الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 14:01

بالسلام نصوغ مستقبل أطفالنا ..

د. فالح سمارة
نُشر: 11/03/24 22:09

نتطلع نحو تحقيق السلام الشامل والعادل والمتوازن الذي يضمن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ولا يمكن تحقيق هذا السلام الا بإنهاء الاحتلال الذي يمثل النقيض المطلق لفكرة السلام.


لقد قدم الشعب الفلسطيني ومنذ النكبة الكبرى عام 1948 تضحيات كبيرة في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال، وما زال ميزان العدل غائباً في ظل اختلال موازين القوى لصالح الغطرسة والاحتلال والفاشية والعنصرية التي تغذيها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي أدارت ظهرها للسلام ولكافة الاتفاقيات الموقعة، وسعت دائماً لتقويض حل الدولتين والاستمرار في النهج العدواني وفي التوسع الاستيطاني وفي ممارسة القهر والظلم والعدوان على الشعب الفلسطيني وآخرها هذه الحرب العدوانية التي تدور رحاها في قطاع غزة والتي تستخدم فيها الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً في مواجهة شعب أعزل لا ذنب له سوى سعيه من أجل حريته واستقلاله وحقوقه الوطنية أسوة بكافة شعوب الأرض ووفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
لا يمكن أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة ككل، إلا بتحقيق هذه الأهداف للشعب الفلسطيني لينعم بالسلام العادل على أرض وطنه ، وعلى الاحتلال الإسرائيلي أن يعيد النظر بسياساته واجراءاته العدوانية، وأن يتوقف عن عدوانه المستمر الذي آن له أن ينتهي.
يعلمنا التاريخ ويعطينا الدروس والعبر بأن الزمن العصيب لا يخدم الظالم وحده، بل هو بكل تحدياته وضغوطه وإرهاصاته يخدم المظلوم أيضاً ، فيولّد فيه الرغبة العارمة في المواجهة والإصرار العنيد على رد الظلم ودحره بكل الإمكانات والطرق المتاحة، وما هذه الانتفاضات الفلسطينية المتلاحقة إلا شاهد صدق على ما يقوله تاريخ الشعوب والأمم، فكلما زاد الصلف وتمادى زادت وعظمت الرغبة العربية الفلسطينية في المقاومة والتصدي، ولكل فعل رد فعل كما تقول القاعدة الفيزيائية.
ضمن التغطية المستمرّة للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، فأنّ إسرائيل تريد استعادة هيبة الردع بعد الضربة التي تعرضت لها يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، والسلوك الإسرائيلي الحالي يشمل بعدًا ثأريًا بدائيًا متعطشًا للدم وتلقين الدروس ، وتتبنّي الرؤيةُ السرديةَ الإسرائيلية حرفيًّا، بما في ذلك (الرواية التوراتية) وكأنها قانون دولي ووثيقة سياسية معاصرة وصك ملكية؛ كل هذا من دون التطرّق بكلمة واحدة إلى الرواية الفلسطينية، والإشارة تكون دائمًا إلى معاناة الإسرائيليين، كما تسرد الرؤية الادعاءات الإسرائيلية لانسحابها من أراضٍ وتنازلاتها، من دون أي ذكر للرواية الفلسطينية، ولا حتى الإشارة إلى كلمة (النكبة) ولا معاناة الفلسطينيين بسبب الاحتلال، ولا تُذكر معاناة الفلسطينيين، إلا بالإشارة إلى أنها ناجمة عن سلوك القيادة الفلسطينية وفسادها، أو "إرهاب" الفلسطينيين، ولا توجد معاناة فلسطينية بسبب إسرائيل أو الاحتلال.
وأمام هذا الواقع الصعب ما زال الفلسطينيون يؤكدون تمسكهم بالسلام ويعملون من أجل تحقيق السلام كضامن لمستقبل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وعلى قاعدة تطبيق حل الدولتين كحل ممكن يحظى بالتوافق الدولي، وعلى المجتمع الدولي أن يتمسك بهذا الحل وبدء تنفيذه من خلال الدعوة لمؤتمر دولي للسلام على أساس قرارات الشرعية الدولية وضمان الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني. لتزم التحالف بتحقيق حل الدولتين: دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967 تعيش إلى جانب دولة إسرائيل بأمن وسلام بالإرتباط مع حل عادل ومتفق علية لقضية اللاجئين الفلسطينيين .
وبسبب المرحلة الحرجة في الصراع، حيث بدأت غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين بفقدان الأمل في إمكانية الوصول إلى سلام دائم، بات مطلوباً تكثيف العمل والجهود باتجاه نشر ثقافة السلام واللاعنف، وكسب الدعم والتأييد الدولي للوصول الى حل شامل وعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لضمان الكرامة والمساواة وحق تحرير المصير، ولن يتحقق ذبك الا بإنهاء الاحتلال وبناء السلام العادل والشامل على أساس دولتين لشعبين تكون فيه الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل في حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية مع التوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، استناداً لما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية
ليس سوى السلام طريقاً للعايش ومستقبل الشعبين، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تدرك هذه الحقيقة وان لا تحاول التهرب منها أو إدارة الظهر لها، وكل الحروب وكل أشكال العدوان التي يقوم بها الاحتلال لا يمكن أن تثني شعب فلسطين عن المطالبة بحقوقه الثابتة التي قدم من أجلها كل التضحيات، وقد سلك طريق المقاومة الشعبية نهجاً للنضال الشعبي من أجل اجبار الاحتلال على الامتثال لحقوقه الوطنية، وهذه المقاومة اليوم والتي يحاول الاحتلال اجهاضها وتكريس نماذج بديلة عنها بفعل سياساته واجراءاته العسكرية وقبضته الأمنية يجب أن تستمر وان لا تصل الأمور الى مستويات أكثر عنفاً حيث يدفع الأبرياء الثمن دائماً .
 السلام وحده هو الذي يحقق الأمان ، ولا يلتقي السلام مع الاحتلال ، السلام وحده هو الذي يضمن العيش بحرية وكرامة لأطفالنا وأجيالنا .
لنعمل معاً على نشر ثقافة السلام على أساس تمكين الشعوب من ممارسة حقوقها في بناء مستقبلها حفاظاً على مستقبل الأطفال من كلا الشعبين .
نريد سلاماً ضامناً للحقوق
سلاماً شاملاً وعادلاً ومتوازناً ينهي مراحل طويلة من الصراع وسفك الدماء .
الطيرة / المثلث

مقالات متعلقة