الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 16 / مايو 12:02

2009، عامٌ جديد- فؤاد خوري -عبلين


نُشر: 02/01/09 14:38

من جديد، يطّل علينا عامٌ جديد، عامٌ يمضي وأخر يأتي، والحياة دولابٌ مستمرٌ في الجريان، ونحن بما نطفيه على هذه الحياة، وبما نقدّم من ذواتنا في سبيل العطاء والمحبة، نستطيع أن نهيئ أنفسنا جبدًا لإستقبال عامٍ جديد.
2008، عامٌ نشهد عند انتهائه آلامًا كثيرة، فأطفال غزة يموتون كلّ يومٍ جرّاء وطأة الاحتلال، هذا الإحتلال الذي يقهر كل نفسٍ بريئة، ويجرّدها من إنسانيتها، ويستطيع أن يُخمد نفوسًا أينعت في ظلال العلم والتطّور، هو كذلك،  فالأحداث الأخيرة، والتي تأتي في أواخر السنة، لهي فظيعة، فمنظر الدماء والأشلاء يهّز أوتار القلب، فما نراه ونسمعه، نسمع أخبار الشهداء، لأمرٌ محزنٌ بحقّ، فلماذا يا قلب تتمزّق وتتلوع، والكروب تصبح نبعًا بدلاً من أن تتبدّى وتتلاشى؟!
نهاية مؤسفة ومحزنة، وحتى التعاطف مع إخوتنا في فلسطين لا يكفي، وإن ذرفنا الدموع وكتبنا الكلمات، ولكن المآل هو هو، والعذاب عينه لم يتغير، فنداءًا من القلب لرب السموات أن يرأف بحالهم، وأن يتوقف سيل الدماء، علّها تُزال قليلاً وحشة الغيوم في السماء، فالسماء حزينة، والأمطار بثقلٍ وحزنٍ كبيرين تتساقط، والأخبارلا تمنحُ القلب إلاّ دموعًا وأوجاعًا.
وإذ نجري، نجري خلف السنين، فالأحداث ضائعة، وغبار الزمن تائهٌ، تائهٌ بين عواصف القلب التي تطلب التغيير، ولكن، إن نصبنا هدفًا أمام أعيننا سيكون لنا، رغم الظروف القاهرة، بالجهاد والتصميم.
ما هي نظرتنا للعام الجديد؟ هل هي كمثل ما خلفتّه نهاية العام السابق؟ تساؤلاتٍ أطرحها لا لأبني آمالاً من العدم،  بل لأتحقّق صدق اليقين.
النظرة السوداوية لن تغيّر شيئًا، فليست حتمًا هي الواقع، ولكن النظرة التفاؤلية تبعث في النفس حيوية، وربّما أحيانًا ينجلي عنها مبادرة في سبيل التحسين للأفضل، لأنّ العمل ينبع من الذات والإرادة، فإن كان القلب مفعمًا بالحب والتضحية والعطاء، حتمًا سيغدق ويعطي من داخله.
ونحن في مستّهل عام 2009، ككّل بداية، دون النظر إلى الوراء وإلى اخطاء سني الماضي، لن نُفلح في التقدم، فعامٌ يُطوى وآخر يُولد، فلنضيف شيئًا كان عندنا ولكنّنا أخمدناه في ذواتنا، وهكذا مع مرور الأعوام،  تكون لدينا لوحة سامية تحوي ابداعاتنا الفردية، تتخللها قفزاتٍ، هذه هي درجات السلم التي تُودي إلى الذروة، فإن إستمرينا على هذا المنوال، لن تكون الذروة عائقًا أمامنا للوصول إليها.
في العام المنصرم، هناك امورٌ اضحكتنا وبلغت بنا قمة النشوة والحبور، تلك التي نتوق دومًا لملاقاتها في دروب الحياة، وأخرى أحزنتنا وجعلت الدمع ينسكب من أعيننا، ولكن علينا أن نرضى بها، رغم الألم، هي الحياة، وهو القلب البشري، فالمزالق في الحياة لا هروب منها،  ستواجهنا، وقوتنا تكمن في كيفية مواجهتها، هل ندعها تمّر دون أن يهتّز لنا جفن، أم سنجابه ونحارب وبقوة العزيمة نتصّداها، هذا يتعلّق بكلّ شخصٍ، ولكن لندرك أنَّ قيمة الإنسان لا تكون وفق رغباته دومًا، فهناك أمورٌ أبعد ممّا نرغب أو ممّا نطلب، فهناك لحظات نتنازل بها، نتصرف لا بموجب العقل والمنطق،  ببساطة لأنَّ ذلك ما يجب أن يكون.
في مصّاف الذاكرة، وعبر ثناياها المتعدد، تقف إنجازاتنا، ما مضى قد مرَّ سريعًا، ولكن من الذاكرة لا، وإن وقفنا ننظر حولنا العالم الكبير الواسع، ومن يطلّون عبر نوافذه،  نجد منهم حزانى ومرضى، ونحن بقدر إمكانياتنا نقدّم علّنا نقدّم ولو شيئًا بسيطًا، ففي النهاية اللحظات السعيدة تمّر سريعًا، وتلك التي نقدّم فيها من قلبنا، فنحّرك بها ساكن المشاعر، هي التي تبقى.
آمل للجميع عامًا يبشّر بقدوم الخير والفرح، رغم الحزن، فالإيمان لن يتضعضع، والأفراح لن ترحل من قلوب الجميع، عامًا يرجو السلام والمحبة والبسمة تغمر شفاه الجميع.
كل عام وأنتم بخير
  فؤاد خوري -عبلين

مقالات متعلقة