الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 16:01

حرب لبنان سببت ازمة نفسية للجنود


نُشر: 18/03/07 09:54

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” “الإسرائيلية” في ملحقها الأسبوعي أن مئات الجنود “الإسرائيليين” الذين شاركوا بالعدوان على لبنان في الصيف الماضي يعانون من “كرب ما بعد الصدمة” الشديدة. وأوردت مقابلات مع جنود قدموا شهادات واعترافات عن العاهات النفسية التي أصيبوا بها جراء مشاهد المعارك الضارية مع المقاومة اللبنانية.
وقال الجندي “ح” في شهادته ان كابوسا يلاحقه في منامه، فيتخيل أن الحرب نشبت مجدداً وهو داخل مدرسة جنوب لبنان من دون عتاد، وما يلبث يفر هاربا منها وهو ينتعل حذاءين، أحدهما عسكرية والأخرى رياضية. واستذكر الجندي أنه دخل قرية لبنانية ليلا من دون أن يعرف وزملاؤه لأين المسير وبلا إرشاد أو خرائط وتعليمات واضحة، وأضاف “عمت الفوضى لاسيما وأنك تشعر أن قيادتك لا تعرف شيئا عما يدور. أتذكر كل يوم كيف كنت أطالب بكاتم الصوت كي لا أسمع دوي الانفجارات وأنّات جريح كان بجانبي في نزعه الأخير”.



وذكرت الصحيفة أن مئات الجنود برتب عسكرية مختلفة، خصوصاً من جيش الاحتياط أصيبوا بعوارض ما بعد الصدمة (PTSD)، وهم يلفتون للمصاعب الجمة التي رافقت عودتهم للحياة المدنية. وأوضحت أن خبراء في علم النفس “إسرائيليين” يتحدثون عن إصابة ثلث جنود الاحتياط بهذه الحالة النفسية المرضية التي تعرف في اللغة المتداولة ب”صدمة الحرب”.
وأضافت “حتى الآن سجلت وزارة الحرب 400 جندي من جيش الاحتياط، وهذا عدد قليل من المصابين الذين لم يتوجهوا بعد للكشف عن إصابتهم النفسية، وهذا لا يشمل جنود الجيش النظامي الذين أصيبوا أو معرضون لها ويقدر عددهم بالمئات”. وأوردت “يديعوت احرونوت” أن الإحصاءات التي تزكيها التقديرات الميدانية تفيد بأن10% إلى 15% من أولئك يعانون من أزمة دائمة، ولفتت إلى أن المواجهات في دبل وبنت جبيل والسلوقي تسببت بإصابات نفسية كثيرة للجيش “الإسرائيلي”، ولاستهداف مجموعة كبيرة من الجنود قرب الخالصة قبل دخولهم لبنان.
ويتحدث المصابون- وفقا للصحيفة - عن الصدمة الناجمة عن الاصطدام بقلة ونفاد الذخائر والعتاد، والبلبلة الملازمة للعمليات الميدانية والتعليمات المتناقضة وفقدان الثقة بالنفس لدى القيادة العليا، وعن الاصطدام بالأجواء المعادية لهم داخل “إسرائيل” فور عودتهم من الحرب. “عاد الجميع للحياة العادية، ونحن ما زلنا هناك عالقين، نفسيا، بالحرب في لبنان” بحسب قول “ح” في شهادته. وكشف الجنود المصابون في التقرير عن الكوابيس في أثناء الليل والأرق ونوبات الحالة العصبية والخوف المستديم والعجز الجنسي والتبول الليلي كعوارض لإصابة عوارض ما بعد الصدمة عقب انتهاء الحرب. وروى “ر” ما تعرض له هو وزملاؤه في منزل في إحدى قرى الجنوب حينما استهدفتهم نيران “صديقة” وأضاف “كنا 116 جندياً واكتشف حزب الله أمرنا وصاروا يرموننا بالنار من كل الجهات ومن دون رحمة، فاستدعيت مساعدة المدفعية فوصلت. كنت أطل من الشرفة، ولاحظت أن قذائف المدفعية بدت تقترب منا، وخلت أنهم سرعان ما سيصوبون مدافعهم كي لا يمسوا بنا، وفجأة أصبنا بقذيفتي دخان. فطرت نحو المطبخ واحترق كل شيء من حولي وكنت أصرخ من تحت الردم، وأخذت أتقيأ دما، وأذكر قبل أن أفقد الوعي أنهم جروني لخارج البيت. ولفت “ر” إلى أنه لا يزال يخضع للعلاج في مستشفى رمبام في حيفا، وقال إن الإصابة الأبلغ نفسية، وأضاف “أصبت برئتي وأذني لكن الجراح النفسية أشد. تنتابني حالات من البكاء والمخاوف والأرق، وأستيقظ من الكوابيس مصدوماً فأسارع لتناول الدواء حتى بتّ أعيش اليوم على المسكنات”. وأوضح أنه يخشى مغادرة منزله أيام السبت، وأنطوي على ذاتي، لأن إصابتي وقعت يوم سبت وأخشى أن يمسوا بي ثانية، كما أنني لا أقدر على أكل اللحوم، لأنها تذكرني برائحة حريق يوم التهمت النار جنديا بجانبي. توقفت عن اللعب واللهو والسباحة، بل عن كل شيء وصرت أخاف من ارتياد المقهى بسبب الخوف من الضجيج الذي يعيدني للبيت إياه في لبنان، فأبدأ بالتصبب عرقاً فيما جسدي يرتعش بقوة خوفاً، وعزفت عن أصدقائي ولا أستطيع الخلود للنوم لوحدي، ولا أفارق حضن أمي التي أعتقد أنني تسببت بخسارة عشر سنوات من عمرها. لا أستطيع العمل سوى لساعات قليلة في اليوم واستيقظ مرهقا للغاية، لعدم قدرتي على النوم العميق ليلا، وفي الطريق للعمل أكاد أموت خوفا وأنا في الحافلة، لئلا أنام ويهاجمني كابوس، فأصحو صارخا مرعوبا على مرأى الركاب”.



وقال “ر” انه مستعد لتقبل اصابته الجسدية، لكنه لا يشعر أن الدولة خانته، وأضاف “الصدمة أصعب نتيجة للحرب لا سيما وأنت تسمع التعليمات البلهاء، وتتسلم سترات واقية غير صالحة، وقائد يسترشد بخريطة وصولا إلى زقاق معين، فتكتشف أنك وصلت معه إلى شارع سريع، أو يتحول البيت في الخريطة إلى دير، ثم يأمروننا باحتلال هدف معين فنفعل ذلك ونتكبد إصابات فنتراجع، لكنهم يأمروننا ثانية فيصاب جنودنا مرة أخرى”.
ووجه “ر” انتقادات حادة للقيادات، ولفت إلى أنه يرفض وسام الشجاعة الذي ينوي الجيش منحه إياه، وأضاف “لا أشعر أنني أستحق ذلك، وأنا أكره الجيش والدولة لا بسبب الجراح الجسدية، إنما النفسية.
وقال الجندي “ط” (33 عاما) انه دخل مع وحدته قرية تبعد خمس دقائق مشياً على الأقدام من الحدود، وسط قصف متبادل كثيف وأضاف “رمينا مسنا لبنانيا بالنار، لأن التعليمات كانت تقضي بقتل كل شيء يتحرك، وعندها صوب حزب الله النار علينا فاختبأنا داخل منزل، لكن القذائف طالتنا ورأيت كيف تناثر لحم أحد زملائي الجنود فانتابتني حالة هستيرية، وكنت أشعر بالخجل الشديد ولم أقو على النظر بعيون أصدقائي”.
ونوه “ط” أنه أطل من شرفة بيته الأسبوع الماضي، فسارع للصراخ والتنبيه من سقوط قذيفة لمجرد أنه رأى حريقا صغيرا. وقال الجندي أرييه فاستي(43 عاما) انه استحكم داخل بيت هو وزملاء له كانوا في طريقهم للقنطرة في أعالي السلوقي، من أجل حماية الطريق، وأضاف “في المساء صاح أحد الجنود: يرموننا بالنار، وفعلا لاحظت كرة من نار تطير صوبنا، وسرعان ما تفجرت الدنيا حولنا وتلاه انفجار آخر فغطى الغبار والدم الجنود، وبعد لحظات اتضح أن دبابة “إسرائيلية” هي التي أطلقت النار علينا، وعندها أصيب الجميع بصدمة لم نتحرر منها حتى اليوم”.
وقال “أ” انه أصيب بالجنون يوم قضى عدد من زملائه في عيتا الشعب، وأضاف “أذكر أنني قمت بتوجيه مدفع رشاش من نوع ماج وأخذت أرقص وأبكي وأضحك معا بعدما رأيت جثث جنود بجانبي”.


الدكتور جمال دقدوقي

وقال الاختصاصي بالصدمات الدكتور جمال دقدوقي إن العوارض تصبح حالة مرضية مزمنة إذا لم تتلاش بعد ثلاثة شهور من الحادث، وتصبح أزمة خطيرة تفقد الحياة معناها. وأضاف أن الفرصة الوحيدة للنجاة منها تتأتى بالتشخيص المبكر، وأن الجيش “الإسرائيلي” استخلص عبرة اجتياح لبنان عام 1982 فبادر في أثناء العدوان على لبنان في الصيف الماضي بإرسال الخبراء النفسيين للميدان، بحثاً عن عوارض الإصابة التي تكلفهم أثمانا باهظة. وأوضح أن نحو60% من الجنود الأمريكيين الذين شاركوا بحرب فيتنام أصيبوا لاحقاً بالصدمة النفسية.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
229858.95
BTC
0.51
CNY