الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 04:02

ماذا تعرف عن مفهوم اقتصاد المعرفة/ بقلم: الباحثة لمى حسين مشعل

الباحثة لمى حسين
نُشر: 07/02/22 13:33

لقد برز في هذا العالم مع نهاية القرن العشرين اقتصاد جديد يرتكز بشكل كبير على المعرفة كأهم مصدر لخلق القيمة وتنمية الثروة لان التنمية الحقيقية أصبحت مبنية على وفرة المعلومات التي هي الأساس المركزي لاي نمو اقتصادي او اجتماعي حول العالم مما أدى الى حدوث ثورة المعلومات والمعرفة الاقتصادية. ففي ظل التحول العميق والتطورات الجديدة والمتسارعة والمتلاحقة التي يواجها اقتصاد العالم لقد أصبحت المعرفة هي الوسيلة الكفيلة لتحقيق ذلك، ومن ثم الاندماج في الاقتصاد المعرفي باعتبارها حجر الزاوية في المجتمع وهي المصدر الحقيقي لخلق الفعالية الاقتصادية.
ان اقتصاد المعرفة استحوذ على مختلف الأنشطة الاقتصادية بمختلف فروعها وقطاعاتها وفرض وجوده ضمن قطاع جديد وهو قطاع المعرفة والمعلومات ونشرها وانتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع المجالات الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسة والمجتمع المدني والحياة الخاصة وصولا الى التنمية الإنسانية وذلك يتطلب بناء القدرات البشرية الممكنة والتوزيع الناجح لهذه القدرات.
لقد اختلفت الأسماء والمصطلحات الدالة على اقتصاد المعرفة فمنها اقصاد المعلومات، اقتصاد الخبرة، اقتصاد الانترنت، الاقتصاد الرقمي والالكتروني والافتراضي والشبكي وغيرها من الأسماء. وهذا اعتمد على محفزات الاقتصاد المعرفي الذي تمثل في العولمة وانتشار الشبكات مما أدى الى زيادة انتقال المعلومات بشكل أسرع واتاحته للجميع (Houghton&Sheehan,2000).
عرف علماء اخرون هذه المعرفة حيث انها تعتبر مجمل الأنشطة التي تسعى الى ابداع المعرفة وبثها وتشغيلها واستقبالها بهدف اثراء عقل الانسان وتطويره وتوسيع افاقه وفهمه لواقع وطبيعة المجتمع والعالم الذي يعيش فيه مع زيادة الكفاءة في العمل والإنتاج. (صابر عبد المنعم,2018).
اما الباحثة (عفاف أبو سرحان ,2008) اكدت على نوعين من اقتصاد المعرفة: الاقتصاد القائم على المعرفة لكون المعرفة هي المقوم الحيوي الذي لا غنى عنه في كل القطاعات الاقتصادية واقتصاد المعرفة الذي له اصوله وتكنولوجياته المحورية وصناعاته المغذية وشبكات توزيعه المحلية والعالمية مثل: براءة الاختراع وقواعد المعارف والإنتاج المتلفز والاعلام ومرافق المعلومات.
ان الاقتصاد المعرفي حسب (عبد الرحمن الهاشمي وفائزة محمد العزاوي,2007) هو ما يتعلق باقتصاديات المعرفة ذاتها، أي انتاج وصناعة المعرفة وعمليات البحث والتطور او تكاليف العملية المعرفية مثل تكاليف البحث والتطوير او تكاليف إدارة الاعمال والاستشارة او اعداد الخبراء وتدريبهم من جهة وبين العائد او الناتج من هذه العملية باعتبارها عملية اقتصادية مجردة مثلها مثل باقي اقتصاديات الخدمة السياحية او الفندقية وغيرها.

Knowledge Economyهي أساس المعاني والمعتقدات والاحكام والمفاهيم والتطورات الفكرية التي تتكون لدى الانسان نتيجة لمحاولات متكررة لفهم الظواهر والاشياء المحيطة به فهي تمثل رصيد الخبرة والمعلومات والدراسة الطويلة التي يملكها الشخص في وقت ما وهي أيضا حصيلة مفردات المعلومات التي تجمعت وتكاملت فيما بينها لتشكل بيئة متماسكة.
ولو أردنا تقديم تعريف مختصر لاقتصاد المعرفة لأمكننا القول بأنه ذلك الاقتصاد الذي يشكل فيه إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها، والتي تعتبر هي المحرك الرئيس لعملية النمو المستدام ولخلق الثروة وفرص التوظيف في كل المجالات. إنه يقوم على أساس إنتاج المعرفة (أي خلقها) واستخدام ثمارها وإنجازاتها، بحيث تشكل هذه المعرفة سواء ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات وغيرها، أو المعرفة الضمنية التي يمثلها الإفراد بخبراتهم لثروة المجتمع ورفاهيته، وبناء على ما تقدم، فإن اقتصاد المعرفة في الأساس يُقصد به أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، واقتصاديات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة، وعلى العكس من الاقتصاد المبني على الإنتاج، حيث تلعب المعرفة دورا أقل، وحيث يكون النمو مدفوعا بعوامل الإنتاج التقليدية، فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية، أو رأس المال البشري، هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الجديد، المبني على المعرفة، وفي الاقتصاد المبني على المعرفة ترتفع المساهمة النسبية للصناعات المبنية على المعرفة أو تمكينها، وتتمثل في الغالب في الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والرفيعة، مثل الخدمات المالية وخدمات الأعمال التي تجعل الاقتصاد مبنيا على المعرفة والعلم.

فالدول الصناعية الكبرى استفادت كثيرا من إنجازات الثورة العلمية التكنولوجية وسخرتها في صناعتها فوصلت الى مرحلة الاقتصاد المبني على المعرفة " مرحلة ما بعد الاقتصاد المعرفي". اما الدول التي تسعى الى انتاج المعرفة من ابتكار واكتساب ونشر واستعمال وتخزين للمعرفة فهي ما زالت في طور الاقتصاد المعرفي. (صابر عبد المنعم,2018).
ان التداخل بين اقتصاد المعلومات واقتصاد المعرفة يعود الى صعوبة التمييز بين خصائص المنتج المعلومات والمنتج المعرفي، فالمعرفة هي قدرة إدراك الفرد وتعلمه وهذه تتحسن بالمعلومات التي هي معطيات مصاغة ومنظمة وهكذا يصبح الفرق بين المعرفة والمعلومات. ان المعرفة يمكن بلوغها أساسا عن طريق التعليم والتدريب والخبرة المكتسبة، اما المعلومات فيمكن الحصول عليها عن طريق النسخ. المعلومة (Information) حاملة للمعرفة ((Knowledge, والمعرفة حاضنه للمعلومة يلتقيان في الهدف ويتقاطعان في الغاية.

اقتصاد المعلومة: هو المجال الذي يهتم بإنتاج المعلومات ونشرها وتجميعها وتنظيمها وحفظها والإفادة منها فيتشكل نظام المعلومات الذي يحكم تدفق المعلومات في مجال معين. اما اقتصاد المعرفة: فهو المجال الذي يهتم بتحسين رفاهية الافراد والمجتمعات وذلك بدراسة نظم الإنتاج وتصميم المعرفة ثم تطوير هذه النظم من خلال نماذج نظرية تتبع البحث العلمي وتطوير الأدوات العلمية التقنية التي تطبق على العلم الواقعي.
ان اقتصاد المعرفة يهتم بإنتاج المعرفة وصناعتها فالإنتاج يشمل ابتكار واكتساب ونشر واستعمال وتخزين المعرفة. اما صناعة المعرفة فتشمل التربية والتدريب والاستشارات والمؤتمرات والمطبوعات والكتابة والبحث والتطوير R&D.
ان طبيعة مجتمع المعرفة يرتكز على نظم المعلومات الرقمية ويتطلب بنية قوية وسريعة للتواصلات التي تتيح تدفق المعلومات وتكوين قواعد معرفة ضخمة وموزعة في أماكن مختلفة. فليح حسن خلف (2007).

ان إدارة المعرفة تعتمد على المعرفة الضمنية التي تكمن في عقول الافراد وعلى المعرفة المتوفرة في المؤسسة التي تستخدم التكنولوجيا بهدف تسهيل الحصول على تلك المعرفة وجعلها متوفرة للجميع. فهي تتمركز حول الافراد وليس التكنولوجيا. ان اقتصاد المعرفة يرتبط بالابتكار والتجديد والابداع والتطوير حيث يصبح القرار الاقتصادي جزءا منه.


المصادر:
صابر عبد المنعم (2018). اتجاهات ونماذج حديثة في التعليم والتعلم، دار الفكر العربي، القاهرة.
عبد الرحمن الهاشمي وفائزة محمد العزاوي (2007). المنهج والاقتصاد المعرفي، دار المسيرة للنشر، عمان، الأردن.
عفاف أبو سرحان (2008). اقتصاد المعرفة. رسالة المكتبة. جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية. مج 43,ع 4,3. سبتمبر-ديسمبر. ص5-70
فليح حسن خلف (2007). اقتصاد المعرفة، جدار الكتاب العالمي، عمان، الأردن.
 

مقالات متعلقة