الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 21:02

وظلم ذوي القربى...بقلم: صالح علي


نُشر: 19/02/09 16:15

لعلي لا أبالغ بالتفاؤل إن قلت إني أشعر، وعلى خلاف العادة، بحسن الحظ هذا اليوم. وقد حصل في أكثر من مناسبة خلال نهاري المنصرم أن تحققت لي بعض الأمور بمجرد أن فكّرت فيها، وقبل أن أبادر إلى تنفيذها حتى. لدرجة أنه حين بدأت أوائل بنات الأفكار تتسلل إلى ذهني حول كتابة ما تقرأون، قفز أمام عيني بريد محوسب من صديق طالما أزعجني برسائله الإلكترونية التي لا معنى لها ولا لكثرة الناس الذين من المفترض أن يستلموها... غير أن رسالته هذه، وبخلاف ما اعتدت منه، جاءت في الوقت المناسب وبما يتلائم مع ما كنت أود أن أعبر عنه كتابةً.
 أعترف أني ما كنت لأنجح بالوصول إلى أروع من تلك الطرفة التي أرسلها لي ذلك الصديق، لتعبر ولو بخفة دم عن ظلم مجتمعنا العربي للمرأة بشكل تراكمي على مر التاريخ، فقد جاء في رسالته وصف لبعض الأحداث التي غيرت وجه التاريخ بابتسامة من امرأة، فقال:
• ابتسمت كليوبترا.. ففتنت قيصر روما وأودت بحياة أنطونيو، وهزت أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ.
• ابتسمت دليلة لشمشون الجبار، داهية عصره.. فخرّ صريعاً ودب في عينيه النعاس وهو على ركبتيها، فسلبته قوته وأذلته لأعدائه.
• ابتسمت آن بولين لهنري الثامن ملك إنجلترا.. فثار على البابا والكنيسة والدولة وثار على التقاليد.
• ابتسمت لولا مونتيز للملك لودفيج الأول، ملك بافاريا.. فسحرته من الوهلة الأولى ودمرته في أيامه الأخيرة، ففقد هيبته كملك واضطر للتنازل عن العرش.
• وحين ابتسمت وضحة لابن عجلان.. سلخها كف على وجهها عمى قمارها.. وقال لها: إنظبي يا حرمة، إحنا فش عنا نسوان تضحك!!!
لست بصدد الخوض في جدلية ما الذي سبق، هل هو ظلم اللغة العربية للمرأة كنتيجة حتمية لظلم المجتمع لها، أم أن الأدق أن المجتمع العربي ظالم للمرأة بطبعه لأن لغته العربية قد ظلمتها في عدد من المواقع؟
 نعم، فاللغة تظلم قبل الناس أحيانا. وقد ظلمت اللغة العربية المرأة في خمس مواقع، أعرضها أمامكم دون أدنى تجني على لغتي التي أعشقها:
• إذا كان الرجل على قيد الحياة يقال عنه إنه "حي". أما المرأة إن كانت من بين الأحياء قيل إنها "حيّة" – وهو أحد أسماء الأفعى.
• إذا أصاب الرجل في ما يقول فهو "مصيب"... أما المرأة إن أصابت الرأي تكون "مصيبة"!
• إذا تولى الرجل منصب القضاء كان "قاضياً"، أما المرأة في نفس الموقع فلا بد أن تكون "قاضية"، وهي المصيبة الكبرى التي تقضي على صاحبها.
• إذا كان للرجل هواية يتسلى بها فهو "هاوي"، أما إن توفرت الهواية للمرأة تسمى "هاوية"، وهو أحد أسماء جهنم.
• وأخيراً، إذا انتدب الرجل للبرلمان يطلق عليه "نائب"، أما المرأة حين تنتدب للبرلمان فإنها تكون.....
لا يا قارئي العزيز، إياك أن تستمع لوسوسات الطبع البشري الخبيث... فإن المصيبة الكبرى و"نائبة" نوائب الأزمان كانت ستقع لو لم تنتخب للدورة البرلمانية القادمة أول سيدة عربية فلسطينية من حزب وطني لتكون ممثلة لنا في الكنيست. أفلا يكفي أنه كان علينا الانتظار ستين عاما لنرى هذه اللحظة التاريخية؟ ألم يكن هذا الوقت كافيا لنقرر ان نغير مسار التاريخ؟
 هنالك أحزاب لا عمل لها إلا التغني بالماضي وبالتاريخ، وهنالك حزب نقش على رايته أن مهمته الأولى هي صناعة التاريخ. نعم لقد صنع التجمع التاريخ على مدى عقد ونيف هي كل ما مضى من عمره... صنع التاريخ يوم بادر إلى إلغاء الضريبة على ملكية العرب للأرض، وصنع التاريخ يوم رشح رئيسه الأول المناضل والمفكر العربي الكبير عزمي بشارة نفسه لرئاسة الحكومة في مواجهة مباشرة مع عنصرية بنية دولة إسرائيل، وصنع التاريخ من جديد يوم بدأ بسن سلسلة قوانين التمثيل المناسب للعرب في المؤسسات الرسمية، ويوم سن مجموعة قوانين لم ينجح غيره من الأحزاب بتمريرها على مدى السنين التي مضت، وصنع التجمع التاريخ يوم أسقط من حساباته كل الاعتبارات الطائفية في تركيبة قوائمه الانتخابية (منذ يومه الأول)، وأبدع من جديد عندما ضمن للمرأة العربية الثلث في قوائمه الانتخابية وغيرها من المواقع... وها هو يصنع التاريخ مجددا وبشكل رسمي في العاشر من شباط يوم أدخل إلى البرلمان الإسرائيلي أول سيدة عربية فلسطينية من حزب وطني تمثلنا أمام غلاة العنصريين الصهاينة وفي موقع اتخاذ القرار.
 نعم تمثلنا. فقد لا تكون حنين زعبي أول سيدة عربية تنتدب لعضوية الكنيست، إلا أن اللحظة التاريخة تكتسب زخمها بكون حنين تمثلنا ليس بمفهوم وصولها إلى هذا الموقع بالأصوات العربية فقط، بل من باب أنها تمثل قضايانا الوطنية والمطلبية واليومية والسياسية من وجهة نظرنا نحن العرب الفلسطينيين الباقين في أرضنا تحت حكم إسرائيل. وهي بخلاف من سبقنها إلى الكنيست واللاتي كن يمثلن أحزابهن الصهيونية أمام مجتمعنا العربي ولم يمثلننا يوما أمام أحزابهن السلطوية، وذلك بحكم ارتهانهن لمبادئ تلك الأحزاب التي تتضارب وتتناقض مع مصالحنا الوطنية وعروبتنا.
 لم يكن اعتباطا اختيار الشعار الانتخابي الذي رافق حنين على طول الحملة الانتخابية: "إمرأة عربية تمثلنا"، كما لم يكن من قبيل الصدفة أو المجازفة والرهان تحصين موقع من كل ثلاثة للتمثيل النسائي، وليس صرعة أو مجاراة للموضة، بل ممارسة مؤمنة لشعار مساواة المرأة بالرجل من باب الأحقية والقدرة على الفعل السياسي لا منـّة من رجال الحزب. ولقد كانت هذه الخطوة جريئة بمفهوم أنه وبانتظار نشوء جيل جديد يؤمن بأحقية وقدرة المرأة على إشغال المواقع الحساسة في السياسة، لا بد من فرض ممارسة اجتماعية تنويرية من هذا القبيل ولو بشكل "ميكانيكي" تمثل بالتحصين كحل مؤقت إلى أن تنضج الظروف لحصول المرأة على حصتها من هذا الحيز العام بشكل طبيعي. وكما ادعيت منذ البداية... إذا كانت لغة الضاد وأصحابها قد ظلموا المرأة قولا وفعلا، فإن وجود حزب الضاد جاء ليصلح هذا الخلل وهذا الغبن التاريخي، وها قد وضع التجمع قدمه على أول الطريق نحو انطلاقة متجددة.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.67
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
242170.68
BTC
0.51
CNY