الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 15:02

مساعدة الأطفال نفسيأً في الأزمات

كل العرب
نُشر: 31/12/08 12:21

* يجب منح الأطفال 100% من الإحساس بالأمان، حتى لو فاق الخطر والتهديد ، دون شروط أو تحفظات

* توفير جوّ من الثقة والألفة من شأنه أن يسهّل على الطفل التعبير عن مخاوفه وتساؤلاته بعيدا عن التلويم أو للتوبيخ

* هناك تداعيات وانعكاسات نفسية وسلوكية يعاني منها الكثير من الأطفال وتتطلّب التعامل معها للتخفيف من آثارها النفسيّة

* لا يمكن مساعدة الأطفال دون محاولة فهم تجربتهم النفسيّة خلال وبعد الأزمة والتقاط علامات الضغط التي قد تظهر عليهم

* التعرّض غير المباشر لأحداث الحرب الصادمة بعنفها ودمويتها غير المسبوقة من شأنه أن يشكّل أرضية خصبة لتطور اضطرابات نفسية


تعيد الحرب الشرسة على غزة بنتائجها المرّوعة أسئلة حول كيفية مساعدة الأطفال نفسياً في ظلّ ما يتعرضون له يومياً من مشاهد قتل ودمار تطال المدنيين صغاراً وكباراً. التعرّض غير المباشر لأحداث الحرب الصادمة بعنفها ودمويتها غير المسبوقة من شأنه أن يشكّل أرضية خصبة لتطور اضطرابات نفسية مختلفة خاصة لدى الأطفال في حال تمّ تجاهلها أو التعامل معها بشكل غير صحيح. علماً أن الجبهة الداخلية في الجنوب باتت تشمل قرى وبلدات عربية بما فيها القرى غير المعترف بها والتي أصبحت في مرمى الصواريخ، أي في نطاق التعرّض المباشر للحرب.  في المقابل تجددّ سيناريوهات المواجهة بين المواطنين العرب في إسرائيل وقوات الشرطة على خلفية النشاطات الاحتجاجية ضد الحرب يشكّل مصدراً إضافياً للخطر الخوف وتراجع الإحساس بالأمان.



مع الـتأكيد على مساهمة معظم الأزمات والصدمات على اختلافها في كشف قدرة الغالبيّة العظمى للبالغين والأطفال على التكيّف والــتأقلم معها استناداً إلى المناعة النفسية الطبيعية التي يتحلّى بها الأفراد،  تظلّ هناك تداعيات وانعكاسات نفسية وسلوكية يعاني منها الكثير من الأطفال وتتطلّب التعامل معها للتخفيف من آثارها النفسيّة.
وتطرق مصطفى قصقصي، اختصاصّي نفسي علاجي وتربوي لكيفية مساعدة الأطفال في الأزمات من خلال الإجابة على سؤالين رئيسين:


مصطفى قصقصي، اختصاصّي نفسي علاجي وتربوي ورئيس رابطة السيكولوجيين العرب وعضو في "مبادرة"، مركز الطوارئ العربي

ماذا يحتاج الأهل والمربين لكي يساعدوا الأطفال في الأزمات؟
ماذا يحتاج الأطفال في الأزمات؟
أولاً: العناية بالذات وبالانفعالات والمشاعر الشخصية المتعلقة بالأزمة.
تتمثّل الخطوة الأولى  نحو مساعدة الأطفال في الأزمات في عناية  الأهل والمربين بأنفسهم والإصغاء لاحتياجاتهم  والبحث عن الدعم في ظلّ  حالة عدم الاستقرار والصدمة المتأتية عن الحرب أو أيّ حدث كارثيّ آخر. تتعلّق قدرة الأهل والمربين على توفير المساعدة بمدى استعدادهم على الاعتراف بمشاعرهم  وتجربتهم النفسية خلال الأزمة والتعامل معها بشكل ناجع وفعاّل:
 التحدّث إلى  الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء عن المشاعر والانفعالات الخاصّة بالحدث أو بالظرف.
 فحص إمكانية الانضمام لمجموعة دعم مكونة من أشخاص يتشاركون بتجربة مماثلة أو مشابهة (مجموعات المراسلة و الشبكات الاجتماعية على الانترنت مثل ال"فيسبوك" وغيرها،..).
 تطوير الإدراك للموارد والطرق الشخصيّة في التعامل مع الضغوطات ("ماذا يساعدني في حالات الضغط؟"،..).
 استخدام تقنيات استرخاء، ممارسة تمارين رياضية وأنشطة ممتعة، والتفاؤل بالمستقبل.
 عدم التردد في تلقي مساعدة مهنية إذا لزم الأمر (اختصاصيون نفسيون، معالجون، عمال اجتماعيون،..).

 ثانياً: فهم الأطفال.
تعتمد  مساعدة الأطفال في ظروف الحرب والأزمات  من حيث المبدأ على معرفة  المميّزات النفسية والذهنية لمرحلتهم العمريّة و توجيه التدخّل وتقييمه في ضوء هذه المميزات. لا يمكن مساعدة الأطفال دون محاولة فهم تجربتهم النفسيّة خلال وبعد الأزمة والتقاط علامات الضغط التي قد تظهر عليهم:
 يستجيب الأطفال للقلق بشكل مختلف عن البالغين وتتأثر استجاباتهم بردود فعل البالغين في محيطهم. القريب، أي أن خوف البالغين الواضح ينعكس ذعراً وافتقاداً للأمان لدى الأطفال.
 يتعامل الأطفال مع حقائق مطلقة: أسود/أبيض، جيد/ سيء.
 يتمركز الأطفال حول أنفسهم ويستصعبون إدراك وجهة نظر الآخر.
 يفتقر الأطفال لتجربة سابقة في  مواجهة الأزمات وفي فهمها بشكل كاف.
 التعرّض لمعلومات جزئية وناقصة، واللجوء إلى الخيال لسدّ الثغرات المعلوماتية، مما يسهم في تشويه الحقائق وتنامي الخوف وخلخلة التوازن النفسي.
 التفكير الحسيّ  الملموسيّ (غير المجرّد) لا يساعد الأطفال في فهم ما يجري. لا يدرك الأطفال مفاهيم مثل "الاستقلال"، "حق الدفاع عن النفس"، "حق تقرير المصير"،..
 مفاهيم الزمن غير متطورة، ومراوحة في "الآن هنا" دون القدرة على إدراك أحداث وسيرورات على امتداد زمني طويل.
 يستصعب الأطفال في فهم العلاقة بين السبب والنتيجة.
 يجد الأطفال صعوبة في فهم الدافع من وراء عمل معيّن.

ماذا يحتاج الأطفال في الأزمات؟
-
 حماية. يجب منح الأطفال 100% من الإحساس بالأمان، حتى لو فاق الخطر والتهديد ، دون شروط أو تحفظات. "أنت هنا محمي ولن يحدث لك أي مكروه". ليس بمقدور الطفل أي يدرك أو يحتمل وضعاً يكون فيه الأمان جزئياً، كان يقال له " نستطيع حمايتك إلى حدّ ما"!.
- نظر. ملاحظة التعبيرات غير الكلامية والسلوكية للأطفال والالتفات لتغييرات ومؤشرات غير عادية، كعلامات وتعبيرات عن الخوف والقلق: انطواء، تعلّق بالبالغين،  تجنبّ أنشطة اعتيادية سابقاً، بكاء، عدوانية وعدم هدوء، نوبات غضب، رفض.
- إصغاء. توفير جوّ من الثقة والألفة الذي من شأنه أن يسهّل على الطفل التعبير عن مخاوفه وتساؤلاته دون أن يكون معرضاً للتلويم أو للتوبيخ أو للامبالاة. لا يبحث الأطفال في الغالب عن حلول وأجوبة عملية لتساؤلاتهم بل يريدون أن نصغي لما يودون قوله.
- صبر واحترام. لكلّ طفل طريقته وسرعته في التعبير وفي التعامل مع الوضع الضاغط. قد يكون الكلام والانخراط في الأنشطة الجماعية طريقة بعض الأطفال في التعبير عن أنفسهم، في الوقت الذي يلجأ فيه أطفال آخرون إلى الصمت، والعزلة  والأنشطة الفردية.  احترام أساليب الأطفال دون إجراء مقارنات ضروريّ لتعزيز الإحساس بالأمان.
- توجيه. استخدام كلمات مبسّطة لشرح ما يحدث والتحّكم بمدى التعّرض للمعلومات من خلال وسائل الإعلام والنقاشات العائليّة حول الحدث.
- ليس بالكلام وحده. إتاحة الوقت والمكان لطرق تعبير مختلفة عن الانفعالات واستعادة السيطرة دون توجيه نقد أو أطلاق أحكام، كاللعب  والرسم والموسيقى والرقص والكتابة والتحدّث). منح الطفل إمكانية الاختيار واتخاذ القرارات (نوع اللعبة، ألوان الرسم، موضوع المحادثة)، إذ أن في الاختيار سيطرة وتجاوز للعجز.
- دعم وتشجيع.  التأكيد على القرب والوحدة في مواجهة الحدث:"نحن معاً".  التأكيد على إمكانية طلب المساعدة إذا شعر الطفل بالحاجة إلى ذلك.
- عمل وروتين. توفير جوّ من الثبات والاستمرارية في الحياة اليومية. من شأن الروتين المبني على توقعات واضحة وأدوار ثابتة واستجابات فورية أن يشكّل جزيرة ينعم فيها الطفل بإحساس الأمن والأمان رغم اشتداد العواصف والأخطار.
- متعة. التوجيه نحو أنشطة ممتعة،  يمكن على سبيل المثال التعاون مع الطفل على وضع "قائمة بالأنشطة ألممتعة"،  اللجوء إلى الدعابة وسرد النكت، ..
- علاج. تحويل الطفل لمهنيين علاجيين في حال استمرّت التغييرات في السلوك لفترة طويلة ودون أن تخفّ حدّتها.



"إنسان، منذ الآن"
تهدف مساعدة الأطفال في الأزمات إلى تقليص إمكانية نشوء اضطرابات نفسية مستديمة أو عميقة وإلى تعزيز المناعة النفسية للطفل في مواجهة تحديات النموّ وأزمات الحياة، المتوقعة منها وغير المتوقّعة، من خلال تطوير موارد نفسيّة واجتماعية يلجأ إليها الطفل عند الحاجة. مورد الطفل الأولّ هو إنسانيته، وقدرته على التعاطف مع الألم الإنساني للآخر في كلّ الأحوال، وفي كلّ الشروط. لا يمكن الدفاع عن سلامة الطفل وإنسانيته من خلال نزع إنسانية الآخر. 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
229518.57
BTC
0.51
CNY