من: تيجان أفندي
وجه أهالي القرية الفلسطينية المهجرة كفر برعم أصابع الإتهام لناشطين متطرفين يهود قاموا باستباحة حرمة مقبرة القرية. ولفت البراعمة إلى تصاعد ضغوطات مختلفة بالأونة الأخيرة للحيلولة دون عودة المهجرين لقريتهم أمواتا. يشار إلى أن قريتي كفر برعم وإقرث اللتين تقعا في شمال الجليل الأعلى قد هدمتا على يد القوات الإسرائيلية بعد تهجير أهلوهما عام 48 بحجج أمنية ونسفوا بيوتهما في العام التالي.

وقال راعي المقبرة الشيخ إبراهيم العيسى أبو رايق (73 عاما) لموقع "العرب" أن المعتدين استغلوا فرصة مغادرته للمقبرة لبضع ساعات وحطموا 13 ضريحا رخاميا لافتا إلى أن المقبرة بنيت عام 1900 بعد شراء قطعة أرض بثلاث ليرات ذهبية. وعبر العيسى عن سخطه وأساه لوقوع الاعتداء وأضاف" يبدو أنهم باتوا يستكثرون علينا حتى مجرد الصلاة والموت هنا في أرض الأجداد".
وأوضح العيسى أن السلطات الإسرائيلية منعت الأهل من توسيع المقبرة المزدحمة بالقبور مستخدمين أعذارا مختلفة في كل مرة وأضاف" أصبحت قطعان البقر التابعة للمستوطنات القائمة على أرضنا أولى منا بل يستكثرون علينا دونما أو أثنين لندفن بها بعدما كنا نملك عشرات ألاف الدونمات. ليس هذا فحسب فقد قامت دائرة الأثار بنبش مواقع من المقبرة بحجة وجود موجودات أثرية وألزمتنا بدفع تكلفة ذلك فنضطر لجمع المبلغ فلسا بعد الأخر من تبرعات الأهالي".

واستذكر العيسى أمام وفد من الكتاب والأدباء الفلسطينيين في إسرائيل ممن زاروا المكان السبت (بمبادرة جمعية الثقافة العربية)، أيام الطفولة والصبا في قريته المدمرة وأضاف "في أغلب الأيام أكون هنا وحيدا مع الموتى فتجتاحني موجة من الحنين لحياتنا الوادعة في هذه البقعة المدهشة بجمالها فأصير أناجي الشجر والحجر.
وعبر أبو رايق وهو يمثل قبالة شجرة السنديان المحاطة بالقبور عن حالة الهيجان العاطفي التي انتابته بما يشبه الرثاء فقال:
يا سنديانتنا الختيارة العتيقة
أنت شاهدة وأضبط وثيقة
ياما بظل غصونك تفيينا
للغاصب  تعي حكيلوا الحقيقة
للغاصب قومي احكيلوا
الحق لصاحبو لازم يجيلوا
مهما الأيام والسنين طولوا
الوطن ألنا ما بتخفاحقيقة"
" انا لست شاعررا ولكن الكلمات تفور من وجداني وأعصابي فأتاثر جدا في كل مرة وأكتب خواطر
برعم بلدنا حبها غالي..
أبيات شعري ولحن موالي
يا ملعبي وفرحة أيام الصبا
فيك ضحكنا بصوتنا العالي
با ملعبي وفرحة أيام الشباب
الي بأرضك أنا ما شفت حالي
ليك حنيني بشدني طال الغياب
حلمي الوحيد وكل أمالي
بعودة عزيزة تضمنا فوق التراب
يليي حضنا ولفنا ليالي
نحن اهلك ما بحجبنا الضباب
التاريخ عنا بيحمل رسالة
بالحق راية وللوطن اصحاب
اسمك تاريخ باقي لاحيال
رجالك أشماء عند ما يحك الركاب
اولاد من غيرتهن صدق موالي
باسمك تغنى الشاعر ودوزن رباب
اسمك شجاني وزاد اقبالي
بكافح لاجلك دوم اتحدى الصعاب
بهمة شجاع وعزم رئبالي
مهما الذئاب تكش وتكشر نياب
حبك حصيل كبير راس مالي
لا التشتت ضامني ولا الظن خاب
حبك قصيدة بكيد عذالي
صامد وعارضك متماسك الاعصاب
مهما الرياح تهز عرذالي
صخرة عنيدة دائبة عالي القباب
مضرب مثل مشرف لاجيال
بهمة بنيك تيمموا نجوم السحاب
والبدر نور دربنا ليالي
والشمس شلحت ثوبها من غير نقاب
طلعت مضيئة بنورها تلالي
تشهد لبرعم حقها بجلسة ايجاب
والظالم بطرحوا تحت غربالي
يا ابن برعم باسمك يعنون كتاب
حروف بكتبها بدم أوصالي
تاريخ باقي بيقراوا الاحباب
احفادنا اشبالك واشبالي
بكرة لقانا فوق ها تيك الهضاب
ارضي العزيزة جبالها ووديانها
عز ومفخرة وترابها غالي...

وقد حولت السلطات الإسرائيلية كفربرعم المجاورة للحدود اللبنانية لحديقة وطنية بعدما نسفت بيوتها ولم يبق منها سوى الكنيسة وعمارة أثرية رومانية فيما حول بيت إبراهيم العيسى إلى حمامات عامة. كما نجت الكنيسة التي بنيت عام 1924 بعدما نقل الإسمنت على ببراميل خشبية المحملة على الجمال من مدينة صور اللبنانية. كما أكد العيسى.
وسبق أن استجابت محكمة العدل العليا الإسرائيلية لإلتماسهم بالسماح بعودتهم لديارهم لكن القرار لا يزال حبرا على ورق مذ صدر عام 1952...
وبعد إلغاء الحكم العسكري عام 1966 اكتفت السلطات الإسرائيلية بالسماح لأهالي القريتين المشردين في حيفا وسائر الجليل بدفن موتاهم فيهما. وعلى خلفية الإخلال بالوعود من قبل  مسؤولين إسرائيليين كبار في الماضي بتطبيق قرار المحكمة العليا توجه الأهالي وهم من أبناء الطوائف المسيحية لبابا الفاتيكان ولكن دون جدوى.