الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 11:01

ينامون في العراء خوفا من طائلة القانون-الدكتور صالح نجيدات

الدكتور صالح نجيدات
نُشر: 02/03/22 00:49

قابلته صدفة في دكان يريد ان يشتري رغيف من الخبز وقطعة من الجبن ليأكلها , كان الوقت مساءا والطقس بارد , والرجل يظهر في منتصف العمر ، يلبس ثوباً ممزقاً معطفا باليا ، عاجزاً عن حماية جسده الهزيل من البرد القارس في تلك الليلة الظلماء , اقتربت منه ، ونظرت في وجهه فرأيت آثار الشقاء ، وفي عينيه يسكن الظلام والدموع ؛ فهو مسحوق ، ومِـن حياته انطفأت كل الشموع والأمل وسيطر عليه اليأس والقنوط ! يده باردة كالثلج وترتجِـف ، ونبضاته متسارعة ، حينها أحـسـسـت بأن تلك النبضات تدل على الخوف والمرض . قال لي الزمان غدر بي وجعلني اعيش هذه الاوضاع الصعبة , أخبرني بأنه يعاني من مرض السكري , ولكنه مضطر للعمل لإعالة عائلته المكونة من 7 اولاد صغار وزوجه , فهو ينام في العراء في الصيف والشتاء يفترش الارض ويلتحف السماء ويضع قطعة من النايلون فوق رأسه لتحميه من المطر في الشتاء , كل هذا من أجل لقمة العيش , ظروف اقسى من الصوان ولا ترضى بها الحيوانات , سألته من أين ؟ قال من جنين , اشترى خبزا وجبنه وعدة علب لبن وقنينة ماء ,طلبت من صاحب الدكان ان لا يأخذ منه نقود , شكرني وانصرف .
حزنت كثيرا وتألمت أن أرى انسانا بهذا الوضع ولا أستطيع أن اساعده , صدقوني وقتها كنت أود ان اعطيه معطفي ربما عـطْـفَـاً ، أو شفقة على نفسي لو كان قدري أن أكون مكانه ! .
ابتعد عني قليلاً ، ونظر اتجاهي بنظرات الشك , وشعرت انه يريد أن يقول لي شيء ما ، ثم ولى مسرعا من الدكان خوفا من الوشاية وطائلة القانون الذي يمنع سكان الضفة الغربية من دخول إسرائيل الا بتصريح , وضميري يصرخ وينادي ويتساءل بحرقة: كم هذا العالم ظالم ومتنكر للإنسانية .
أين مؤسسات الضمان الاجتماعي ومكاتب الخدمات الاجتماعية للسلطة الفلسطينية المسؤولة عن رعاية أولئك المرضى والمساكين؟!
أين مجتمع التكافل الاجتماعي ومجتمع الرحمه , كيف يسمح بأن بعض أفراده يصارع المرض و الجوع والـحرمَـان وقسوة الحياة ولا يمدوا لهم يد العون ؟! اتمنى على الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية أن تقوم بواجبها في رعاية أولئك المساكين والغلابة والمرضى ، أولئك الهائمين على وجوههم في أماكن كثيرة في منطقتنا .!
 

مقالات متعلقة