الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 15:02

التواطؤ العربي الرسمي هو القاعدة


نُشر: 06/01/09 13:38

وبدأت العملية البرية الإسرائيلية الإجرامية في الساعة السابعة مساءً من يوم السبت الماضي، الثالث من كانون الثاني (يناير) ولكن قبل ذلك، أطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال في الدولة العبرية، السيد ايهود أولمرت، تصريحاً خلال جلسة المجلس الوزاري الأمني والسياسي المُصغّر (صحيفة هآرتس العبرية 1.1.2009) قال فيه إنّ العديد من الزعماء العرب يتصلون معه ويحثونه على مواصلة المجزرة/المذبحة/ المحرقة التي يُنفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ونحن نميل إلى الترجيح بأنّ الرجل يقول الحقيقة، ولكن ليس كل الحقيقة، فالمؤامرة العربية على الشعب الفلسطيني أكبر من ذلك بكثير، وهدفها تركيع هذا الشعب وتنصيب رئيس يصل على متن الدبابات الإسرائيلية، على نسق الخونة والعملاء من الصف الأول والثاني في العراق، الذين شاركوا في تحريض مجرم الحرب، جورج بوش، على احتلال بلادهم في العام 2003، وعادوا إلى بلاد الرافدين على متن المقاتلات الحربية الأمريكية. وفي هذه العجّالة نقترح على ما يُسمى بالتيار المعتدل في فلسطين، أن يُفكر جيداً أين تتواجد اليوم الزمرة التي وصلت إلى العراق مع جيش الاحتلال الأمريكي، ننصحهم بأنّ يتذكروا بأنّ الرئيس الأفغاني، حامد كرازاي، الدمية التي نصّبها الأمريكي الحاقد، بات يستجدي حركة طالبان ويدعوها للشروع في مفاوضات، لأنّ حماة بلاده من الأمريكيين وأعضاء حلف الناتو، باتوا غير قادرين على مواجهة المقاومة الأفغانية التي توقع الخسائر الجسيمة في صفوف الاحتلال والعملاء الذين يقدمون له المساعدة المجانية.
***
ولكنّ الأخطر من ذلك، هو أنّ العدوان الإجرامي على غزة، كشف حقيقة الدول الأوروبية ونفاقها الذي لا حدود له، الشعب الفلسطيني يُذبح، وأوروبا التي تتشدق بالديمقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان تلتزم الصمت المطبق حيال ما يجري، وتُطلق مبادرة لوقف إطلاق النار من دوافع إنسانية، والدولة العبرية المتعطشة لدماء الفلسطينيين، ترفضها بوقاحتها المعهودة، فهي دولة مارقة بامتياز لم تُنفذ منذ إقامتها في العام 1948 على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي شُرّد من أرضه أكثر من ستين قراراً صادراً عن الجمعية العمومية ومجلس الأمن الدولي، وعلى الرغم من ذلك، ما زال عرب الاعتدال والتواطؤ يُعوّلون على ما يُسمى بالأسرة الدولية والمجتمع الدولي، ويهرولون إلى ما يُسمى بمجلس الأمن الدولي أو الإسرائيلي، للحصول على قرار متزن، يدين الدولة العبرية وأيضاً حماس، أي أنّهم يساوون بين الضحية والجلاد.
***
وفي هذا السياق نلفت انتباه العرب الشرفاء وهم كثر، والعرب غير الشرفاء، إلى أنّ وزير الخارجية المصري، السيد أحمد أبو الغيط، تحّول إلى حبيب الإسرائيليين، حتى أنّ المحلل للشؤون العربية في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، تسفي يحرقئيلي، عقّب على تصريحات وزير خارجية أكبر دولة عربية بأنّها تصريحات لا يتمكن القادة في الدولة العبرية أن يطلقوها، لافتاً إلى أنّه يخدم الرواية الإسرائيلية التي تعكف وزارة الخارجية في الدولة العبرية على نشرها في جميع أصقاع العالم. هنيئاً لك يا رئيس الدبلوماسية المصرية على هذه شهادة التقدير والإعجاب والاحترام من الأصدقاء في إسرائيل. وكتب أحدهم، وهو عربي، لكنّه أفكاره تمثل عصابة اليمين المسيحي المحافظ في الولايات المتحدة الأمريكية مقالاً نقتبس منه ما يلي: وإذا استثنينا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، فإنّ الجميع ساروا وراء حماس، التي ورطت مليون ونصف مليون فلسطيني بالتجويع منذ أشهر، ووصلت الآن إلى مرحلة جلب التدمير. حماس تطلق صواريخ عبثية على إسرائيل فترد إسرائيل بهمجية ودموية، فيضطر الجميع إلى السكوت على ما فعلته حماس حتى لا يتهموا بأنهم مع إسرائيل. الوزير أبو الغيط يواجه لوحده غوغاء العرب، وأنظمة سياسية تريد تصفية حساباتها على الدم الفلسطيني، حتى هنا الاقتباس الذي ورد في المقال المشهور، الذي لا نستبعد البتة أن تقوم وزارة الخارجية الإسرائيلية بترجمته إلى جميع لغات العالم لتقول لهم حتى العرب الأشاوس يكتبون ضدّ حماس وإرهابها.
***
بموازاة هذه الحالة، وإزاء حالة الشرذمة الرسمية العربية نحزن ونتألم عندما نرى أنّ جميع التيارات والأحزاب الإسرائيلية من أقصى اليمين إلى أقصى ما يُسمى باليسار الإسرائيلي الصهيوني، تقف وقفة واحدة، تؤيد العدوان على غزة، وتترفع عن الخلافات الداخلية المتأججة بينها، بينما حكام العرب يتسابقون في ابتكار الخلافات بينهم لتبرير مواقفهم المخجلة، ووسائل الإعلام العبرية متطوعة لصالح ما يُسمى بالإجماع القومي الصهيوني، تُحرض على العرب وتسخر من خلافاتهم الداخلية. وأكثر من ذلك: حكومتا فنزويلا وتشيلي اتخذتا قرارات بفم مليء بإدانة العدوان الإجرامي على غزة بعد مرور يومين على بدء الهجوم الإسرائيلي الغاشم، والحكومات العربية منشغلة في البحث عن تبريرات لإلقاء التهمة على حركة حماس. تعلموا يا عرب الاعتدال من اليابانيين، الذين قدّموا هدية متواضعة لوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس، وهي عبارة عن صحن فيه عدد من الفاكهة المجففة، أما العاهل السعودي فقد قدّم لهذه الآنسة الحاقدة على كل من وما هو عربي ومسلم، هدية "رمزية" وهي عبارة عن طقم ذهب يبلغ ثمنه 177 ألف دولار، أتعلمون لماذا؟ أولاً لأنّ اليابانيين يحترموا أنفسهم، وثانياً، لأنّهم لا ينسون أنّ أمريكا هي التي زرعت الدمار والقتل عندما ألقت بالقنبلة النووية على هيروشيما في الحرب العالمية الثانية، وأطفال غزة بالمناسبة ومقاوميها ورجالها ونسائها يُقتلون اليوم بالسلاح الأمريكي، يا عرب الاعتدال. ونقترح على العرب، الذين يصرفون الغالي والنفيس، أن يسارعوا لشراء هدايا الآنسة كوندي المعروضة في المزاد العلني، كما فعلت إسرائيل مؤخراً عندما قامت ببيع هدايا الزعماء والملوك والسلاطين العرب إلى رئيس جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجية).
*** 
وهؤلاء العرب المتواطئين مع المشروع الإسرائيلي الأمريكي اكتشفوا أنّ العدو الحقيقي للشعب الفلسطيني موجود في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتالي أطلقوا العنان لصحافتهم، وهي بالمناسبة صحافة بلاط أكل عليه الدهر وشرب، لمهاجمة طهران واتهامها بأنّها تعمل على اختلاق نزاعات هنا وهناك لصرف أنظار العالم عن برنامجها النووي، وتستغل تارة حزب الله وتارة حركة حماس لتمرير مشروعها، على حد تعبير عربان التواطؤ، الذي فقدوا جميع ميّزات الخجل، وباتوا يكتبون بصراحة متناهية ضد إيران، ويتهمون حماس بالمسؤولية عمّا يحدث في غزة، حتى يتخيل للإنسان العادي إنّ إيران هي التي تذبح الشعب الفلسطيني وليس إسرائيل، هذه التحليلات التي تُنشر في وسائل الإعلام العربية المتواطئة مع حكام الاعتدال، تخدم أولاً وأخيراً الأجندة الأمريكية والإسرائيلية وأيضاً الإيرانية.
***
الأهم من هذا وذاك أنّ العدوان على غزة كشف حقيقة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، النظم الحاكمة في دول الاعتدال والتواطؤ تريد أن تقضي على كل شيء يتعلق بخيار المقاومة، لأنّ مواصلة حماس اعتماد هذا الأسلوب، وفق منطقهم، يجعل الطريق أمام التطبيع الكامل مع الدولة العبرية أمراً مستحيلاً، المعركة التي يدفع الشعب الفلسطيني اليوم ثمنها هي معركة لإنهاء المقاومة كخيار لتحرير الأرض والإنسان، ولكنّ الرياح تجري بما لا تشتهي سفن التواطؤ، فالمقاومة في لبنان وفي فلسطين ما زالت صامدة، ولن تخضع ولن تركع على الرغم من أنّ المؤامرة كبيرة وخطيرة ومدبرّة بصورة ممتازة، وتعتمد فيما تعتمد على تحميل الضحية المسؤولية وتتجاهل الجزار الإسرائيلي ومعاونيه من العرب والعجم.
***
القضية الفلسطينية باعتقادنا المتواضع تمر في أخطر مراحلها، وعملية تصفيتها بالمزاد العلني من قبل تل أبيب وواشنطن ودول التواطؤ مستمرة، وتنبع خطورتها من أنّ من يحكم رام الله، أي الرئيس محمود عبّاس والجماعة المحيطة به، يشجعون إسرائيل على تصفية المقاومة لكي يواصلوا عملية السلام العبثية مع إسرائيل، ولهؤلاء نقول: وقّعتم في العام 1993 على اتفاق أوسلو مع الدولة العبرية، ومنذ ذلك الحين لم يحصل الشعب الفلسطيني على شيء من إسرائيل، لا بل أكثر من ذلك، فالاتفاق زاد من جرائم الاحتلال، الذي قام بعمليات مدبرة لسلب المزيد من الأراضي وقتل المزيد من الفلسطينيين، وبرأينا، يجب محاكمة كلّ من شارك في هندسة وتوقيع هذا الاتفاق، الذي كان عملياً النقطة المفصلية في بداية القضاء على الكفاح المسلح لتحرير فلسطين من مغتصبيها. ما يجعلنا متفائلين بعض الشيء، هو أنّ  هذا التيار المتواطئ لن ينجح في تمرير مخططاته اليائسة والبائسة، لأنّ الشعب الفلسطيني، الذي ضحى يأثمن ما يملك لن يسمح لهؤلاء بتطبيق نموذج أفغانستان على أرض فلسطين المعطرّة بدماء الشهداء الأبرار.
***
وعود على بدء: نكتب هذه السطور والمعارك الطاحنة بين قوات الجيش الإسرائيلي، الجيش الرابع من حيث القوة في العالم، والجيش الذي يتغلب على جميع الدول العربية مجتمعةً، أي الجيش الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، يخوض معارك طاحنة وغير متكافئة بين عدو من الوزن الثقيل وبين مقاومة متسلحة بإيمانها وعقيدتها بالدفاع عن الوطن حتى أخر قطرة دم. وفي حال تحقيق إنجازات إسرائيلية في هذه الحملة البربرية على إخواننا في القطاع، فإنّ عرب الاعتدال سينبرون من كل حدب وصوب وسيحملون حماس المسؤولية ويؤكدون: لقد قلنا لكم. فلماذا لم تتنازلوا؟ وعرب الاعتدال هم أنفسهم الذين حاولوا تقزيم الانتصار الذي حققه حزب الله اللبناني على الجيش الإسرائيلي في عدوان صيف 2006، لا جديد في الوطن العربي، الجديد أنّ التواطؤ العربي الرسمي مع أعداء الأمة بات القاعدة وليس الاستثناء وعلى المكشوف.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
238545.46
BTC
0.51
CNY