الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 17:02

عيدٌ بأيّة حال ٍ ..

د. فالح  سمارة
نُشر: 09/04/24 18:12

تهل بشائر العيد علينا هذا العام ، ونحن نعاني شدة الألم والحزن على أخوة لنا في  رئة الوطن الأخرى ،  فقدوا أعزاءهم أو حياتهم ودمّرت بيوتهم وممتلكاتهم وضاع " شقا عمرهم " هباءً منثوراً . 
فأي عيد هو الذي تهلّ أنواره وبشائره أمام هذه الظلمة الموحشة المدلهمّة ؟
أيّ فرحٍ ننتظر والدمع يسّاقط من عيوننا على عوائل مسحت أسماؤها من السّجل المدني في قطاع غزة المنكوب ؟
تكبر المعاناة ويكبر الوجع مع شوقنا الكبير لممارسة طقوسنا المعتادة في أعيادنا .
 طفل صغير بُتِرت ساقه اليمنى ويقف على عكازة خشبية ويكتب على واجهة إسمنتية آيلة للسقوط : 
كل عام وأنتم بخير ..
يخجل العيد من دموع الأمهات 
يخجل العيد من آهات الآباء 
يخجل العيد من الأسئلة المرسومة على شفاه الأطفال ..
يخجل العيد من جثث متروكة على أرصفة الشوارع والحارات .
فمن يمارس فرحته فوق الركام ؟
لا تزال كتابات الأطفال قائمة على الشوارع وحطام البيوت .. فهي مكتوبة بدمهم بعد أن انتظروا طويلاً قدوم العيد ليحققوا أحلامهم في اللعب والمرح ..
هل ترانا سنفرح على نحيب الثكالى ؟
هل ترانا سنفرح على مشاهد الدمار والموت في المدن والقرى والمخيمات ،
إذاً بماذا سنفرح وكيف نفرح ؟ ولماذا نفرح ؟
ولكننا برغم كل الجراح والفقد والألم " وحرقة دمنا " على ما يجري في غزة نقول ، على أمل أن تأتي البشرى ..
على أمل أن تنتزع الفرحة نورها المصادر في فم الذئب ، على أمل أن يتحقق اللقاء بين من أُرغموا قهراً ، على مغادرة بيوتهم في شمال غزة ، وأن يكتبوا سيَرهُم الذاتية بأقلامهم التي تجمّد بها الحبر خوفاً وحزناً وقلقاً ..
فلا بدَّ لنا من الفرح ..
 لا بدَّ لنا من أن نمارس حقنا في الحياة وأن نعيد صياغة مستقبلنا على تراب وطننا ، فهذا حق مقدّس لنا لا يمكن شطبه أو إلغاؤه .
سنتمكن .. سنتمكّن ..
قالها الطفل ، وقالها الشيخ ، وقالتها الأم التي تحدّت الموت وآلته الشيطانية ، وقالها الدم الذي رسم لوحة الوطن فوق حجارة البيوت المتناثرة ، وعلى جذوع الأشجار المقطوعة بفعل آلة الدمار التي لا ترحم .
تقول أشلاؤهم المقطعة على طرقات الأمل ، أن العودة آتية وحتميّة .. وأن الفكرة لا تموت ، وإن مات الجسد ، فبذورها القابلة للحياة تملأ الآن أرض غزة ، ليأتي جيل يكمل المشوار ، مشوار الثبات على الحق والثبات على الهدف والثبات على المبدأ .
وعندما تكبر البذور وتصبح أزهاراً تملأ الميادين والشواطئ والحارات ..سوف نقول أننا على موعد قريب مع الحياة ، على موعد مع الحريّة الناجزة التي بدأت ألوانها تتشكل في أفقٍ حبيب لا يخذل الصادقين .
وسنبقى ، على أمل أن تأتي البشرى ..
 سنبقى نقول : 
كل عام وأنتم بخير .

مقالات متعلقة