الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 03:02

ردًا على تغريدة مُضللة لياسر زعاترة

بقلم: عبد الكريم عزام

عبد الكريم عزام
نُشر: 10/01/22 20:27,  حُتلن: 14:44

الكاتب والإعلامي ياسر زعاترة مؤلف العديد من المؤلفات وله حضور دائم في الفضائيات العربية التي تبث من تركيا وقطر ولندن وصاحب كتاب" لماذا يفشل الاسلاميون سياسيًا"! غرّد تغريدة فيها الكثير من الإفتراء وتشويه الحقائق بحق الحركة الاسلامية ويبدو أن مؤلفه حول فشل الاسلاميين سياسيًا ينقصه فصل مهم غاب عن قلمه.

بداية وبعيدًا عن الجدل حول تاريخ الحركة الإسلامية وما حدث في العام 96 وهو ليس لبّ الأمر، فإن المهم في الرد على الزعاترة وفريته وطرحه المغالي العودة إلى طبيعة العلاقة والنظرة التي يحملها الإسلاميون خارج فلسطين تجاهنا نحن الذين بقينا في وطننا في العام 1948 وخاصة نظرتهم تجاه عملنا السياسي سواءً الإسلامي أم غير الإسلامي.

لقد اعتاد أهلنا خارج فلسطين والإسلاميون من بينهم خاصة، أن يتعاملوا مع قضيتنا نحن في الداخل الفلسطيني من خلال منطق متأثر بواقعهم ومن خلال رؤية تتميز بتبني أنصاف الحقائق وتعاني من جانب من عقدة التهويل والمبالغة في توصيف الأمور وفي استعمال المصطلحات والابجديات المعتادة في واقعهم، ومن جانب آخر من خلال الإحساس بالوصاية علينا نحن الذين بقينا في أرضنا رغما عن خيانات العرب ومآسيهم وصراعاتهم وصفقاتهم.

وللدقة فإن هذا التعامل ينبع أيضًا من أننا نحن في الداخل صدّرنا -بقصد أم بغير قصد- للخارج انطباعًا خاطئًا عن طبيعة حياتنا وعن سياسة أحزابنا كلها ورؤيتها لإدارة الصراع.

إن التيارات السياسية في الداخل الفلسطيني تُجمع على رفض النضال المسلح كوسيلة لنيل الحقوق بل إنها كلها ودون إستثناء تتبنى حل الدولتين والنضال من أجل حقوقهم الكاملة والمساواة التامة ضمن حدود دولة إسرائيل والمواطنة فيها. ولم تصل هذه التيارات لهذه القناعات بليلة وضحاها ولا على اعتبارها أفضل الحلول إنما بعد تجارب متراكمة استعملت فيها وسائل متعددة فرضت علينا ما نحن فيه وبدات هذه الوسائل بالمقاومة المسلحة، أسرة الجهاد نموذجًا، واستمرت بتبني العمل السياسي من خلال المشاركة في انتخابات الكنيست والسلطات المحلية. وبناء مؤسسات مجتمع مدني ينحصر نضالها في الجانب الحقوقي والمطلبي وتثبيت وجودنا فوق أرضنا.

وخلال كل تاريخنا ما عرفنا لغة التخوين حتى في أحلك مراحل تاريخنا كحقبة أحزاب السلطة ووكلائها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وخلال كل تلك العقود انتظرنا فرسان الامة العربية والاسلامية لينقذونا ويحرروا بلادنا حتى تبين لنا أن هؤلاء الفرسان مجرد أصنام خشبية لا تصلح إلا لمعارك وهمية وقمع شعوبها وملاحقة نخبها وكشف الربيع العربي إلى حد التعرية حقيقة هذا الواقع وأكّد لنا افتقار عالمنا العربي إلى أبسط مقومات النهضة والتغيير.

لقد كذبتم علينا يا زعاترة!

وها انت تُخوّن تيارًا أصيلًا لا تعرف عنه إلّا ما يصلك مشوهًا من خلال الجزيرة ووكلائها، ونسيت يا زعاترة وانت من كتب "لماذا يفشل الإسلاميون سياسيًا" أن تسأل نفسك لماذا تبدلت مواقف اخوانك في الاردن تجاه الصراع، لماذا بدلت حماس ميثاقها؟ لماذا لم تقطع تركيا علاقاتها باسرائيل وحافظت على علاقات جدًا حميمية، لماذا أُعدم الرئيس الشهيد مرسي رحمه الله ولماذا وكيف أُجهض الربيع العربي؟

لقد تركت كل الاجابات على هذه الاسئلة وربما تطرقت اليها مجانبا الصواب في ما تكتب بمنطق الحالمين الذين تربوا على الشعارات.

إنك تعلم جيدًا أنت وامثالك من الذين يعتاشون على معاناة الشعوب والتجارة بالقضية أن الخيانة من حولك تمامًا، فما أوقحك وقد جئت لتنصب نفسك قاضيًا علينا إما من لندن أو من تركيا أو من قطر وقصُر لسانك عن نقد هادف موضوعي.

قد يصلك كلامي وأنت في فندق لندني أو حول مائدة استنبولية أو في استوديو فاره قطري، بينما نحن في النقب الذي هو رمز بقائنا، أو في الجليل الذي يعاني من تضييق في المسكن والعمالة وتمييز صارخ في كل مجال. أو ونحن نشيع قتلانا ضحايا الإجرام في واقع تتفشى فيه الجريمة وتهدد بقاءنا في وطننا، أو ونحن نقارع المؤسسة بلغة أقترح عليك أن تتعلمها لتضيفها كفصل في كتابك الذي تُنظِّر فيه حول عوامل "فشل الاسلاميين"!

يا زعاترة بلّغ سلامي لاهلنا في مخيمات اللجوء وفي كل مكان في العالم واخبرهم الحقيقة التي لا يراها أمثالك وهي أننا نحن من يعمل لتبقى روايتنا حية ولا تندثر، نحن الذين نحمل مشروعًا متكاملًا يسعى للتمكين والبقاء وحفظ النفوس بعيدا عن أحلام اليقظة التي تخادعون بها الشعوب المقهورة منذ سبعين سنة! إن الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني منذ تأسيسها أكّدت استقلاليتها في قرارها وفهمها وفقهها وعانت نتيجة ذلك من خطاب تخويني من خارج فلسطين، هذا الخطاب الذي يريدنا جميعنا مجرد عناوين نارية في صحف أو وكلاء لحركات لم تتعلم من دروس التاريخ شيئا!

نحن يا زعاترة لا نريد منك شيئا إلا الدعاء لنا إن كنا ضالين بالهداية، وإن كنا مجتهدين بالصواب، واعلم أن هناك نخبة من قيادات العمل الاسلامي في الداخل والذين قد نختلف معهم في الاجتهاد ما تحدثوا بمنطق التخوين الدخيل على مجتمعنا لأنهم يعيشون بين أهلهم ويعلمون وسع مساحة الاختلاف والاجتهاد وانت من حيث أنت حين تتجرأ وتتبنى لغة التخوين إنما تعكس ضحالة في الفهم والفكر مآلاتها قد رأيناها في تجارب ليست ببعيدة في معظم الحركات الاسلامية المعاصرة. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة