التسرب من المدارس ومن الاطر التعليمية ما قبل الوقاية والعلاج، هذا هو عنوان اليوم الدراسي الذي عقد في اكاديمية القاسمي في باقة الغربية بمبادرة من جمعية قضايا الشبيبة وبدعم من فرع شتيل في المثلث، بمشاركة العشرات من العاملين الاجتماعيين والمختصين والباحثين والمستشارين التربوين من الوسط العربي. اعمال اليوم الدراسي تناولت العديد من المحاضرات من المختصين والمهنيين، وكذلك ورشات العمل، وتم التداول والتباحث في السبل لتشخيص التسرب، وتفعيل كافة الجهات والاقسام ووضع خطط عمل  للحد من الظاهرة، فيما اشارت الاحصائيات بان نسبة التسرب تصل الى 30% في الوسط العربي، وفي النقب تصل الى 45%، ورجح البعض بان النسب اعلى من ذلك بكثير خصوصا في ظل وجود ظاهرة التسرب الخفية بين الطلاب، واكد المتحدثين بان ظاهرة التسرب في الوسط العربي تبدا من مرحلة الطفولة المبكرة، وتصل الى ذروتها في المرحلة الثانوية.



واشارت الاحصائيات بان اعداد المتسربين من الطلاب العرب تصل الى 15 الف طالب اغلبيتهم بدون اطر، بحيث ان هناك 22 فرعا لوحدة النهوض بابناء الشبيبة في البلدات العربية، لكن وفق الاحصائيات فان كل قرية ومدينة عربية بحاجة الى وحدة لمعالجة قضايا التسرب من التعليم والمدارس.



 يشار الى انه افتتح اليوم الدراسي المحامي قصي غنايم ومحمد يونس رئيس ادارة جمعية قضايا الشبيبة ومحمد مرزوق مدير مكتب شتيل فرع المثلث. وتم مناقشة قضايا، التسرب وقاية وعلاج، وما قبل الوقاية والعلاج، واللغة ودروها في صياغة الهوية والعلاقة مع البيئة والمحيط، والتكافل الاجتماعي، والجو المدرسي الامن كارض خصبة لنمو الطالب والتعاون بين المؤسسات لاعطاء خدمات برؤية شاملة والتنمية البشرية. وتصل نسبة الشبان العرب الذين لا ينهون المرحلة الثانوية ما يقارب 22%، بحيث ان 38% من المتسربين سجلت بحقهم ملفات جنائية و36% منهم يستعملون المخدرات على الاقل مرة واحدة في الشهر.



وقالت الدكتورة هالة اسبانيولي:"التسرب المدرسي وباء صامت، جهاز التعليم العربي يعاني من ازمة كبيرة، بلغت نسبة التسرب العامة في الدولة حسب المعطيات من الاسبوع الماضي 30%، وهذا يعني ان نسبة التسرب لدى الطلاب العرب تفوق ذلك بكثير، وتصل الى 44% في النقب. هذه النسبة تتحدث عن الظاهر فكيف سيكون الوضع فيما لو شملنا التسرب المخفي وهو يشمل الطلاب الذين ياتون الى المدرسة ويجلسون على مقاعد الدراسة جسديا ولكنهم متسربون نفسيا. الظاهرة لا تتعلق بالمرحلة الثانوية فقط وانما تبدا من الطفولة المبكرة، فمشكلة التسرب تبدا في الصفوف الدنيا وتزداد مع نهاية كل مرحلة جديدة. التسرب دالة لثلاث مركبات، مجتمعية، مدرسية وشخصية".



وقالت عفاف حرز الله مديرة قسم المعارف في بلدية باقة الغربية:" قضية التسرب في سلم اولوياتنا، ما نقوم به في اطار ضبط انتظام الدوام، منع التسرب والحديث مع اهالي الطلاب المتسربين لارجاع اولادهم لمقاعد الدراسة وفق ما ينص عليه القانون، الملاحظ في الاونة الاخيرة بان الاهالي هم من يتوجهون الينا طلبا للمساعدة من اجل اعادة اولادهم للتعليم وهذا يوحي الى عمق الوعي لمخاطر التسرب، والسؤال الذي يطرح المناخ التعليمي في المدرسة هل يساعد على التسرب؟".



وقال مصطفى سعد موجه وحدات النهوض بابناء الشبيبة في الوسط العربي:" تفاقم ظاهرة التسرب نلاحظها بالاساس في المرحلة الاعدادية، بحيث ان الطلاب المتسربين والذي نعالجهم ليس لديهم  اي مهارات اساسية في القراءة والكتابة، لكن في الاعوام الاخيرة نلاحظ التسرب  يتفاقم من المرحلة الابتدائية والغريب في الامر انه لم تقدم شكاوى ضد الاهل. الاغلبية الساحقة من الطلاب المتسربون يذهبون الى سوق العملة السوداء ويتم استغلالهم ومنهم من يعتبر المعيل الوحيد لعائلته. هناك مجموعة صعبة من المتسربين نجدهم يتسكعون قبالة المدارس وشوارع القرية، بعضهم يتورط في شجارات وملفات جنائية ويدخل في عالم الانحراف والاجرام. وفق احصائيات النيابة العامة 40% من المتسربين العرب فتحت بحقهم ملفات جنائية واكثر من 30% يستعملون المخدرات. يعيش هؤلاء عزلة عن المجتمع والمدرسة ونعمل نحن على اعادة تاهيلهم للحياة الاجتماعية من خلال العلاج الفردي وبرامج التاهيل الجماعية. والمهم اعادة هؤلاء لاستكمال دراستهم والتقدم لامتحانان البجروت، لدينا 22 فرعا في الوسط العربي يعمل بها 74 مرشدا، لكن ظاهرة التسرب تتفاقم وبدون مبالغة كل قرية ومدينة عربية بحاجة الى وحدة خاصة لمعالجة قضايا الشبيبة. هناك ما يقارب 15 الف طالب وطالبه لا يتعلمون فقط 2800 منهم يتواجدون في اطر علاجية".



وقال الدكتور مصطفى كبها:"اللغة هي مركب مهم من مركبات الهوية ان كان على الصعيد الشخصي او الجماعي، لذا اللغة تعبر عن انتماء الفرد للمنطقة والبيئة والمحيط، ووسيلة للارتباط بالمجموعة التي يقطن داخلها. اللغة تعبر عن بيئة اجتماعية وشعور بالانتماء يتناسب بمدى اتقان الشعب للغته، بحيث ان الهوية تلعب دورا مهما في بلورة الذات وصقل شخصية الفرد".



وقال الدكتور منصور عباس:"نلاحظ تراجع في عملية التكافل الاجتماعي في مجتمعنا، وبالمقابل هناك ظاهرة النزعة الفردية التي تتعزز. التسرب بمثابة مفسدة من المفاسد الاجتماعية، من خلال التكافل الاجتماعي بالامكان الحد من الظاهرة وتقليصها مجتمعنا على استعداد للعطاء والامر يتعلق بمصداقية العمل ونتاجه".



 وقالت سلام عامر اخصائية نفسية:" الجو المدرسي الامن هو ضرورة لاعطاء فرصة للنمو والتطور للافراد والطلاب. التوقعات من المدرسة ان تهتم بتامين بيئة تعليمية وتربوية امنة، داعمة وتوفر المساواة وتضمن تطور ذاتي واجتماعي وذو قيم من خلال النهج والاحترام المتبادل. وذلك من خلال مشاركة ومسؤولية لكل من له صلة في عملية التغير في المدرسة ان كان، الادارة والهيئة التدريسية والاهالي والطلاب انفسهم. من خلال توطيد العلاقة بين الافراد داخل المبنى التنظيمي وخارجه وتطور للقيم التربوية والاستجابة الى الاحتياجات المختلفة للطلاب لجذبهم الى مقاعد الدراسة".


 
وقالت الباحثة ايمان عوادية:" لا يوجد تعاون بين المؤسسات لمعالجة قضايا التسرب، ولا تناقش الظاهرة من الناحية المهنية ولا توضع برامج وخطط عمل مشتركة لنفس جمهور الهدف، كذلك لا يوجد توزيع متناسق ومتساو للموارد، الامر الذي يؤثرا سلبا على جودة ونوعية الخدمات التي تقدم لجمهور الهدف، خصوصا في ظل غياب برامج وقائية وعلاجية، فالمبنى التنظيمي للخدمات شائك ومعقد".



وقال اشرف قرطام:" الطالب قدرات غير محدودة، والسؤال الذي يطرح مدى ثقتنا بالطالب المعرض لمؤثرات خارجية تدعوه للتسرب، المدارس للاسف الشديد تبحث عن العلامات والتحصيل العلمي، ولا تتنافس فيما بينها على بناء وصقل شخصية الطالب. الاهل بمثابة عامل مهم فمنهم من يريد ان  يقوم  ابنهم بتحقيق احلامهم، كذلك الامر واجب المعلم ليس فقط اعطاء مواد التدريس بل التربية والثقافة قبل كل شيء. الطالب يريد نموذج للنجاح ليكون بمثابة محفز لديه للاهتمام بالمدرسة وعدم التسرب، لذا يجب تدعيم الطالب والاعتماد على صقل شخصيته ومنحه الكيان والشعور بالذات، بدلا من الاستهزاء او الاستهتار به او تجريحه وانتقاده بدون مبرر. نعلم الطالب ان يبرمج ذاته بالمفهوم  والتفكير الايجابي ليتمكن من صياغة اهدافه ونقنعه بان الامر متعلق به، ولا يوجد في حياته اي وجود لمصطلح الفشل".