أشاحت بوجهها عنه كي لا يرى دموعها المترقرقة في عيناها,انزوت لوحدها بعيدا عن الحضور محاولة اخفاء عباراتها المنسابة على وجهها والتي تزداد انهمارا مع كل شهقة ألم تعتصر قلبها.
كيف تنسى ما سمعته وتصنع الأبتسامة وكأن شيئا لم يكن..
حبيبها اليوم يحتفل بعيد ميلاده على امل أن يعيش لسنوات طويلة,كما يتمنى كل الرجال اليافعين اللذين ما زالوا يتمتعون بشبابهم فلم تظهر عليهم علامات الشيب بعد.
وقفت بجانبة لتطفيء شموع عيده مع قبلة دافئة طبعتها على خدية تخللتها دمعة حارة لم تقوى على حبسها طويلا..تظاهرت بالأبتسام لتخفي جرحها والمدعويين فرحون يصفقون بحرارة..

لا أحد يعلم ان كان سيعيش طويلا فتحصل معجزة ويشفى من مرضه اللعين الذي يقضي على حياته تدريجيا أم يخطفة الموت في لحظة..

لم يشأ الحبيب أن تعلم حبيبته بقصة مرضة لكي لا تتعذب في أيامه الآخيرة,تركها تحلم وتحلم على شاطيء من وهم لا يقبل للواقع أي مكان فيه, كان يحب الاطفال متشوق لرؤية طفل بين ذراعيه يلاعبه ويسمع ضحكاته الرنانة التي تعلو في الافق.

كان كلما جلس مع حبيبته يتأملها طويلا ويفكر بطفله الذي سيورث كل هذا الجمال البديع من والدته ,فيطيل النظر في عينيها متخطيا كل الحواجز..متعمقا بهما باحثا عن شيء وراء هذا الجمال الذي تشكل بعيون عسلية واسعة الحدقات..

شاءت الظروف كما يحصل في أغلب المرات فتعرف الحبيبة بمرض حبيبها,عندما رأت المسكنات التي وصفها له الطبيب لتساعده على تخفيف ألآمه المبرحة.
تماسكت الحبيبة وفضلت الصمت فهو الأفضل في هذة الأوقات,يتعذبان سويا ويلتزمان الصمت..

يأتي الربيع ليسحر الكون بكل شيء جميل ويضفي لمساته الساحرة بقلوب العاشقين كأنما يجدد الحب بينهما.. يدنو الحبيب من حبيبته قائلا لها:
لن انسى ابدا لحظات الحب التي عشناها سويا..ستبقى من اجمل ايام حياتي,ثم همس في اذنها كلمة (احبك) فأبتسمت له متجهة الى الشاطيء الذي يمتد امامهما..داعب الهواء الرطب وجهها برفق وعانقتها نسماته بحب..  نادى عليها الحبيب من بعيد بأحرف متقطعة لفظتها شفتاه,نظرت اليه فاذ ا به يضغط بيده على قلبه وجسمه بدأ يهوي على الأرض..

ركضت مسرعة لتجده ممددا وقد فارقته الروح ورحلت ليبقى الجسد في تلك البقعة تحطيه الأزهار البيضاء الملتفة حوله.. أخذته بين أحضانها تبكيه لوعة وأسى..لمشهد وداع لا يتكرر كثيرا,وداع الأحبة.