الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 19:02

خطوات من النسيان - فاطمة فلش


نُشر: 11/03/09 08:39

تذكرت حبيبا من سيماته النسيان غصت في حلم قادني اليك ندهتني روحك لاتذكر عندما تصافحنا في تلك اللحظة, حيثما التغت مفاهيم الوقت بالنسبة لي حاول ان يدفق الى روحي بعض طاقات الحب الا انني اسرعت بخطف يدي من قبضة الاسر, سرعان ما تدفقت اسهم من نار وبرد من عينيه تهجوني وتهجو الحب فاوهمته باميتي التميمة ولكن بسمة صغيرة تسربت على شفتاي فضحتني وكسرت كل قيودي المصطنعة, فضحك ساخرا قائلا: ما زلت شقيه كما عهدتك.

سرنا بخطوات هرولة جنبا الى جنب والرياح تعادينا وكل شيء في الطبيعة يعادينا, هو في خريف العمر وانا في ربيع العمر فمتى التقى الربيع والخريف .

كان صمتنا يتحاوران, يتعاتبان لطول الغياب الا ان متسول صغير قطع مركبة الصمت من الاستمرار،  توسل لسعد ان يعطيه بعض الصدقات, فاخذ يمطر عليه باعصار من الدعاء والبركات, لحظة اصبح وجه سعد شاحبا عندما سمع كلمات بغيضة تطرق طبلة اذنه كلمات تطعنه كسيوف في صميم قلبه الله يخليلك هالامورة حفيدتك,

فاسرع سعد بقذف بعض قطع النقود في يد المتسول لكي يتخلص من هذه اللعنة التي حلت عليه.

اصبحت خطوات سعد سريعة كسرعة دقات قلبه, لم يعد يدرك شيء من حوله فقط تدركه الحيرة والانفعال

سرت الى جانبه بنفس الوتيرة حتى لا يشعر بالحرج فانني خشيت عليه ان تنتابه احدى نوبات الانفعال العصبية  خفت ان ينفجر امامي, فاخذت عيناي تحدقان فيما حولي استعدادا لاي ظرف, فجاة تقاسيم وجه سعد اخذت تتغير ترى بسمة خفية على شفتاه عندما سمع دندنة خافتة تخرج من شفتاي

شايف البحر شو كبير ... كبر البحر بحبك

فرد علي قائلا

شايفه السما شو بعيدة  ... بعد السما بحبك ...

كنت ارعاه كطفل صغير بحاجة الى حنان امه, كنت اهز له مهد احلامه بحناني فقد كانت روحه تفتقر الى هذه العاطفة كان يلهث لكل كلمة جميلة تخرج من شفتاي, كنا متماثلان في هذه النوبات العاطفية.

البحر حتى البحر عادانا حافظ اسرارنا تمرد علينا اشهر امواجه في وجهنا فتوسلت للبحر لكي يحفظ آخر اسرارنا لان شراع قاربنا سوف يسقط ويرضي هذا الكون.

رفع سعد يده الى الاعلى الى السماء قطف احدى نجمات الليل واهداني اياها قائلا تحلي بها يا ملاكي لكي تذكريني دائما نجمك الذي يرعاك فسوف يكون وسيطا بيننا لنتواصل.

 كنت اخشى في تلك الاثناء من ابد الفراق, جلسنا على رمال البحر لان السير اعيا سعد وجهه اصبح شاحبا ووجعي ايضا اصبح شاحبا من قلقي عليه, خطف يدي وضمها الى صدره قال لي اتشعرين بدقات قلبي انها تتمرد على كل قوانين هذه الحياة فرغم توقفها فانني احبك وسابقى احبك يا راوية, نظرت اليه نظرة يقين ايقنت فيها قسوة الواقع وعيناي تغرغران بالدموع فصرخ سعد بوجهي معاتبا لا تبكي يا طفلتي فقد ولى زمن الحزن فاجبته كيف وانت راحل, كيف يا سعد .

هذه كانت آخر الكلمات التي نطق بها سعد قيل ان تهجره روحه صاعدة الى باريها.

لم يرضى سعد يوما ان يقتسم معي رغيف السعادة فقد اهداني اياه كله لانه كان يعلم انني اتضور جوعا واتلهف لالتهامه.

يبدو ان مرض الخرف الذي اقتحم عقل جدي سعد اثر عليه وايضا اثر علي فقد عشت هذا الحلم كانه حقيقة, لقد عشت هذه الكذبة وبرعت فيها او الاصدق انني احتجت لتلك العاطفة التي غمرني بها جدي سعد لان روحي كانت تلهو بالفراغ وتتعطش الى من يغرقها بحنانه.

لقد تذكر جدي سعد في ملامح وجهي حبيبته, طرق ابوابي لاساعده على استمرار هذا الحلم, لم ابخل على جدي سعد اخذت بيده وسرنا سويا على درب احلامه لانني  ايقنت ان جدي قد وصل الى آخر الدرب وان روح الانسانية في داخلي تجبرني على اسعاد جدي في آخر ايامه.

أحببته, نعم أحببته حبا لا يشبه جميع انواع الحب فان استعنت بكل قواميس الحب فلن اعرف ما كان هذا الحب انني احببته حبا من نوع جديد حبا طاهر.

ها انا اقف صامدة امام ضريح جدي اهديه باقة من الورد والحب لكي ترقد روحه بسلام

 

مقالات متعلقة