الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 22:02

هل يجب مقاطعة الانتخابات؟


نُشر: 05/02/09 16:17

نقف اليوم من الانتخابات مسافة لا تقل كثيراً عن تلك التي تفصلنا عن الحرب على غزة. دم الشهداء لم يجف بعد وأنين الجرحى لا زال يدوي ومعاناة أهلنا تتعدى أي وصف. مشاعر الغضب والحزن لا زالت تتملكنا وها نحن أمام "معركة" انتخابات الكنيست، أحد رموز الكيان الذي أجرم بحق أهلنا في غزة والذي يعمل دون توقف على ابتكار أساليب للتمييز ضدنا، الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، ولقمعنا. في هذه الأيام تعلو بيننا أصوات، أكثر من ذي قبل، تدعو لمقاطعة الانتخابات كرد فعل احتجاجي وكتعبير عن نفورنا من تلك المؤسسة والتشكيك بالفائدة من وجود تمثيل لنا في الكنيست، ولكن هل فعلاً هذه هي الخطوة الأنسب الآن؟

تُعبر المقاطعة عن موقف أخلاقي رافض لنهج يلحق الضرر ويسيء لمجموعة معينة، مثلاً تأتي مقاطعة البضائع الأمريكية لشجب السياسات الأمريكية العدائية في الشرق الأوسط. لقد تسنى لي بمناسبة هذه الانتخابات وكذلك في ما مضى، خوض عدة نقاشات مع أشخاص يدعمون مقاطعة الانتخابات وبغض النظر عن اتفاقي معهم أم لا، يجب أن أشير إلى أنهم جميعاً من أصحاب الضمير الحي والنفس الحر وما يحركهم هو الهم الوطني. إن وجود هذه المجموعة هام ومفيد حيث يشكلون صوت بديل يذكرنا بأن حياتنا ونضالنا السياسي لا يبدأ ولا ينتهي بانتخابات الكنيست ولا يقتصر عليها.
من جهة أخرى، المقاطعة هي موقف سياسي احتجاجي للطعن بشرعية نظام (ليس فقط نظام حكم) سائد وتغييره. تعمل المجموعة المُقاطِعة بموجب المنطق التالي: عدم مشاركتنا سوف تكبد النظام أو الجهة المستهدَفة خسائر تجبرها على تغيير موقفها أو أداءها. ومن هنا ترتبط فعّالية المقاطعة وتحقيقها لأهدافها ارتباط مباشر بمدى الخسارة الناجمة عنها، وهذا يعتمد بالطبع على الوزن الكمي للمجموعة التي تُقاطع، كلما كبرت المجموعة كلما زاد تأثيرها والعكس صحيح.

لم تندرج المقاطعة في يوم من الأيام ضمن أدوات النضال الجماعي كخيار استراتيجي أو حتى تكتيكي للفلسطينيين في إسرائيل إنما اقتصرت على بعض الأفراد الذين لم ينجحوا بالتحول إلى مجموعة ضغط حقيقية. من الملفت أن غالبية دعاة المقاطعة إن صوتوا في الانتخابات فصوتهم تجمعي ومن هنا فالمقاطعة الفردية ليس فقط غير قادرة على إحراز أي مكسب وطني أو جماهيري، إنما تمس أكثر ما تمس بالتجمع الوطني الديمقراطي ومن ثم بالأحزاب العربية الأخرى، أي في نهاية الأمر تلعب لصالح الأحزاب الصهيونية. لا يمكن تحقيق مكاسب عبر المقاطعة إلا إذا كانت شاملة، تتبناها جميع الأحزاب العربية كخيار جماعي للأقلية الفلسطينية.

لا تخوض الأحزاب العربية الانتخابات للكنيست من أجل الاندماج في "الديمقراطية" الإسرائيلية ولا من أجل تحقيق ما يمكن للأحزاب الصهيونية أن تحققه لجمهورها، إنما لرفع صوت الأقلية وفرض وجودها سياسياً على الدولة. بيد أن الانتخابات تحتل حيزاً هاماً على مستوى حياة الأحزاب العربية وتشكل وسيلة أساسية لنشر الأفكار السياسية والوصول إلى وعي الناس. الدعاية الانتخابية والحلقات البيتية والمهرجانات السياسية والمنشورات والنقاشات، وفيما يلي تصريحات النواب وخطاباتهم وإنجازاتهم، كلها تكشف الأحزاب والمرشحين (القيادات) للناخبين وتساهم في شرح المواقف والمشاريع السياسية ومحاولة إقناع الناس بتبنيها، مما يقوي الأحزاب ويزيد من قدرتها على التأثير وعلى تحقيق مكاسب سياسية.

على صعيد آخر، يتيح الحصول على مقاعد في الكنيست للأحزاب العربية ميزانيات، هي حقنا لأنها تتكون عملياً من الضرائب التي ندفعها، تشكل المورد المادي الأساسي لإبقاء الأحزاب على قيد الحياة كتنظيمات جماهيرية، ذات مؤسسات يديرها متفرغون وتضمن بقاء التنظيم وتوسيعه. لو كنا مجتمع مبني على روح التطوع والتبرع لأمكن للأحزاب البقاء والعمل بنجاعة دون خوض الانتخابات للكنيست ولكن للأسف ليس هذا هو الحال.

المقاطعة، نعم ولكن يترتب على ذلك وضع أهداف سياسية أخرى وتبني استراتيجيات نضالية ووسائل عمل ملائمة، والأهم من ذلك، على المقاطعة أن تندرج ضمن قرار وحدوي تلتف حوله جميع الأحزاب وتستقطب تأييد جماهيري واسع. من الممكن في هذه الحالة حتى تطوير المقاطعة لإطار نضالي أشمل كالعصيان المدني.  أما في الوقت الراهن وبغياب القرار الوحدوي فإن المقاطعة لن تأتي ثمارها المرجوة، بل على العكس فهي تُضعف قوتنا السياسية والأنسب الآن أن نتجند لدعم الحزب الذي يحمل مشروع سياسي يصون كرامتنا الإنسانية والوطنية ونسعى به لمستقبل أفضل دون التنازل عن هويتنا الوطنية أو حقوقنا الفردية والجماعية، لأننا بأمس الحاجة لسد منيع يقينا شر الأسرلة المتربصة بنا دوماً والطائفية وآفات عصرية أخرى تجتاح منطقتنا برمتها!

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.02
EUR
4.70
GBP
217480.00
BTC
0.52
CNY