجهات السياسية المشاركة في الوفد.
قبيل لقاء الوفد للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في قصر الشعب همس بعض المشاركين على مسمع من سميح القاسم بأن حان الوقت لأن ينطق الناطق باسم الوفد ويعكس الصورة المشتهاة عن \"عرب الداخل\" سيما وأن أبو حاتم تحدث بمحافل عدة ويعطيه العافية.
من جهته ابتكر سميح القاسم حلا لبقا يخرجه من الحرج فاستبق الكلمات وقال للرئيس الأسد متوددا في مستهل اللقاء: \" سيادة الرئيس لقد جئناك من بلادنا إلى بلادنا لننهل من فيض بردى..نحن عرب مائة بالمائة وكل واحد منا لديه فكرتان وكل ثلاثة يشكلون حزبين\" قال سميح وتابع وهو يشير ببنانه نحو أبو حاتم : وهذا رجل الإجماع العربي. ابتسم الأسد ابتسامته الماكرة التقليدية وخلا المجال للراحل إبراهيم نمر حسين الذي قدم كلمته مكتوبة هذه المرة تلاه سميح بكلمة معبرة.
وقتها التقى ممثلو الأحزاب على رئيس توافقي قاد المتابعة بالحلول الوسط وبأدوات شبه عشائرية ولكن في العقد الأخير جرت في الأردن مياه كثيرة وتغيرت الأحوال وتعقدت وازداد ثقل الأعباء الملقاة على رئيس أعلى هيئة تمثيلية لدى العرب في إسرائيل.
ربما كان محمد زيدان أكثر توفيقا من زميله  السابق ورئيسها الأول ولكن أدوات تلك الفترة لا تلائم طبيعة الوضع الراهن وتحدياته المتنوعة،سيما وأن الموقع الريادي هذا كغيره من المواقع القيادية تحتاج للكريزما الشخصية وقدرات التعبير باللغات العربية والأجنبية والخبرة بالتعامل مع الإعلام علاوة على الحنكة والمناورة السياسيتين. أي أن التعليم العالي ضرورة غير كافية بدليل أن الرئيس السابق المهندس شوقي خطيب لم ينجح في استكمال ما هو مطلوب منه كرئيس للمتابعة.
في 14.7.2001 تسلم شوقي الرئاسة من محمد زيدان بموجب اتفاقية تناوب بينهما. هذا تاريخ مشحون جدا تاريخيا.. فهو عيد الباستيليا(عيد الثورة الفرنسية) وعيد ثورة تموز في العراق بقيادة الراحل عبد الكريم قاسم الذي أطاح حكم الهاشميين عام 1958..فهل يعني أن ولايتك تبشر بإصلاحات ثورية؟ سألنا شوقي مازحين في ذاك اليوم ولاحقا تبين أن التوقيت ليس سوى وليدة الصدفة..
 برسوها على هذا القرار  تكون المتابعة قد قررت في الواقع ترحيل  أزمتها الداخلية وتكريسها بدلا من البدء بمعالجتها واختارت من لا نجد في جيبه تصورا لبنائها مجددا بما يكفل قيادة نضالات مختلفة محليا ودوليا تغير حالة المواطنين العرب وتدرأ عنهم مخاطر ومظاهر التمييز العنصري وتساهم في تنظيمهم كأقلية قومية إذا كانوا فعلا كذلك. هذه خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف فالحلول الوسط يا سادة تصبح علينا لا لنا إذا ما صارت منهجا ثابتا ففيها لا نختلف بيد أننا لا نجترح مكاسب حقيقية فهل يأتي يوم ونخلص من عبوديتها أم أن هذا ما كتب على المتابعة حتى باتت تبدو إطارا أنهى دوره التاريخي وأصابها ما أصاب منظمة التحرير الفلسطينية أو حزب العمل الإسرائيلي؟

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
238509.62
BTC
0.51
CNY