***  العتمة لم تأت على قدر يد الحرامي***

بعد ايام ستمر الذكرى الرابعة لاحتلال بغداد (9-4)من قبل قوات الغزو الامريكية  ومن المؤكد والمعروف ان امريكا لم تأت لتحرير الشعب العراقي من حكم حزب البعث الدكتاتوري ولا لنشر الديمقراطية في المنطقة ولا للقضاء على اسلحة الدمار الشامل في المنطقة الموجودة اصلا لدى حليفتها اسرائيل. وهذه الشعارات التي رفعتها الادارة الامريكيه المتطرفة لم تنطل على احد ,فكل عاقل يرى ما وراء الاكمة يدرك بانّ الاجندة الامريكية هي غير ذلك تماما , وهذا ما اثبتته وتثبته الاحداث يوما بعد يوم.
  ولنبدا باسلحة الدمار الشامل . ففي هذا الملف فان الادارة اليمينية المتطرفة في واشنطن قامت بتلفيق التقارير التي تقول بوجود اسلحة دمار شامل في العراق , وسوّقت هذه التقارير كي تعتمد عليها في ضرب العراق . وقد ثبت بعد الغزو كذب وزيف هذه التقارير, فلم يتم العثور على اسلحة دمار شامل لانّ الحكومة العراقية برئاسة صدام حسين كانت قد تخلصّت فعلا من هذه الاسلحة خلال سني الحصار الاثنتي عشر على العراق قبل الغزو.
اما الديمقراطية التي ترغب امريكا بنشرها في المنطقة فقد اصبحت بادية المعالم ,.انها الديمقراطية الطائفية التي تقوم على اساس المحاصصة الطائفية للحكم. والغريب في الامر انّ الولايات المتحدة الامريكية نفسها المكونة من خليط من جميع الشعوب والاعراق والديانات لم تقم على اساس التقاسم الطائفي للحكم بل هذا غير موجود اساسا في الدستور الامريكي .ثم ان الولايات المتحدة التي تحرم على احدى ولاياتها الانفصال , تحلل ذلك في العالم العربي وتدعم كل حركة انفصالية فيه ........ولنرجع الى التاريخ والى الحرب الاهلية الامريكية لنتذكر كيف ان الوحدة الامريكية فرضت بقوة السلاح على الولايات الجنوبية التي رغبت بالاستقلال  .
اما عن تحرير الشعب العراقي من الحكم الدكتاتوري فحدّث ولا حرج.فقد جاءت امريكا بعملائها ليقيموا حكومة مكونة من احزاب تملك مليشيات  . وتقوم هذه المليشيات بارتكاب المذابح وهي ترتدي الزي الرسمي للشرطة او لمنتسبي وزارة الداخلية , وكل ذلك يجري تحت اعين ورقابة جيش الاحتلال الامريكي.

  نعتقد انه لا يوجد احد في العالم العربي او في احرار العالم اليوم لديه شكوك في حقيقة النوايا الامريكية في المنطقة. لقد غزت امريكا العراق كونه اوّلا قلعة الرفض للهيمنة الامريكية في المنطقة العربية كي تدمره وتفتته وتجزأه ولكي يكون عبرة لغيره من الدول في المنطقة كسوريا وايران وكل من تسوّل له نفسه الوقوف في وجه الهيمنة الامريكية. ثم لتسيطر على منطقة الخليج كلها من خلال وجودها العسكري والسياسي في العراق , وهكذا تسيطر على اغنى منطقة في العالم بموارد الطاقة وبالتالي تتحكم بامدادات الطاقة الى العالم اجمع , هذه الطاقة التي هي عصب الحضارة البشرية المعاصرة.
لكن وكما يقول المثل الشعبي : " العتمة لم تأت على قدر يد الحرامي". فان الحسابات الامريكية كلها فشلت .فقد اعتقدت امريكا بان الشعب العراقي سوف يسلّم بالامر الواقع ويرضى بالاحتلال , بل سيكون عونا لها في عدواناتها التالية على سوريا وايران وباقي دول المنطقة. ففوجئت امريكا بالمقاومة العراقية البطلة التي تزداد قوة ومنعة يوما بعد يوم, وها قد مرّت اربع اعوام ونحن نرى المقاومة في تصاعد , فتحصد من القوات الامريكية واعوانها اضعاف اضعاف ما يعلن رسميا , ونرى بان امريكا لم تتمكن من تنفيذ الخطوة الثانية وهي ضرب سوريا ولا الخطوة الثالثة وهي ضرب ايران , وكل ذلك بسبب تورطها  وتعثر خططها في العراق.
ان الادارة الامريكية اليوم في ورطة حقيقية خاصّة وان هناك معارضة داخلية تتزايد تصل الى ثلثي الشعب الامريكي للوجود في العراق.ثم ان مهاجمة ايران تعني الانتحار لان القوات الامريكية في العراق ستصبح لقمة سائغة لايران وحلفائها الكثر في العراق اضافة الى المقاومة العراقية , وهذا قد يؤدي الى القضاء الكامل على هذه القوات الامريكية والحاق هزيمة نكراء وماحقة للوجود الامريكي في المنطقة لم تحصل في التاريخ من قبل.
ان امريكا اليوم وبعد مرور اربع سنوات على احتلال بغداد غيرها قبل ذلك التاريخ .امريكا اليوم تتخبط في المستنقع العراقي ولا تستطيع ان تفعل شيئا امام التحدي الايراني.ولذلك فان صوت العقل والحكمة الذي بدأ يسمع  في الشارع الامريكي ابتداء من فوز الديمقراطيين في الانتخابات البرلمانية قبل بضعة شهور , هو الذي سوف ينتصر في النهاية وستعود امريكا الى رشدها وتنسحب صاغرة من العراق وتترك المنطقة وترجع بخفي حنين رغم الخسائر التي لحقت بها وبهيبتها , ورغم الدمار والخراب ومئات آلاف  الضحايا من العراقيين الذي ستخلفه وراءها في العراق وفي المنطقة.