الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 14:01

اوقفوا هذا الجنون

بقلم: رافع يحيى

رافع يحيى
نُشر: 12/05/22 22:14,  حُتلن: 23:37

من يوقف هذا الجنون؟ سؤال يتوارد إلى الأذهان في ظلّ الأوضاع الرّاهنة، او منذ 48 حتى يومنا هذا؟

الأوضاع صعبة وخطيرة، الأجواء مشحونة، عود ثقاب لا نعرف أين سيشتعل، سيحرق الأخضر واليابس في المنطقة.

سيسقط ضحايا من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني/ العربي، وستراق الدّماء، ولا يمكن لأحد ان يتنبّأ حجم الدّمار.

لقد عانى الفلسطينيون منذ ٤٨ حتّى يومنا هذا، قدّموا الشّهداء والضّحايا وهجروا وهدمت بيوتهم، من أجل إقامة الدّولة المستقلّة وعاصمتها القدس وعودة اللّاجئين.

لا بدّ من حل. وإلقاء الاسرائيلين في البحر ليس حلًا. لقد كان بإمكان الدّولة ابقاء الفلسطينين في البلاد في ٤٨ وكان عددهم قليلًا. وكان يمكن بناء نموذج دولة بكلّ سهولة. بسبب العدد القليل للعرب آنذاك. وكان يمكن التعايش ضمن منظومة متفق عليها، فعلى هذه الأرض مكان للجميع. لكن للأسف سارت الأمور عكس ذلك تمامًا. وسال من دماء الفلسطينيين والإسرائيليين ما سال!!

منذ ذلك الحين والدّولة تلاحق الفلسطينيين بقنابل الغاز والهراوات والرّصاص، واقتلاعهم من بيوتهم. وبدلًا من حل الصّراع، الدولة مشغولة من قمة رأسها حتّى أخمص قدميها بإدارة الصّراع. فإلى متى؟ لم يترك الاحتلال للفلسطينيين شيئًا من الأمل. فلماذا يتفاجأ ممّا يحصل؟! وإلى متى سيستمرّ هذا الاحتلال البغيض؟! لقد فشل اتفاق اوسلو فشلًا ذريعًا، وحدث ما حدث، فترك المجتمعين العربي/ الفلسطيني والإسرائيلي للفراغ والعدم، ودون حل أو مبادرة سلام. وعلينا أن نعترف بأنّ غياب اليسار وسقوطه وإلغائه من الشارع الإسرائيلي أدّى إلى بروز مجموعات من اليمين المتطرّف ووصل الكثير منهم إلى الكنيست الإسرائيلي.

وبسبب سيطرة اليمين الاستيطاني على الشّارع الاسرائيلي تمّ تدمير المشهد السّياسي الإسرائيلي، ومن ثمّ قتل الكثير من الأمل.

لقد حاولت المشتركة والموحّدة التّقرب من مؤسّسات الدّولة الّتي تلامس المُعاش اليومي، مرّات عديدة وبأساليب مختلفة، لكنّهما في معظم الأحيان كانتا تعودان بخفيّ حنين، لأنّ الدّولة لم تنضج بعد لاستيعاب كلّ مواطنيها والتّعامل معهم كمواطنين كاملي الحقوق. هذا مؤسف، وما سنّ من قوانين مؤخرًا زاد الطّين بلّة، وأدى إلى مقاطعة الكنيست من قبل غالبيّة النّاخبين العرب، ولا يخفى على أحد علاقة الدّولة التّصادميّة بالمواطنين العرب، مؤخّرًا.

اندلاع الحرب الاوكرانية الروسية، خلقت حالة صدمة لدى الفلسطينيين. إنّهم يرون كل دقيقة وساعة على شاشات التّلفاز، كيف هبّت اوروبا عن بكرة أبيها لمد الاوكرانيين بالسّلاح والمال وكلّ انواع الدّعم الأخرى والممكنة. والسّؤال الّذي يسأله الفلسطينيون الآن، أكثر من ٧٤ عامًا، لم يلتفت إلينا أحد؟!! لماذا؟ سؤال جماعي لن تجد من يجيبك عليه. خاصة من هم من أنصار العرق الأشقر! بقي للمتسائلين قرع الخزّان فقط.

ماذا تركتم للفلسطينيين؟ الشّهداء والجنازات والمآتم والأمّهات الثّكلى وهدم البيوت والحصار والسّجون؟!! فماذا تتوقّعون منهم؟!

إن المضي بهذا النّهج من قبل الاحتلال، والّذي كان آخره استشهاد مراسلة الجزيرة الصّحفية شيرين أبو عاقلة، سيقود المنطقة إلى الجحيم . إن التعاطف العالمي والعربي غير المسبوق مع شيرين أبو عاقلة هو في نفس الوقت تعاطف مع القضيّة الفلسطينيّة، وتنديد بالاحتلال. وبدلًا من مطاردة هذا الفلسطينيّ او ذاك في ازقّة مخيّم جنين وإنزال علم هنا أو هناك، أو إسكات نشيد هنا أو هناك. تعالوا نغيّر الواقع. تعالوا نخرج من هذا النّفق الدّمويّ، تعالوا لنصنع السّلام من أجل الأجيال القادمة، من أجل أولادنا، من أجل المستقبل.

اعلم علم اليقين أنّ هناك قادة عسكريين وساسة في اسرائيل يعلمون بأن الوضع خطير ومشحون بالكراهيّة وسينفجر في كلّ لحظة. فلا يمكن ان تحكم شعبًا بالهراوات والبنادق والغاز المسيل للدموع. وهم بالتأكيد يناقشون في الغرف المغلقة حلولًا اخرى. لكنّ الأجواء العامّة لا تسمح بانطلاق هذه الأصوات السّاعية للسّلام في الوقت الرّاهن.

في بداية الأسبوع التقيت عددًا من الأمّهات الثّكلى من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في تل أبيب. تعجز الكلمات عن وصف مشاعرهم وكتابة دموعهم. فكلّ الكلمات لن تفي دمعة في قلب أم ثكلى حقّها. نودّع الشّهداء في الجنازات ونعود، وتبقى الحسرة في قلوب الأمهات. وكما قال الكاتب الفلسطيني ابراهيم نصر الله، في مثل هذه المواقف نحن لسنا أبطالًا، لكنّنا نحاول أن نكون كذلك...

كرجل سلام وكاتب أمارس الكتابة منذ عشرات السنين وأتابع ما يحدث، أقول لكم من منبري هذا بأنّ خيار الخيال الرّومانسي المجنّح قد سقط. نحن أمام أحد خيارين، لا ثالث لهما، إمّا مبادرة سلام جادّة برعاية دول عظمى واوروبّيّة لإرساء أسس السّلام العادل والشّامل، أو الذّهاب للنّوم في انتظار صفّارة الحرب. برأينا ما زال متّسع قليل من الوقت لمنع هذه الصّفّارة، الّتي يجب منعها بكلّ ثمن. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة