في أيّام ذروة الثورة الفلسطينية وامتدادها وتمدّدها واشتعالها، خاصة في سنوات السبعينينيّات من القرن الماضي كانت وسيلة الاتصالات الوحيدة تقريبا هي"اللاسلكي"وأجهزة اللاسلكي.
وكان صوت المرحوم محمد ذيب، ابن خالتي يُلعلع وهو يبثّ رسائله واتصالاته بالاسلكي: " من الغرفة الصغيرة "السدّة" في مكتب "23"، مكتب القائد العام في السبع بحرات في مدينة دمشق: "من مكتب القائد العام إلى نضال.. أجب.
ويتردد صوته ومداه وصداه في جنبات الغرفة الصغيرة وفي أرجاء المكتب كاملا ومن هناك إلى شتى المناطق والجهات والجغرافيا على مستوى العالم أين تتواجد مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومنها مكتب منظمة التحرير في هافانا عاصمة كوبا الصديقة..
من جنين إلى جنين .. من جنين عز الدين القسّام إلى جنبنغراد أبو عمّار إلى مخيم جنين أبو جندل .. أجب.
من جنين إلى جنين أبطال نفق جلبوع.. أجب.
من جنين إلى الفرسان الجُدد الأبطال الذين يمتطون أحصنة مُنمّقة من نور ويدقّون بقبضاتهم الأبواب الموصدة، ويكتبون آيات من البطولة والفداء على وجه القمر، وعلى السحب السائرة والنجوم السيّارة.
من جنين إلى سهل مرج ابن عامر. كان يكفي أيّام العزّ فلسطين والاردن ودول الخليج مجتمعة من البطبخ والشمام.
من جنين إلى "السيلتين"، سيلة الظهر والسيلة الحارثية.
من جنين إلى يعبد بلد البطولة و"التتن"...
من جنين إلى عرّابة عرين الأسود العتق، الشهيد أبو علي مصطفى، وبلد الأشبال الصناديد الأبطال.
من جنين إلى "التشي غيفارا" الارجنتيني الكوبي الأممي، والى غيفارا غزه وإلى باجس أبو عطوان.
من جنين إلى دلال المغربي، أول رئيسة لجمهورية الساحل الفلسطيني على مدى يومين.
من جنين إلى علي أبو طوق وإلى سناء المحيدلي وإلى جميلة بوحيرد وإلى خولة بنت الأزور.
من جنين إلى صلاح الدين الأيوبي وقطز والظاهر بيبرس.
من جنين إلى محمود درويش وسميح القاسم وأبو سلمى ومعين بسيسو وغسان كنفاني.
من جنين إلى جنين .. أجب.
من جنين إلى العالم قاطبة .. انها رسالة تحرّر وحُريّة . أجب أجب...فهل من مُجيب؟؟!!
وما زال صوت ابن خالتي المرحوم محمد ذيب يرنّ ويُلعلع بالاسلكي من مكتب ال23 في السبع بحرات في دمشق:
"من مكتب القائد العام إلى نضال .. أجب".أجب أجب" ....
جنين أجب .. جنين أجب ... من جنين إلى جنين .. أجب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com