الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 23:01

أيّها المُستهلِكون والمُستَهلَكِون/ رافع يحيى

رافع يحيى
نُشر: 08/04/24 20:43

السّلام عليكم، مرحبا، بون سواريه.
رمضان على عتبة الفراق. على عتبة التّوبة، عتق من النّار، وفشل في إحداث التّغيبر المطلوب. فالأسوار القائمة بيننا لم تُهدم، وموجات العداوة والكراهيّة ما زالت تبثّ سيطرتها، وصواريخ الحقد ما زالت منصوبة، ولم يبلّغ عن هدنة أو صلح يسعى لإزالتها. نحن نحن، لا جديد. لم يغيّرنا الشّهر الفضيل..! 
لا قوارير تغسل كِبرنا ولا ثياب تستر كبرياءنا. أيّها الجاثمون في لعنة الغباء والتّاريخ، كم قرن مرّ عليكم وأنتم تتناسلون على أسرّة الجهل. لا تنهضوا من أحلامكم. دعوا التّاريخ يتقدّم ويزهر ويتطوّر. رجاء لا تزعجوه.
نحن نكتة مكرّرة. لا أسماء لنا إلّا الفراغ. ولا اختراع نتقلّده إلّا فاشيّة الفكر. مبدعون في اللّاشيء. باهرون في تكرار الخرافة وعلك الوهم ومضغ الجهل. كتبكم ترصف الأرصفة، ولا يرف لكم جفن! يا لبلاهتكم!
من أنتم من ناصية المجد!
من أنتم من قاموس المستقبل!
من أنتم من أبجديّة الفكر!
لا تناقش، لا تجادل، لا تحاور، 
اقتلوا المزيد والمزيد من الأنبياء والأولياء والقدّيسين، فهذه هي هوايتكم وهذا هو قانونكم وهذه طباعكم، وهذه غابتكم. ما أجمل ما تخطّه صفحات رثائكم! كذبة المرحلة. فرق من الدّجّالين، وعصابات من الظّلمة. 
ما أكثر كلامكم، لكنّه كغثاء السّيل. تتداعون كالقش، تنهارون كدمعة أنثى، تتهاوون كبرج من ورق! 
ما أطول التّاريخ وما أصغر الحقيقة!
كيف صرتم في ليلة وضحاها صفرًا! وما أدراكم ما الصّفر!
صفر كبير، صفر متوسّط، صفر صغير، صفر مهجّن، صفر معدّل، صفر يحيّيه صفر، صفر يحمل أسفارا!
لا تنسوا أن تكتبوا الهجاء بمن تعطّرت وتمشّطت وعلى الأرض مشت، ويحكم ما أصغر عقولكم!
لا تنسوا أن ترصّوا قصائد المديح بمن كذب ونافق وسرق وشخر حتّى استوى التّاريخ من شخيره!
اجلسوا وتربّعوا وحدّثوا الزّمان عن إنجازانكم في فنّ النّميمة وعذوبة النّفاق ولذّة الطّعن في الظّهر، كم خليفة قتلتم، وكم شجرة خضراء رجمتم!
أعذاركم هروب
تبريراتكم ساقطة
هروبكم من منصّة التّاريخ فضيحة.
كم مخ يانع وعقل راجح هرب منكم ومن فوضويّتكم وسذاجتكم! 
أيّها الملتحفون بغبار الرّماد
أيّها المؤطّرون بأقمشة الدّمى
العنقاء والغول أقاويل مضحكة
فمن تنتظرون!
يحيّرني السّؤال، من أنتم!
يقيّدني التّفكير، ما حقيقتكم!
كيف اندسّ التّسطيح إلى مخيالكم!
لا أخافكم
لا أخافكم
أرسم بورتريه لحاضركم، ولا ترجف يدي
أناقش حالتكم وسيجارة كوبيّة تحترق بين أصابعي.
أحياء أم أموات؟ من أنتم!
أعتذر من خيلائكم لأنّني قطعت أحلامكم وقرعت أبواب مناماتكم.
أعتذر من حروفي لأنّها ذكرتم وتذكّرتكم.
أعتذر من الوفاء لأنّني حاولت البحث عنه في صدوركم.
ودّع هريرة....
...ضحكت من جلها الأمم!
أعتذر من الشّعر لأنّني نبّهته إليكم
أعتذر من الطّريق لأنّي طلبت منه أن ينتظركم
أعتذر من العدل لأنّني أوصيته الرّحمة بكم
أعتذر من الحبّ لأنّي ما زلت أحبّكم
أعتذر من السّماء لأنّي ما زلت أؤمن بكم
أعتذر من الأمل لأنّي لم أفقد حاسّة التّعلّق به
أعتذر من التّفاؤل لأنّي ما زلت أتعطّر به!

مقالات متعلقة